تحملت الكثير حتي فاض الكيل ولم أعد بإمكاني تحمل المزيد، القسوة تجلب القسوة وغياب الرحمة لا يقابله إلا الجفاء، لم أكن أتصور أن ينصاع ابني أمام رغبات زوجته، وأن يفعل هذا بابنه الصغير أيا كانت الأسباب، ومهما كانت الأفعال بعد أن حرم حضن أمه ليتجرع كل هذه القسوة والعذاب علي يد أبيه. كانت هذه كلمات أم عجوز لم تجد أمامها رغم كل ما تحمله من مشاعر الأمومة الطاغية والحنان إلا التوجه لمركزالشرطة للإبلاغ عن ابنها وتحرير محضر ضده لوقف نزيف إيذائه نجله وتعذيبه، فهو «أعز الولد» وربما في محاولتها إنقاذه إنقاذ للولد أوالأب أيضا بمنعه من الإمعان والمضي في ظلمه. كان والدا الصغير «ي» قد افترقا منذ أن كان رضيعا ليدفع هو فاتورة الانفصال بعد أن آثر الأب الزواج مرة ثانية واستئناف حياته وجلب زوجته الجديدة للمنزل دون أن يفكر لحظة في الصغير وهل سيستطيع التوافق مع وضعه الجديد لينجب بعدها الأطفال واحدا تلو الآخر ويوزع عليهم حنانه فيما يشب ابنه الأول علي الحرمان مابين غياب الأم وقسوة الأب وزوجته التي لم تكن ترتضيه شريكا في حياتهم وتعتبره ندا بل عدوا ينبغي إزاحته وإبعاده لضمان صفوها وحتي ينعم أبناؤها بأب لا يشاركهم فيه أحد حتي لو كان ابنه فلذة كبده الأكبر ومن يناديها ب«ماما».. وتروي الجدة أنها لطالما نبهت ابنها والد الطفل إلي قسوته المفرطة مع ابنه دون فائدة فبعد أن كان يهدأ سرعان ما كان يعود مرة أخري لضربه وإهانته وفي كل مرة بتحريض من زوجته التي كانت حريصة علي أن توغر صدره ضده ولا أعلم كيف كان يطاوعه قلبه ويستجيب لها حتي إنها كانت هي من تمسك به ليضربه دون أن يتحرك قلبها كامرأة أو إنسانة لصراخه وبكائه من شدة الضرب، رغم كبر سني كنت أحاول أن ألبي أكثر احتياجاته حتي لا يشكل عبئا إضافيا عليها كنت أقوم بتحضير الطعام له وكنت أتألم كثيرا عندما أري تعنيفه ونهره لابنه وعقابه لأتفه الأسباب في الوقت الذي يدلل فيه أبناءه من زوجته الثانية. وفيما وقف الطفل البائس يروي كيف كان يعامله والده وزوجته وطرق تعذيبه من تقييد وضرب مبرح والقسوة المفرطة لمجرد طلبه لأشياء أو اعتراضه وقف الأب مدافعا عن نفسه ليؤكد في أقواله بعد مواجهته أنه لا يوجد من يحب ابنه أكثر منه لكنه اعترف بتعذيبه. وكان اللواء رضا طبلية مدير أمن الشرقية فور تلقي بلاغ بالواقعة أمر بسرعة القبض علي المتهم من خلال فريق باشراف اللواء محمد والي مدير مباحث الشرقية وتمكنت القوات من تحديد مكانه من خلال فريق بحث أشرف عليه اللواء محمود خليل مساعد مدير الإدارة العامة للمباحث الجنائية بقطاع الأمن العام. وأمام نيابة بلبيس التي باشرت التحقيق برئاسة محمد لاشين رئيس النيابة مع الأب القاسي وزوجته لم يجد بدا أمام ضعف حججه وفداحة تصرفه إلا أن يقرر حبسه وزوجته علي ذمة التحقيق بتهمة احتجاز الطفل وتعذيبه.