◄ «الصناعات التكاملية» تتحمل فارق سعر التوريد على المياه ◄ إنهاء مشكلة العبارات يحتاج جسراً أعلى النيل! [email protected] نقاش.. اجتماع.. تهديد.. قرار.. معارضة.. تأييد.. شائعة.. هكذا كان المشهد المرتبط بتحديد سعر توريد قصب السكر خلال الأشهر السابقة، وصولا للأيام القليلة الماضية التى شهدت شيوع ارتفاع سعر السكر التموينى على غرار زيادة سعر القصب.. تابع «الأهرام» على صفحاته عن كثب نقاشات البرلمان مع الحكومة، ثم تهديدات المزارعين وما تبعه من اجتماع المجموعة الاقتصادية التابعة لمجلس الوزراء ثم تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسى لمصلحة المزارعين ويقرر زيادتها الى 720 جنيها للطن، بزيادة 100 جنيه عن الموسم الماضي.. إليكم الحكاية من النهاية إلى البداية.. جاءت زيادة أسعار توريد قصب السكر للمزارعين مصاحبة لشائعات متضمنة ارتفاع سعر السكر نتيجة تلك الزيادة، فاتجهنا إلى الدكتور على المصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية الذى قال: المواطن هو «ترمومتر القياس» للرد على مثل تلك الشائعات بطريقة عملية.. فهل وجد المواطن زيادة فى سعر السكر فى أثناء شرائه؟! لن يزيد سعر السكر التموينى للمستهلك على 9 جنيهات ونصف الجنيه، وهناك حملات رقابية مستمرة لمتابعة توافر السلع بسعرها الرسمي. وحول تكلفة فاتورة زيادة ال 100 جنيه فى طن قصب السكر التى تمت فى أثناء عملية شرائه من المزارعين، قال : منحنا المزارع حافزا ليزيد من إنتاجه مستقبلا، ولكن دون أن يتحمل المواطن فارق سعر التوريد، وكذلك دون دعمه من الدولة حتى لا تتأثر الموازنة العامة وأوضح المصيلحى أن شركة السكر للصناعات التكاملية ستتحمل الفارق من هامش ربحها.. وهنا لا أقصد تحملها بالخسارة.. وإنما برفع معدلات إنتاجها، ومن خلال تقليل وضبط التكلفة الصناعية.
قبل إعلان السعر أما بالنسبة لمعدلات التوريد أشار الدكتور عبد المنعم البنا وزير الزراعة الى أن المزارعين قاموا بتوريد المحصول قبل إعلان السعر الذى أرى أنه مناسب جدا. وعن إمكانية زيادة الرقعة الزراعية لمحصول قصب السكر أشار إلى أن استهلاكه «مرتفع» من المياه، فاستهلاك الفدان الواحد يصل الى 10 آلاف متر مكعب، فضلا عن أن المساحة الحالية والتى تبلغ 320 ألف فدان تكفى جدا لتشغيل المصانع الموجودة .. وإن كانت هناك فجوة بالفعل - فى حدود مليون طن سكر - لأننا ننتج 75% من استهلاكنا من السكر عن طريق القصب، ويتم تعويض الفارق من خلال زيادة مساحة زراعة بنجر السكر لاستهلاكه الأقل للمياه، فضلا عن تحمله المياه المالحة وغيرها من العوامل كالأراضى الضحلة، وذلك فى إطار الحفاظ على استهلاك المياه، فلا يصح أن نزيد المساحات دون ربطها بمواردنا من المياه.
الرى بالرش وعن طرق التغلب على معضلة استهلاك القصب المرتفع للمياه، قال الدكتور مصطفى عبد الجواد رئيس مجلس المحاصيل السكرية: نحتاج لإعادة إحياء مشروع الرى المطور بالرش فى زراعات القصب الموجودة فى وزارتى الزراعة والرى لشدة الحاجة إليه لسببين: الأول توفير المياه، والثانى زيادة إنتاجية الفدان بنحو 15 طنا فى المتوسط، لأن الرى الحالى بالغمر يعيق الإنتاجية ويخفض جودة التربة. وقال: «قامت وزارة الزراعة بإنتاج صنفين، سيتم البدء فى استخدامهما فى موسم القصب الحالي، الذى يبدأ بعد عدة أيام، الأول «جيزة 3» والثانى «جيزة 4»، ليحلا بدلا من صنف سى 9»، بعد أن تسبب عدم تجديد سلالات القصب وأنواعها خلال السنوات الأخيرة فى انخفاض إنتاجية الفدان من 60 إلى 40 طنا. وأوضح أنه من المقرر قيام مجلس المحاصيل السكرية وشركة السكر للصناعات التكاملية، بدفع حافز قدره نحو 5 آلاف جنيه للفدان لكل مزارع يستخدم صنف جيزة 3 لما يتميز به من ارتفاع نسبة السكر، ونوه إلى ضرورة إحلال وتجديد مصانع سكر القصب لأنها قديمة جدا، وتحتاج إلى صيانة عالية حتى تستخلص أكبر كمية من السكر أثناء عملية التصنيع، وإذا حدث ذلك ستزيد إنتاجية السكر بنسبة تصل إلى 20% .
معوقات النقل واجهنا المهندس أحمد عبد الكريم مدير مصانع سكر قوص بمحافظة قنا بوجود معوقات تواجه المزارعين أثناء نقلهم لمحصولهم، فقال: «المصانع تعمل بكامل طاقتها، أما العبارات الناقلة التابعة لشركة السكر فتتعطل بسبب انخفاض منسوب مياه النيل فى هذا الوقت من كل عام بما يسمى «السدة الشتوية». وعن مدى تأثر المحصول بهذه العطلة، يقول: «لا يوجد أى تأثير على جودة القصب وإنما تتسبب فى تأخر التوريد فقط، وحل تلك المشكلة يكمن فى إنشاء جسر أعلى حوض النيل يربط الشرق بالغرب، لتحقيق المستهدف وهو الوصول إلى مليون ونصف المليون طن خلال فترة ال 4 أشهر ونصف الشهر التى تنتهى فى منتصف مايو المقبل. بينما قال «رشدى عرنوط» نائب رئيس جمعية منتجى قصب السكر: «التوريد للمصانع مستمر، ووصل إلى 2 مليون طن خلال شهر يناير، وإن الفلاحين يشكرون الرئيس عبد الفتاح السيسى على اهتمامه بزيادة سعر طن التوريد، وهو مناسب، لأن الفدان ينتج فى المتوسط 40 طنا تكلفتها نحو 22 ألف جنيه، وبالتالى يصل هامش ربح المزارع إلى 8 آلاف جنيه فى الفدان خلال الموسم الذى مدته سنة كاملة»، ثم استدرك بقوله : «نتمنى عدم زيادة سعر الأسمدة والوقود خلال الفترة المقبلة لأن ذلك يزيد العبء على الفلاح».
العصارات وحول اتجاه بعض المزارعين لبيع القصب لعصارات العسل الأسود، يقول: «تلك العصارات والمصانع إنتاجها ضعيف، ولا تستوعب كميات كبيرة على مستوى الجمهورية، فعشرات الأطنان تكفيهم، وغالبيتها بدائية، بينما المزروع أكثر من 300 ألف فدان تنتج مئات الألوف من الأطنان التى تستطيع مصانع السكر استيعابهم، وبالتالى فالإقبال عليها أعلى». وأوضح عرنوط أن تعاقد المصانع مع المزارعين يتم سنويا قبل تحديد سعر التوريد من قبل اللجنة الاقتصادية التابعة لمجلس الوزراء وكذلك قبل زراعة محصول القصب، فالتوريد للمصانع يتم على مراحل خلال 4 أشهر ونصف الشهر تبدأ من يناير حتى منتصف مايو، وخلال الشهر الأول يتم تصفية حساب المزارع بنسبة تصل إلى 90% ثم يحصل على النسبة المتبقية فى نهاية الموسم، وبصفة عامة العام الحالى لم تكن هناك أى عوائق فى حصول المزارع على مستحقاته المالية عكس أعوام سابقة شهدت بعض العراقيل.
الأسمدة والأسعار بينما قال الحاج «أحمد بيومي» مزارع قصب بقرية العشى بالأقصر: «كنت أتمنى الحصول على سعر أعلى للتوريد، وبخاصة أن المذكرات التى قدمت إلى وزارة الزراعة ومجلس النواب تناولت سعر 850 جنيها للطن». وأضاف: «نعلم الظروف التى تمر بها البلاد، لكن حركتنا كمزارعين صعبة بسبب السيولة المالية» وتابع «بيومي»، قائلا: «واجهنا مشكلة كبيرة جدا هذا العام تفوق أزمة السعر، وهى الأسمدة، فالقصب يحتاج كميات كبيرة من السماد، لكن ما حصلنا عليه كانت قيمته قليلة جدا، وبالتالى لا يمنح الزرع الخصوبة اللازمة». واتفق معه «نوبى بدر» مزارع قصب بقرية طود فى إسنا، قال: «مع احترامى لمسئولى الدولة، السعر غير عادل، لكنه متماش مع الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد، وكنت أتمنى أن يكون 800 جنيه على الأقل حتى نتمكن من تسديد نفقات الزراعة، كما أن أغلب المزارعين عليهم قروض للبنوك، يريدون تسديدها، بجانب تحملهم تكاليف أعلى بعد ارتفاع سعر العمالة والنقل والسماد والمياه والتقاوى وكل مستلزمات الزراعة بشكل عام». وفى السياق نفسه، يقول «خيرى أبو الوفا» مزارع قصب بقرية العشى بمحافظة الأقصر: «كنا نطمح أن يكون سعر التوريد 800 جنيه، لأن سعر التكلفة مرتفع من عمالة وسماد وسولار، فالفدان يكلف نحو 22 ألف جنيه وهامش ربحه نحو 6 آلاف جنيه، لكننا راضون بال 720 جنيها ونعمل على توريد المحصول لمصنع السكر». وأضاف «أبو الوفا»، قائلا: «نتعاقد على المحصول مع مصنع السكر قبل زراعته بسنة كاملة، ولا يمكننا عدم تنفيذ ذلك لصعوبة بيع المحصول لأى جهة أخري، لأن الكميات تكون كبيرة جدا، ونتمنى أن تتم مراعاة السعر العام المقبل».