د.سهير عبدالسلام: علينا التأكيد للعالم أن مصر لن تهتز أو تتناحر أو تتشتت د.نجوى الفوال: المرحلة الحالية تشبه عصر محمد على.. وأوروبا استغرقت عقودا لتصل إلى النضج السياسى نبيل زكى: المقاطعة غير مجدية بل المشاركة والمطالبة
تقف مصر الآن، على موعد مع استحقاق انتخابى كبير، يتحدد بناء عليه من يكون صاحب منصب الرئاسة الرفيع، المحمّل بهموم المصريين وآمالهم، وتطلعاتهم نحو المستقبل. إنه ذلك الاستحقاق المتمثل فى ثالث انتخابات رئاسية تشهدها البلاد بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير, التى حددت الهيئة الوطنية للانتخابات موعدا لها؛ يوم 26 مارس لمدة ثلاثة أيام, على أن يسبق هذا الموعد إجراء الانتخابات للمصريين فى الخارج أيام 16 و17 و18 مارس. .............................................. وبعد كل ما جرى من تطورات فى المجتمع على مدى سنوات، طرحنا هنا كل التساؤلات، حول المشهد العام للانتخابات الرئاسية المقبلة، وما تمثله، ومدى تطور الوعى السياسى فى الشارع بعد ثورتين شعبيتين كبيرتين, فى ظل التحديات والآمال والآلام. وفى السطور المقبلة، نعرض آراء الخبراء والمتخصصين، وما قدموه لنا من إجابات. الدكتورة سهير عبد السلام أستاذ الفلسفة السياسية وعميدة كلية الآداب بجامعة حلوان قالت إن العملية الانتخابية مظهر من مظاهر الديمقراطية, وتتطلب مشاركة سياسية تعبر عن ايجابية الشعب وتحقق مصالح الوطن, وتنبع هذه المشاركة من الوعى السياسى لدى المواطن، ذلك الوعى الذى يحتاج إعادة صياغة بعد ما لاقاه فى السنوات السابقة من تشويش وتشتت من جهات معارضة وقنوات فضائية متناقضة ونخبة غير منتمية وتيارات موجهة من الداخل والخارج لإحداث هذا التشتت، موضحة أن المشاركة السياسية ركن مهم من أركان المواطنة، فإذا كان للمواطن حق المساواة فإن عليه المشاركة, وإذا كان يتمتع بالخدمات الصحية والاجتماعية التى تقدمها الدولة فعليه بالإسهام والمشاركة فى بناء الوطن وقيامه على أسس سليمة. وترى سهير عبدالسلام أن المرحلة الحالية هى مرحلة حرجة فى تاريخ مصر والعالم العربي, واذا كان الأمن القومى يحظر كشف بعض المعلومات حفاظا على أمن الوطن, فإن كل المؤشرات العالمية والتجارب التى مرت بها الدول العربية تتحدث عن التحديات الكبيرة التى تواجه الوطن والتى تتطلب أن يصطف الشعب المصرى كله بنياناً واحداً لمواجهة تلك التحديات والصمود وأن يثبت للعالم أن مصر لن تهتز ولن تتناحر ولن تتشتت, وهذه المرحلة قد تؤدى أى اضطربات فيها إلى ايجاد المبرر للقوى العالمية الغاشمة لركوب الأحداث والتدخل فى أمور البلاد بخطط محكمة يندفع وراءها أصحاب المصالح الخاصة. وتؤكد الدكتورة سهير عبدالسلام أن الانتماء الوطنى يفرض على كل مواطن مصرى أن يقف أمام صندوق الانتخابات ليدلى بصوته, وأن يحافظ على استقرار مصر لتمضى فى مشروعاتها العملاقة التى سوف تنتقل بها من حيز الدول النامية إلى المنافسة العالمية. وتوقعت أن تأتى نسب المشاركة فى الانتخابات المقبلة مرتفعة للغاية, ويرجع ذلك لتفهم غالبية الشعب طبيعة المرحلة, وادراكه للمخاطر التى تحيط بنا, وإيمانه بأن القيادة الحالية الممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى قد حققت الاستقرار للشعب ووفرت له الأمن والأمان وهو ما عجز عنه كثير من القيادات بالدول العربية, وعلى الشعب أن يدلى برأيه وأن يشارك فى صناعة تاريخه. مرحلة النضج ومن جانبها، أشارت الدكتورة نجوى الفوال أستاذ الاعلام السياسى إلى أن الحياة السياسية فى مصر مازالت فى طور النضوج نتيجة تجريف التربة السياسية على مدى عقود طويلة, وأن الناس حتى الآن ليس لديها ثقافة الحياة الحزبية, وهذه المرحلة سوف تستغرق عقودا حتى تنضج الحياة السياسية, ففى أوروبا استغرقت مرحلة النضج السياسى عدة قرون عانت فيها أوروبا من أحوال صعبة. وقالت إن الخيار المطروح فى الانتخابات الرئاسية المقبلة هو ثورة 30 يونيو التى قامت على حكم مايسمى بالاسلام السياسى وهو حكم جماعة الاخوان، مضيفة أن 99.9% من الشعب المصرى يرفض هذا الحكم, والشعب لديه الآن نوع من الوعى العميق فحتى العامل والفلاح البسيط يستطيع أن يميز بين ما هو فى مصلحة وطنه وما هو زيف وتتخفى وراءه قوى تضر بالوطن, وهذا الوعى يجب أن ينعكس بالمشاركة الفعلية فى الانتخابات وألا يكتفى المواطن بمقعد المتفرج. واعتبرت أن المرحلة التى تمر بها مصر فاصلة فى تاريخها, وتشبهمرحلة محمد على (مرحلة النهضة) فنفس القوى الغربية لا تريد الآن لبلادنا أن تنهض بقوة, ومصر الآن على المحك وشعبها قادر على أن يحميها، والجيش المصرى قادر على رفع رايتها, فهو ليس منفصلا عن الشعب بل هو طليعة الشعب المصرى؛ أولاد الفلاحين والعمال والأطباء والمهندسين وهم مستعدون للدفاع عن الوطن بأرواحهم. وترى الدكتورة نجوى الفوال أستاذ الاعلام السياسى أن خروج الانتخابات بمشاركة كبيرة رسالة للعالم , وأن هذه المشاركة الكبيرة سوف تكون من عامة الشعب البسطاء فهم الكتلة الحرجة وهم المواطنون الحقيقيون, كما أن المرأة التى لديها عاطفة وطنية قوية وهى أيقونة ثورة 30 يونيو, وسبق أن شاركت بقوة فى الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية الماضية, لحرصها على مصلحة الأجيال المقبلة ومستقبل أولادها، ومن المتوقع أن تكون فى مقدمة الصفوف لتشارك بقوة فى الانتخابات المقبلة. انتخابات فى محيط مضطرب يقول نبيل زكى القيادى بحزب التجمع: عندما أتحدث عن الانتخابات الرئاسية فى مصر لا أستطيع أن أتحدث عنها بعيداً عن المحيط الاقليمى والدولي, الذى يشير إلى أن هناك عداء ومؤامرات كبرى على مصر, ومن مؤشرات هذا العداء خطط أمريكية لتقليل المعونة لمصر, و رفض اعتبار الاخوان منظمة ارهابية, ومواصلة أمريكا دعم المنظمات الارهابية فى بعض الدول العربية, وبناء على ذلك يجب أن يكون هدفى كمصرى استئصال جذور الارهاب من الأرض المصرية وحماية الحدود المصرية, وأجدر شخص قادر على القيام بهذه المهمة الرئيس عبد الفتاح السيسى. وحان الوقت كى ننتهى من كابوس جماعة الاخوان الذى بدأ فى 1928 والتى تسعى إلى محاربة الوطنية المصرية واستقلال الارادة المصرية . ويعتقد نبيل زكى أن هناك وعيا قويا لدى المواطن, لكن البعض يحتاج للتوعية لأن المقاطعة تصب فى خانة الإخوان, ويقول: لابد أن نتعلم من التاريخ وما فيه من اغتيالات وخيانة للوطن, فإذا لم تشارك فذلك أكبر خدمة لجماعة الاخوان، مضيفا أنه إذا كانت هناك مطالب لبعض القطاعات فإن مقاطعة الانتخابات لن تحقق تلك المطالب, ولكن طريق تحقيقها هو المشاركة والمطالبة، وخطاب الرئيس عبد الفتاح السيسى عن «كشف حساب» الذى قال فيه: «ألمس ما تعانيه الطبقات البسيطة والمتوسطة من أعباء معيشية وأؤكد أننى لن أدخر جهداً لكى أفعل كل ما فى وسعى للتخفيف من هذه الأعباء» يوضح أن الرئيس يعرف ما يعانيه المواطن وأن القادم أفضل. مكاسب 25 يناير طارق تهامى سكرتير مساعد حزب الوفد قال إن أحد المكاسب التى حصلنا عليها خلال المرحلة الأخيرة وبعد سنوات طويلة من الكفاح أن تكون لدينا انتخابات رئاسية تعددية كل أربع سنوات, وهو مكسب كبير تحقق بتعديل الدستور بعد ثورة 25 يناير , وهذا المكسب يجب الحفاظ عليه وترسيخه بالمشاركة وقيام كل مواطن بالإدلاء بصوته. وأضاف: فى أثناء حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك كان هناك عزوفا عن المشاركة لأسباب نعرفها جميعا, ولكن بعد مرحلة ثورة 25 يناير هناك ازدياد كبير فى المشاركة، مؤكدا أن لدينا مرشحا قويا له دور كبير فى القضاء على الارهاب وهو الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولذا فإن علينا النزول إلى صناديق الانتخابات والمشاركة بفاعلية وقوة لاختيار المرشح الذى سوف يتولى المسئولية. وأوضح سكرتير مساعد حزب الوفد أن الدستور وضع فى حسبانه أنه فى حالة وجود مرشح واحد وجوب الحصول على نسبة معينة من إجمالى أصوات الناخبين. وهو ما لا ينطبق على الانتخابات المقبلة حيث إن العملية الانتخابية تجرى بوجود اثنين من المرشحين, وهو ما يستوجب استبعاد فكرة عدم المشاركة تماما. مشيرا إلى أن المشاركة تعنى الواجب وهى مهمة كل من تم ادراجه فى كشوف الناخبين, واهدار هذا الواجب يؤدى إلى نتائج سلبية تعود علينا جميعا. وأضاف أنه يرى أن هناك عقلا جمعيا للمصريين يدرك تماما المخاطر التى تحدق بنا, ولكن الخطر الحقيقى يكمن فى الاتكال أو التواكل بأن هناك مرشحا قويا سوف يفوز, فالواقع أن المرشح القوى يحتاج منا النزول والمشاركة بالإدلاء بأصواتنا للتأكيد على اختياره تدعيما له. حروب ومؤامرات وشائعات وتقول الدكتورة وفاء سمير أستاذ علم الاجتماع إنه على الرغم من الأجواء البغيضة المحيطة حاليا من حروب ومؤامرات وشائعات، لا بد من القول إن النظام السياسى المصرى الذى ولد بعد ثورة 30 يونيو والإطاحة بجماعة الإخوان فى 2013, عمل على تثبيت إعادة الثقة فى الدولة ومنع انهيارها، بعد احتمالات انضمامها إلى قائمة الانهيارات العربية، وجاءت الانتخابات الرئاسية فى 2014 والتى حظى فيها الرئيس عبد الفتاح السيسى بتأييد الشعب المصرى ومن ثم انتقل الرئيس إلى عملية بناء المشروعات القومية، والإصلاحات الاقتصادية، وهى عملية تجاوزت القرارات الآنية لتصبح عملية مستمرة تستهدف الأجيال المقبلة عبر حل المشكلات العاجلة فى الإسكان، والارتقاء بالبنية الأساسية، والتى على أساسها تم إطلاق عملية تنمية كبرى لكل الأقاليم المصرية رغم محدودية الإمكانات والموارد، علما بأن كل ذلك يتم فى ظل عملية الحرب الشاملة على الإرهاب سواء كان قادما من الإقليم أو من خارجه، والذى يستهدف تحطيم الدولة المصرية، ويتزامن كل ذلك مع الانتخابات الرئاسية القادمة مارس 2018 وهو ما يحيط هذه الانتخابات بالعديد من التحديات. وتوضح الدكتورة وفاء سمير أنه دائما ما يشغل بال المصريين فى الانتخابات السؤال حول أيهم أفضل لمصر ومستقبلها؟ لكن لا يوجد منافس حقيقى فى هذه الانتخابات بعد تراجع العديد من المرشحين الفولكلوريين، أو الوجوه التى تكرر فشلها فى الانتخابات الرئاسية، وهو ما يعكس مدى الضعف الشديد الذى تعانى منه الأحزاب السياسية فى مصر والتى بلغ عددها ما يقرب من 105 أحزاب, الأمر الذى يكشف هشاشة الأحزاب السياسية والمعارضة فى مصر. وتضيف: إن علينا أن نثبت أن التطور الذى حققه الشعب المصرى منذ ثورة يناير وبنيته الأساسية للنظام السياسى تنمو هى الأخرى، بشكل يتوازن مع تطور مصر الاقتصادى، وتتزايد قدرتها ودورها فى محيطها الإقليمى والعالمى، لذا يجب أن يشارك ملايين المصريين ممن لهم حق التصويت فى العملية الانتخابية؛ لأن هذا الحضور سيؤكد قدرة ومتانة الدولة المصرية وتكيفها ومرونتها وقدرتها على التصدى لما يحاك لها، أو من يترصد بها، سواء فى الداخل أو الخارج.