رغم اهتمام الخديوى إسماعيل ونجله الملك فؤاد بتأسيس الجمعيات العلمية، إلا أنهما لم يهتما بتأسيس جمعية للتاريخ، إلى أن بادر المؤرخ الدكتور «محمد شفيق غربال» بعد عودته من إنجلترا، بالاتصال بالقصر الملكى ومطالبته بتأسيس جمعية تاريخية، حتى صدر المرسوم الملكى بإنشاء الجمعية الملكية للدراسات التاريخية عام 1945، وتعيين «محمد طاهر باشا» كأول رئيس لمجلس إدارتها. وخلفه د.«محمد شفيق غربال» ليضع للجمعية دستورا علميا وإداريا لتنظيم وتشجيع البحوث التاريخية، وطالب الحكومة بتعديل لائحة دار المحفوظات التى تنص على إعدام السجلات بعد مرور فترة زمنية محددة، واستشارة المؤرخين فى مدى أهمية السجلات لأنها ملك للتاريخ، وقام بإصدار «المجلة التاريخية» وسلسلة كتب بعنوان «المكتبة التاريخية» صدر منها 15 كتابا بين عامى 1958 و1968، ومن أبرزها التاريخ والمؤرخون فى مصر للدكتور الشيّال والجامعات الأوروبية فى العصور الوسطى للدكتورسعيد عاشور، بجانب عقد المؤتمرات وتنظيم الندوات ودعوة الباحثين والمؤرخين العرب والأجانب مثل المؤرخ البريطانى أرنولد توينبي، كما أنشئت مكتبة علمية تضم آلاف الكتب والمراجع العربية والأجنبية. ولكن فى السنوات الأخيرة تراجع دعمها ماليا ونقل مقرها بعيدا عن منطقة وسط القاهرة العالمية وحول تلك المتغيرات التى لحقت بها وتأثيره على دورها كان هذا الحوار مع د.«أيمن فؤاد» الرئيس الحالى للجمعية المصرية للدراسات التاريخية. الجمعية المصرية للدراسات التاريخية الأولى من نوعها فى الشرق الأوسط لكنها تفتقر الدعم المناسب لتطوير أنشطتها؟ لأن الجمعية المصرية للدراسات التاريخية تتبع وزارة التضامن الاجتماعي، فهى مثل أى جمعية أهلية أخرى تتلقى ما يقرب من 3 آلاف جنيه فقط وهى لا تكفى لتنفيذ أجندتنا السنوية، وسبق أن تلقينا مبلغ 10 آلاف جنيه من وزارة التعليم العالى بمناسبة افتتاح المقر الجديد للجمعية عام 2001، و20 ألفا من صندوق التنمية الثقافية ووزارة الشباب والرياضة نظير تدريب تأهيلى للمدرسين، حتى المقر الحالى للجمعية جاء هدية من الشيخ «سلطان القاسمي» حاكم إمارة الشارقة، إضافة إلى وديعة باسم الجمعية فى أحد البنوك نستخدم ريعها لدفع رواتب العاملين، كما أن الاشتراك السنوى لعضوية الجمعية 20 جنيها فقط ومع ذلك الإقبال ضعيف من جانب الباحثين الشبان لبعد مقر الجمعية الجديد عن منطقة وسط القاهرة، أما المجلة فهى إصدار سنوى واحتفلنا مؤخرا بيوبيلها الذهبي، وتتولى هيئة الكتاب طباعتها وتحصل على الأبحاث دون أن تعطينا أى مقابل سوى عدة نسخ نوزعها على الأساتذة المتخصصين، كما تمنح الجمعية جوائز تشجيعية رمزية لأصحاب أفضل رسائل الماجستير والدكتوراه التى ترشحها لنا الجامعات. وهل تستطيعون إقامة المواسم الثقافية كما كان سابقا؟ الموسم الثقافى يقام فى موعده بدءا من أبريل ويشمل مؤتمرا سنويا ندعو إليه الباحثين والمؤرخين المصريين فقط، ولا نستطيع دعوة نظرائهم الأجانب، لأن إمكاناتنا لا تسمح بدفع ثمن تذاكر الطائرات وتكاليف الإقامة فى الفنادق ونستعد حاليا للمؤتمر الجديد و«عنوانه المياه والمجتمعات عبر العصور» فى العام المقبل، بجانب ندوات ومحاضرات تعقد فى السبت الثالث من كل شهر تتناول آخر المستجدات على الساحة السياسية وكذلك سيمنارات متخصصة لمناقشة المراحل التاريخية المختلفة بعرض الباحثين لرسائل الماجستير والدكتوراه وتصدر هذه الفعاليات فى كتب خاصة. ما مدى التنسيق بينكم وبين المؤسسات والهيئات الثقافية فيما يتعلق بالخبرات فى مجال المكتبة وغيرها وهل توقف تزويدها بأحدث المراجع التاريخية؟ جميع الخبراء الذين يديرون العمل بالجمعية كانوا يعملون بدار الكتب والوثائق القومية كما أن أعضاء الجمعية أيضاء أعضاء بالمراكز المتخصصة بها، كما أننا نتبادل الخبرات مع اتحاد المؤرخين العرب. فى حين لا توجد أدنى صلة مع وزارة التعليم التى سبق وأسندت إلينا مهمة تدريب المدرسين مقابل مبلغ مالى لدعم الجمعية. أما بالنسبة للمكتبة فهى تضم أكثر من 50 ألف كتاب بعضها مجموعات شخصية، إهداءات من أساتذة التاريخ للجمعية، ونقتنى نسخة أصلية من كتاب وصف مصر فى طبعته الأولي، ومحاضر البرلمان، ورسائل جامعية ودوريات علمية، لكننا لا نتمكن من شراء الكتب الجديدة ونكتفى بقبول الإهداءات فقط. وما مقترحاتكم لتوفير الدعم المناسب لتطوير أنشطة الجمعية؟ الجمعيات العلمية بصفة عامة مثل الجمعية الجغرافية والجمعية الفلسفية وغيرها بأمس الحاجة إلى لائحة مختلفة عن بقية الجمعيات الأهلية تكفل لها تمويلا قويا فى أقرب وقت كى نفى بالتزاماتنا نحو الباحثين فى مجال العلوم الإنسانية.