حتي وقت قريب كانت مدينة البعوث الإسلامية وخريجو جامعة الأزهر من مختلف الدول الأفريقية والعربية والإسلامية هم إحدي القوي الناعمة لمصر جاءوا الي بلد الأزهر الشريف طلابا للعلم, وعادوا الي بلادهم مفتين وعلماء دين ووزراء ورؤساء حكومات لا تكاد تخلو منهم دولة. وهم في كل الأحوال عاودا حاملين في قلوبهم حبهم لمصر والمصريين وبلد الأزهر. وبعد سنوات عديدة من تجاهل أبناء الأزهر في الخارج, أطلق الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب, شيخ الأزهر, عام2007 مبادرته حين كان رئيسا لجامعة الأزهر بتأسيس الرابطة العالمية لخريجي الأزهر من مختلف دول العالم, وأولي الإمام الأكبر منذ ذلك الحين وحتي الآن اهتماما بالغا بنشاط الرابطة في الداخل والخارج فتأسست لها أفرع في11 دولة أوروبية وآسيوية ينشرون فكر الأزهر ووسطيته واعتداله في ربوع العالم. أسامة ياسين نائب رئيس الرابطة العالمية لخريجي الأزهر, هو أحد من يقف وراء هذا العمل الناجح, ومن تعاملوا معه عن قرب علي المستوي الشخصي والإنساني.. أشادوا بدقته والتزامه وأدائه المتميز فيما يقوم به ويسند إليه من مهام.. والعمل في صمت, وكثيرا ما يفاجئنا بإنجاز تلو الإنجاز وهو ما يضاف للأزهر وينتفع به الخريجون حول العالم.. وفي حوار مفتوح كشف أسامة ياسين عن أهداف الرابطة ونشأتها ومصادر التمويل, والعديد من الأمور التي تهم الأزهريين والوافدين, وإلي نص الحوار. بداية نود أن تعطينا نبذة مختصرة عن الرابطة.. كيف نشأت وما هي أهدافها؟ الرابطة العالمية لخريجي الأزهر هي منظمة غير حكومية يرأس مجلس إدارتها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر, وتم إنشاؤها عام2007 وفقا للقانون المصري, وتستهدف الوصول إلي جميع الأزهريين في جميع أنحاء العالم ومد مظلتها إليهم وإنشاء قاعدة بيانات لهم, والتواصل معهم, وتقديم المساعدات لهم, وحل مشكلاتهم, وصولا إلي الاستفادة من هؤلاء الأزهريين المنتشرين في مصر والعالم ليكونوا سفراء للإسلام وللأزهر كل في بلاده من أجل ترسيخ وسطية الإسلام واعتداله كما يتم تدريسه بالأزهر, بالإضافة إلي تحسين الصورة الذهنية المغلوطة عن الإسلام في الغرب من خلال بعض المتعصبين, وكذا محاربة الغلو والتطرف.فالأزهريون مطالبون بالقيام بهذا الدور بما حصلوه من دراسة معتدلة بالأزهر. وما هي الأنشطة والخدمات التي تقدمها الرابطة؟ الرابطة تعقد مؤتمرات وندوات ولدينا ملتقي دولي سنوي, بالإضافة إلي دورات تدريبية وتثقيفية ومركز تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها, ومركز التعليم عن بعد الذي سيبدأ العمل به بدءا من العام الدراسي2013/2012. وبالرابطة كذلك مركز لتحفيظ القرآن الكريم لتدريب الطلبة الوافدين علي مخارج الألفاظ القرآنية لنطق القرآن الكريم بطريقة صحيحة بعيدة عن التحريف والتشويه. كما أنشأت الرابطة مركزا لإعداد الداعيات لتأهيل الطالبات الوافدات ليكن سفيرات للأزهر ببلادهن. كما تعقد دورات تدريبية للطلاب الوافدين علي الإفتاء.وتعلم كيفية استنباط الأحكام من الأدلة الشرعية. كما ترعي الرابطة الاتحادات الطلابية للطلبة الوافدين, وتلتقي بهم في العديد من الاجتماعات للتباحث حول المشكلات التي تواجههم وكيفية حلها. ويجري العمل الآن علي إعداد مقاطع مرئية تبث علي موقع الرابطة الإلكتروني, يقوم فيها الطلاب الوافدون بمخاطبة أبناء دولهم بلغتهم المحلية عن دور الرابطة في ترسيخ وسطية المنهج الأزهري وكذا أهمية المنهج الأزهري الوسطي في تنمية المجتمعات, فضلا عن توجيه الراغبين في الدراسة بالأزهر الشريف نحو كيفية التعايش علي أرض مصر ومعرفة القوانين والتشريعات والإجراءات القانونية الواجب اتباعها للالتحاق بالدراسة في الأزهر الشريف, حتي يتسني منع ظاهرة الوجود غير الشرعي للطلاب. وإسهاما من الرابطة في حل مشكلة البطالة, فقد تم الاتفاق مع بعض الجهات الداعمة لنا من رجال الأعمال والقطاع الخاص علي توفير فرص عمل لأبناء الأزهر من المتميزين علميا, كما تم الاتفاق بيننا وبين شركة وصلة للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات علي توظيف خريجي الأزهر من كليات لغات وترجمة قسمي اللغة الإنجليزية والألمانية, هندسة قسم اتصالات. معني ذلك أن أنشطة وخدمات الرابطة ليست مقصورة علي الأزهريين في الخارج؟ نعم, فخدمات الرابطة تشمل جميع الأزهريين بالداخل والخارج, كما تعني بكل ما يتعلق بهم وحل ما يعترضهم من مشكلات. كم عدد الأزهريين بالخارج الذين تضمهم الرابطة منذ إنشائها حتي الآن؟ بالنسبة للأزهريين في الخارج, فمن خلال التنسيق مع وزارة الخارجية وسفارتنا بالخارج استطعنا حصر عدد كبير من الأزهريين خارج مصر حيث إننا نستهدف الوصول إلي خمسين ألف خريج من الأزهر منتشرين في جميع أنحاء العالم, هذا بالإضافة إلي مئات الآلاف من الأزهريين في مصر والذين يتم الوصول إلي بياناتهم عن طريق جامعة الأزهر.. وبالفعل تم إنشاء قاعدة بيانات أولية تضم بيانات عن كل خريج مثل: اسم الخريج وبلده والكلية التي تخرج فيها وسنة التخرج. اتجهت الرابطة لإنشاء فروع لها بالخارج.. كم وصلت حتي الآن؟ بالرابطة حاليا أحد عشر فرعا منتشرة في العالم في دول: ماليزيا إندونيسيا باكستان الهند فلسطينالولاياتالمتحدةالأمريكية الصومال السودان الكويت جنوب إفريقيا.كما أن العديد من البلدان تقدمت بطلبات لإنشاء فروع بها مثل اليمن وأفغانستان, والدانمارك ونيجيريا, والكاميرون, وغيرها.. وكل هذه الطلبات الآن قيد الدراسة والنظر. فهناك إقبال شديد علي إنشاء فروع لرابطة خريجي الأزهر, حتي إن الدول التي تم افتتاح فروع بها بالفعل, أنشأت أقساما ومكاتب فرعية لها بمدن مختلفة داخل الدولة ذاتها, تعمل بالتنسيق مع فرع الرابطة الأصلي بالدولة والذي يعمل بدوره بالتنسيق مع المركز الرئيسي بالقاهرة.وهذا ما حدث في إندونيسيا, وبريطانيا. ولم تقتصر فروع الرابطة علي الخارج فقط, بل إنه استجابة لمطالب الأزهريين في محافظات مصر تم الاتفاق علي إنشاء فروع داخلية بالمحافظات وبدأنا بفرعين تم افتتاحهما بالفعل, الأول في محافظة الدقهلية بالمنصورة, والآخر في محافظة دمياط.بالإضافة إلي العديد من الطلبات التي سيتم افتتاحها قريبا في الإسكندرية والفيوم واسيوط, وهكذا إلي أن تمتد فروع الرابطة إلي جميع محافظات مصر. ..وهل هناك حظر معين علي بعض الدول, بحيث لا يسمح لها بإنشاء فروع للرابطة فيها؟ لا, ليست هناك أية نوايا مسبقة لرفض بعض الدول, وأي دولة تطلب إنشاء فرع للرابطة بها نحن نرحب بذك وليس لدينا أي مانع مادامت تتوافر فيها الشروط المتبعة في هذا الشأن. وما هي تلك الشروط؟ الأمر باختصار أنه لابد أن يكون بالدولة الراغبة في ذلك عدد من الأزهريين وأن يكون هذا المطلب معبرا عن هؤلاء الأزهريين, فيتم تقديم طلب يعقبه الإعلان مرتين في جريدة رسمية كبري عن اجتماع لاستطلاع آراء الأزهريين في ذلك البلد, ويؤخذ رأي الجهات الرسمية التي لا تألو جهدا في ذلك حيث إن سمعة الأزهر في الخارج أكثر من مشرفة, وبعد الموافقة يتم الاتفاق علي المقر والمكان وإجراء انتخابات لاختيار رئيس الفرع ومعاونيه. هل توافقون علي إنشاء فرع لرابطة خريجي الأزهر في إيران؟ بالطبع نعم, وما الذي يمنع, فليست لدينا محاذير في ذلك, فإذا كان بإيران أزهريون يدينون بالمنهج الأزهري الوسطي ويريدون الارتباط بزملائهم, ويرغبون في إنشاء فرع لهم هناك يربطهم بزملائهم في شتي البلدان, فنحن نرحب بذلك.لأنه كما سبق أن قلت لك لا حظر لدينا علي دول معينة من إنشاء فروع لنا بها. هل للرابطة أنشطة أو ممارسات سياسية؟ لا, فنحن مؤسسة خدمية تعليمية وتثقيفية, وليست لنا أي أنشطة أو برامج سياسية, ولعلك تلحظ أن الرابطة منذ إنشائها وهي بعيدة عن السياسة, ولا تعني بإصدار بيانات تعليقا علي أحداث هنا أو أحداث هناك, فهي فقط تعني بالجانب الخدمي التعليمي بالنسبة للأزهريين بالداخل والخارج. من أين تنفقون علي تلك الأنشطة والخدمات التي تقدمونها للخريجين؟ يدرس مجلس الإدارة الآن برئاسة الإمام الأكبر رصد وقفية لتمويل أنشطة الوافدين في مصر بشكل عام وكذلك في الرابطة وذلك من خلال دعم بعض الجهات المانحة بالداخل والخارج, حتي يسهم ذلك في توفير ريع دام للرابطة والوافدين الدارسين بالأزهر, حتي وقت قريب كنا نقوم علي التبرعات والمساعدات فقط من رجال الأعمال وبعض الجهات المحبة للأزهر بالداخل والخارج فعند إنشاء الرابطة قبل خمس سنوات كانت لدينا العديد من الجهات التي تستعد لتقدم الدعم لنا, ومن ثم حصلنا علي العديد من التبرعات والمساعدات من رجال أعمال مصريين وغير مصريين من بعض الدول العربية. وبعد العام الأول للرابطة بدأنا ننظر بعين القلق علي عدم استمرار تلك المساعدات وبالفعل ظهرت مؤشرات لما توجسنا منه, وواجهتنا بعض المشكلات سرعان ما تغلبنا عليها. فبدأنا نفكر في مصادر للتمويل وتوفير موارد ثابتة لذلك بدلا من نكون عرضة للمرور بأزمات مالية, وبالفعل وافق مجلس الإدارة برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر علي منح عضوية شرفية لكل الأزهريين مقابل اشتراكات بسيطة ولكنها تجمل مبلغا كبيرا, بالإضافة إلي الاشتراكات السنوية للأعضاء العاملين, وما شابه ذلك. وأخيرا فكرنا في إنشاء مركز لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها, وهو يعد الآن من الروافد المهمة لدر دخل للرابطة, لاسيما أن هناك إقبالا كبيرا علي هذا المركز. بالإضافة إلي مركز التعليم عن بعد الذي ينطلق العمل به بدءا من العام الجامعي الجديد2013/2012, ونتلقي الآن طلبات الالتحاق للدراسة عبر هذا المركز الذي يقدم خدمة غير مسبوقة في تاريخ الأزهر للتعليم عن بعد دون تكبد مشاق السفر إلي مصر كل ذلك يخضع للرقابة والإشراف الكامل لوزارة التضامن أو الشئون الاجتماعية, التي نخضع لها باعتبارنا جمعية تابعة لها, بالإضافة إلي الأجهزة الرقابية الأخري في مصر, فليس لدينا ما نخفيه أو نخشي الإفصاح عنه, لأننا نعمل في النور وبشكل رسمي وقانوني. هل غيرت ثورة يناير انطباع الأزهريين في الخارج عن مصر وهل تقلص الإقبال علي الرابطة جراء تلك الثورة؟ لا, فكما تابعنا جميعا لقد انبهر الجميع بالثورة المصرية وازداد تعلق العالم كله بمصر والأزهر الشريف, والتي يرون أن دورها الرائد لابد أن يزداد بعد الثورة..وانعكس ذلك في الحفاوة البالغة التي نقابل بها عندما يكون وفد الرابطة بصدد افتتاح فرع جديد ببلد معين..وإليك موقفا للدلالة علي ذلك حيث إننا أثناء زيارة لنا لبريطانيا, كانت هناك ثلاث سيارات ترافق الوفد المصري بكل منها شخصية أزهرية, ويبدو أن إحدي تلك السيارات كانت تقف خالية من الركاب في الممنوع, فحرر الشرطي مخالفة مرورية بمائة جنيه استرليني, ولصق المخالفة علي زجاج السيارة, فإذا بسيارة تقف بعدها بدقائق بداخلها رجل وسيدة انجليزيان وإذا بالسيدة الإنجليزية( محجبة), تنظر للسيارة وتلحظ فيها علامات زي أزهري الكاكولا وتصر علي أن تدفع من جيبها الخاص قيمة الغرامة, وتنصرف دون أن تفصح عن نفسها, مستنكرة أن يتم تغريم سيارة يستقلها أزهري أو حتي بقايا زي أزهري! ما هي أبرز أنشطة أفرع الرابطة في الخارج في شهر رمضان ؟ رمضان2012- إصلاح حياتنا هي عنوان ندوات ينظمها فرع رابطة خريجي الأزهر ببريطانيا تشتمل علي أربع ندوات متميزة حول المملكة المتحدة بدأت من الأحد29 يوليو وتنتهي الأحد15 أغسطس2012, وتحفل هذه الجولة بتناول الحديث عن حكمة العلماء وفي مقدمتهم أعمال حجة الإسلام الإمام الغزالي, حيث تهدف إلي تحسين وإصلاح حياة الفرد لمستقبل أفضل. كما نظم فرع الرابطة العالمية لخريجي الأزهر باندونيسيا الملتقي الثاني للخريجين بعنوان من الوسطية إلي الخيرية محاولة لرسم معالم وسطية الإسلام لبناء خير أمة أخرجت للناس, حيث انطلقت فعالياته خلال شهر رمضان.