مرت أحداث العام الماضى سريعة ومتلاحقة مثل الحروب المستمرة فى منطقة الشرق الأوسط والإرهاب وغيرها الكثير ومن أبرز الأحداث التى شغلت الأممالمتحدة خلال العام الماضى، والتى سلط عليها الأمين العام أنطونيو جوتيريش الضوء منذ توليه مهام منصبه كانت الإسلاموفوبيا ومحاربة التعصب والتمييز ضد المسلمين والبشرية بشكل عام ودعا لتضافر الجهود للتصدى لها. ومن أهم جهود جوتيريش فى هذا المجال دعوته فى فاعلية رفيعة المستوى بمقر الأممالمتحدة،بشأن مكافحة التمييز ضد المسلمين وكراهيتهم، إلى الوقوف فى وجه التعصب من أجل المسلمين والبشرية جمعاء. تزايد جرائم الكراهية ضد المسلمين وغيرها من أشكال التعصب كانت من أهم الموضوعات التى اهتم بها خلال عام 2017إلى جانب كراهية الأجانب والعنصرية ومعاداة السامية. وفى أوقات كان يؤكد على انعدام الأمن، وأن التمييز ينتقص من الجميع فهو يمنع الناس - والمجتمعات - من تحقيق كامل إمكاناتهم. ويؤكد على أننا نستمد القوة من قيم الاندماج والتسامح والتفاهم المتبادل التى هى فى صميم جميع الأديان الكبرى وفى صميم ميثاق الأممالمتحدة. وكما جاء فى القرآن الكريم: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا).» وفى الوقت الذى أصبحت فيه المجتمعات أكثر اتساما بتعدد الأعراف والأديان من أى وقت مضي، كما أشار الأمين العام فى أوقات عديدة إلى الحاجة للاستثمارات السياسية والثقافية والاقتصادية فى التماسك، بحيث يُنظر إلى التنوع على أنه إثراء لا تهديد. وفى هذا الصدد قامت الأممالمتحدة بجهد يرمى إلى تعزيز الاحترام والأمان والكرامة للجميع، ضمن حملة « معا»، وحث جوتيريش على تشييد الجسور والعمل معا من أجل تحويل الخوف إلى أمل. وفى خطابه أمام القمة العربية التى عقدت فى الأردن فى مارس 2017 تناول الأمين العام نفس الموضوع قائلا إن الكثيرين يقعون فى فخ الاعتقاد بأن جرائم داعش مدفوعة بالإسلام.وأنه فى كل أنحاء العالم، تواجه المجتمعات العربية والمسلمة تزايدا فى التحامل ضدها. ويقع الكثيرون فى فخ الاعتقاد بأن الأعمال المستنكرة المرتكبة من قبل داعش والقاعدة مدفوعة بالإسلام، فيما أنها أعمال تتحدى الإيمان بدليل أن المسلمين هم الضحايا الرئيسيون لتلك الأعمال وأن هناك أسبابا مغرضة لتشويه الإسلام ونشر الكراهية للمسلمين،لخدمة الجماعات الإرهابية والمتطرفة. وقال جوتيريش أن تجربته أثناء عمله مفوضا ساميا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين أظهرت له الطبيعة الحقيقية للإسلام فيما كانت الدول العربية تستقبل بسخاء الفارين من العنف والاضطهاد.. وكانت الرسالة التى يكررها جوتيريش طوال العام الماضى هى ضرورة الوقوف معا فى وجه التعصب، ومن أجل احترام حقوق الإنسان، وتشييد الجسور، والعمل على تحويل الخوف إلى أمل «من أجل إخواننا وأخواتنا المسلمين - ومن أجل البشرية جمعاء». وفى عشية العام الجديد وجه الأمين العام للأمم المتحدة إنذارا قوياللمجتمع الدولى من خلال رسالة فيديو قال فيها: عندما توليت منصبى قبل عام مضي، دعوت إلى تحقيق السلام فى عام 2017.ولكن للأسف، رأينا العالم ينكفئ إلى الوراء من نواح أساسية..واليوم أوجه نداء. بل أوجه إنذارا قويا لعالمنا.. فقد تفاقمت النزاعات وظهرت أخطار جديدة.وبلغت مؤشرات القلق العالمى بشأن الأسلحة النووية أعلى درجاتها منذ الحرب الباردة. أما تغير المناخ، فيتسارع بوتيرة تفوق وتيرة جهودنا فى هذا المجال. وتتزايد أوجه عدم المساواة. وإذ نستهل عام 2018، أدعو إلى الاتحاد. فأنا أعتقد حقا أن بإمكاننا إيجاد عالم أكثر أمنا وأمانا.ويمكننا تسوية النزاعات والتغلب على الكراهية والدفاع عن قيمنا المشتركة.ولكننا لن نتمكّن من تحقيق ذلك ما لم نعمل معا. وأحث القادة فى كل مكان على التعهد بالعمل فى السنة الجديدة على تضييق الفجوات ورأب الصدوع، وإعادة بناء الثقة بتوحيد صفوف الشعوب حول الأهداف المشتركة. فالاتحاد هو السبيل الوحيد أمامنا.