* نواب بالبرلمان: نطالب الهيئة بمنح حوافز ومميزات للمستثمر المحلى وسننافس بقوة على الاستثمار بالصناعة * خبراء التخطيط الإقليمى: إحداث تكامل بين محافظاتالجنوب فى تنفيذ المشروعات الكبرى * وكيل لجنة الصناعة بالنواب: الأولوية للثروة المعدنية و«منجم السكري» وحده يدر 1.5 مليار جنيه سنويا * خبراءالاقتصاد: معدل النمو السكانى بالصعيد 2.6% ونحتاج إلى 7.8% نمواً اقتصادياً فى المقابل
«تنمية الصعيد» مقولة ترددت كثيرا على مدى ثلاثة عقود ، ولكن لم يلمسها أحد على أرض الواقع، ومرت سنوات عانى فيها الصعيد الإهمال والتهميش وكان لابد من إعادة النظر إليه. البداية ليست وليدة اليوم أو الأمس ومؤخرا صدر قرار مجلس الوزراء إنشاء هيئة لتنمية جنوب الصعيد تهدف إلى وضع خطة للإسراع بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية الشاملة لمناطق إقليم جنوب الصعيد، بمشاركة أهله فى مشروعات التنمية وكفالة تنفيذها. هذاالقرار جاء بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية وطلبه تقريرا حول الخطوات الجارى اتخاذها لإنشاء «الهيئة العامة لتنمية جنوب الصعيد» التى تم الإعلان عنها فى إطار التوصيات الصادرة عن المؤتمر الوطنى الثالث للشباب الذى عقد بأسوان فى يناير من العام الماضى والتى تهدف إلى توفير فرص عمل لأهالى الصعيد والارتقاء بالخدمات العامة المقدمة لهم.
الحقيقة بدأت قبل هذا التاريخ عندما أعلن الرئيس فى برنامجه الانتخابى قبل 4 سنوات دعمه للصعيد وانحيازه لأهاليه وطلبه إحداث تنمية صناعية حقيقية وخلق تجمعات صناعية متكاملة فى مختلف محافظات الصعيد، تعتمد بصفة أساسية على الميزات التنافسية لكل محافظة وجاء قرار إنشاء الهيئة وفق رؤية وإستراتيجية الدولة لدعم الصناعة بمصر 2030 ومن داخلها تنمية الصعيد، هذه الخطوة لاقت تقديرا وترحيبا من الخبراء الاقتصاديين وأساتذة التخطيط، قبل أهالى الصعيد، كخطوة مهمة فى بناء اقتصاد قوى ومتماسك لايعتمد على المركزية بقدر اعتماده على التخطيط المدروس، وهذا ما نرصده فى السطور المقبلة.
النهوض بالصعيد يقول النائب محمد إسماعيل، أمين سر لجنة الإسكان بمجلس النواب وأحد نواب الصعيد: نحن الممثلين عن أبناء الصعيد نثمن أى خطوة تقوم بها الحكومة فى سبيل النهوض به وتنميته وحل مشاكله خاصة أنه ظل مهملا لفترات طويلة، ومحافظاتسوهاج والأقصر وقناوأسوان بها كم كبير من الثروات الطبيعية والاستثمار فى تنمية مواردها سيؤتى ثماره عما قريب..والتنمية فى الصعيد بدأت وانطلقت بالفعل و محافظاته ستنافس بقوة فى المستقبل على الاستثمار فى الصناعة بصفة خاصة، فمحافظتا قنا وأسيوط تزدهر بهما صناعة الأسمنت، و المنيا تشتهر بصناعة كربونات البوتاسيوم، وبنى سويف تتميز بصناعة الأسمدة والحديد والسيراميك، وأيضا سوهاج دخلت بها صناعة السيراميك والمحاليل.
جذب الاستثمارات أكد النائب أن الرئيس عبد الفتاح السيسى مهتم بتنمية الصعيد، لأنه أول رئيس جمهورية من السبعينيات حتى الآن يزوره 3 مرات خلال سنتين، وهو مؤشر لاهتمامه البالغ به والمشروع القومى لتنمية محافظات الصعيد ودعمه على حميع المستويات تجسيد لذلك فقد زارالرئيس أسوانوقنا لافتتاح مشروعات كما وضع حزمة من الإجراءات والحوافز لجذب الاستثمارات مثل المثلث الذهبى وهو أحد المشروعات القومية فى قنا، فهناك اهتمام من قبل الدولة بالاستثمار فى الصعيد، وأضاف إسماعيل :«أتطلع إلى أن تمنح هيئة تنمية جنوب الصعيد حوافز ومميزات للمستثمر المحلى لا تقل عن المستثمر الأجنبى فى مشروعات بالصعيد»، فقد سبق أن منحت الدولة أراضى مرفقة بالمجان من بنى سويف حتى أسوان تشجيعا للشباب والمستثمرين، ووضعت خطة مستقبلية لتنمية ما تملكه كل محافظة من مقومات وموارد وفرص استثمارية بعد سنوات من الإهمال على الخريطة التنموية للدولة.
تشجيع الاستثمار ووصف الدكتور سامى عامر أستاذ التخطيط الإقليمى بكلية التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة قرار إنشاء هيئة عليا لتنمية جنوب صعيد مصر بأنه يمثل رؤية جديدة لتنمية محافظات الصعيد وقرار مهم جاء فى توقيته وله دلالته، فهو يشير إلى أنه أصبح هناك اهتمام حقيقى بالصعيد يعكس توجه الدولة إلى الاهتمام بالأقاليم ويهدف إلى إحداث طفرة تنموية بها والحد من التفاوت فى معدلات التنمية بين إقليم وآخر، إضافة إلى إحداث تكامل بين محافظاتجنوب الصعيد فى تنفيذ المشروعات الكبرى التى تستفيد منها أكثر من محافظة، وتحقيق هدف رئيسى من إنشاء الهيئة بالجمع ما بين المركزية واللامركزية فى التنسيق والتنفيذ بين محافظات الإقليم الواحد تحت مظلة مجلس الوزراء. . وأشار إلى أن الاستفادة من الميزات التى توفرها الهيئة للمحافظات من خبراء تنمية وتخطيط واقتصاديين، غير موجودة بالمحليات وجمعها فى بوتقة واحدة لدعم الخبرات بالجانب المركزى سيسهم فى الحد من التفاوت فى الخبرات من محافظة إلى أخرى، وتشجيع الاستثمار والمستثمرين نحو المشروعات الكبرى، وخلق حلقة وصل بين مجلس الوزراء والمحليات مباشرة، خاصة أن هذه المحافظات لديها دراسات وتصورات واضحة حول المشاكل التى تواجهها ودور هيئة تنمية جنوب الصعيد حيوى ومهم لأنه سيضع الحلول موضع التنفيذ ويدعم هذه السياسات وفق خطة زمنية محددة، بما يتوافق مع إستراتيجية الدولة للتنمية بشكل عام.
رؤية شاملة بينما يرى الدكتور محمد بدراوى وكيل لجنة الصناعة بمجلس النواب أن مشروع قانون إنشاء هيئة عليا لتنمية جنوب صعيد مصر الذى طرحته الحكومة الآن يتفق مع برنامجها الذى عرض على البرلمان عام 2016،فقد كان أحد المشروعات القومية المقدمة فيه، وأوضح أن محافظاتجنوب الصعيد «قناوسوهاج والأقصر وأسوان»محافظات على رأس أولوية إستراتيجية الحكومة للتنمية فى هذا الإقليم لما يتميز به خصائص وسمات ينفرد بها عن باقى أقاليم الجمهورية. .و الفكرة الأساسية التى تلجأ الدولة إليها لإحداث طفرات تنموية مخططة على أساس علمى واقتصادى مدروس فى أطراف الجمهورية «مؤشر» على أننا نسير فى الطريق الصحيح، فعندما نتحدث عن جنوب الصعيد فنحن نتحدث عن تنمية الثروة المعدنية التى تزخر بها هذه المنطقة من ذهب ومنجنيز وأحجار كريمة وحجر جيرى بكميات كبيرة، وعلى سبيل المثال «منجم السكري» يدر 1.5 مليار جنيه سنويا للدولة، وهذا منجم واحد فقط، فماذا سيحدث إذا تمت اكتشافات أخرى؟
المثلث الذهبي وأضاف بدراوي: إننا عندما نتحدث عن «المثلث الذهبي» أحد أهم المشروعات القومية الكبرى، فإن الحكومة تتجه إلى إنشاء هيئات وكيانات اقتصادية ترصد لها استثمارات وتدير أموالها بشكل اقتصادى بعيدا عن ميزانية الدولة التى تئن بالأعباء والالتزامات ويكون لها مخصصات مالية ويوضع لها لوائح تنفيذية ومجالس إدارات تنظم عملها تحت إشراف مجلس الوزراء، وهو ما يؤكد أن الدولة لديها رؤية شاملة وإستراتيجية متكاملة فى التنمية سواء فى جنوب الصعيد أو سيناء فى الشمال الشرقى أو الساحل الشمالى بالغرب وأن المشروعات الجديدة بالمحافظات مخطط لها جيدا ولفت الانتباه الى بعض النقاط حتى تنجح هذه الخطط وتؤتى ثمارها، من أبرزها: هل انتهت الحكومة من التقسيم الإدارى للحدود بين المحافظات؟ فلكل محافظة ظهير صحراوي.. ما هى الحدود الجغرافية لهيئة تنمية جنوب الصعيد؟ وما هى حدود ولايتها ؟هل هناك مخصصات مالية واستثمارية محددة للتنفيذ ؟ هل هناك جدول زمنى ؟ وهل هناك مستهدف اقتصادى واجتماعي واضح؟ كيف سيتم إيجاد بيئة جاذبة للاستثمار وتوفير فرص عمل؟ وكيف سينعكس ذلك كله على معيشة المواطنين؟ وأشار الى أن هناك بعض المشاكل المعروفة عن شمال وجنوب الصعيد منها ارتفاع معدلات الفقر بنسبة تصل إلى 48% وارتفاع معدلات الأمية والتسرب من التعليم والبطالة، كيف ستتم مواجهتها؟ كيف سيتم مراعاة التوزيع العادل للموارد خاصة أننا نعيش على 7.5% من الأرض فى كل محافظات مصر؟
التخطيط بالمشاركة وترى الدكتورة هالة أبو على أستاذة الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة وعضوة مجلس النواب أن الهدف من إنشاء الهيئة وهو تنمية جنوب الصعيد يجب أن يتفق مع رؤية مصر للتنمية عام 2030 لأن فكرة تحقيق التنمية المستدامة هى الفكرة الأشمل للتنمية فى كل ربوع مصر. ومعظم مؤشرات التنمية البشرية بالصعيد للأسف سلبية على كل المستويات - سواء فى الفقر أو التسرب من التعليم والأمية والبطالة ونسب الزيادة السكانية المفزعة -وكل هذه المفردات تفرض على الدولة التدخل بوضع رؤية إستراتيجية واضحة المعالم لاقتحام هذه المشكلات الموجودة فى الواقع منذ فترات زمنية طويلة ولكن مواجهتها والقضاء عليها لم يتم حتى الآن بشكل جدي..وهناك ضرورة للتخطيط بالمشاركة و إجراء حوار مجتمعى لتحديد الأولويات والأخذ فى الاعتبار ثقافة المكان وشعور أهالى الصعيد بأهمية هذه المشروعات وملكيتهم لها لأنه سيخلق لديهم الاحساس بالمشاركة فى التنمية، ويجب أن يكون على رأس قائمة الاهتمامات قضية التعليم والصحة والفقر وخلق فرص عمل للشباب، ووضع خطط لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الحرف اليدوية التى تنتشر بالصعيد ولابد من منح أزمة الزيادة السكانية فى الصعيد اهتماما كبيرا، وعدم اختزالها فى تنظيم الأسرة،والتوعية بخطورتها على مشروعات التنمية البشرية وأن يسبق ذلك دراسات للخصائص السكانية لأن النمو الاقتصادى فى الأماكن التى بها زيادة سكانية مرتفعة يجب أن يكون ثلاثة أضعاف معدلات النمو السكانى حتى تؤتى التنمية ثمارها، فمعدل النمو السكانى بالصعيد 2.6% ونحتاج إلى 7.8% نمواً اقتصادياً وهذا الأمر ليس بالسهل، مشيرة إلى أن هيئة تنمية الصعيد خطوة جيدة للتأكيد على اهتمام الحكومة به ويجب أن يحظى بنصيبه من التنمية المستديمة.