* منتديات ثقافية ومسارح مفتوحة بالشوارع والممرات العتيقة القاهرة الخديوية شاهدة على جزء من تاريخ مصر والحفاظ عليها وترميم مبانيها واجب وطني، ولعل هذا كان الدافع لإصدار قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى بإنشاء لجنة إنقاذ تراث القاهرة برئاسة المهندس إبراهيم محلب، التى تنفذ حاليا أضخم مشروع تاريخى فى مصر. المهم ليس فقط أن اللجنة تقوم بواجبها المكلفة به على أكمل وجه، ولكن الأهم أن سكان هذه المنطقة وشاغلى وحداتها الإدارية ومحلاتها التجارية يشاركون فى الحفاظ عليها بالتنسيق مع أجهزة محافظة القاهرة المختصة، وذلك من خلال أول تجربة لإنشاء اتحاد شاغلين للشوارع التى يتم تنفيذ المشروع فيها، والتى تضم نحو 500 مبنى من تراث العاصمة وأصولها التاريخية، فوسط القاهرة من أغنى المناطق فى العالم ثقافيا وعمرانيا بما لا يرقى إليه أى تراث فى العالم. المشروع الحضارى الكبير الذى تبدأ مرحلته الجديدة هذه الأيام، أطلق الرئيس إشارة البدء له قبل عام، وبدأت أولى مراحله قبل 6 أشهر وحققت نجاحا مبهرا، بمشاركة مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، للحفاظ على القيمة التاريخية ، بالتوازى مع مشروع إقامة العاصمة الجديدة، وتشجيعا للسياحة المحلية والعالمية. الدكتورة ريهام عرام مديرة إدارة الحفاظ على تراث القاهرة قالت إن منطقة القاهرة التراثية تتميز بالمعمار الأوروبى منذ منتصف القرن التاسع عشر، وحظيت باهتمام الخديو إسماعيل الذى تولى الحكم فى عام 1863، وبدأ مشروعات التوسع فى بناء مصر الحديثة، لذلك حملت المبانى طابعا متقدما فى عصره، وتبعها إقامة قصر عابدين مقرا للحكم بدلا من القلعة التى ظلت مقر الحكم فى مصر منذ العصر الأيوبى ، وهى أول مرة منذ ذلك العصر ينزل فيها الحاكم من مقر القلعة إلى وسط البلد، حيث قصر عابدين، مستحدثا توسعات فى المناطق المحيطة، التى كانت عبارة عن برك واسعة وبساتين، بتخطيط جديد شمل الوزارات ومقر الحكومة والسفارات والقنصليات لذلك فإن برنامج الحفاظ على القاهرة التراثية يشمل تطوير وتنمية وسط البلد والمبانى المنتشرة بها، وإعادة إحياء المبانى التراثية من الواجهات ومن الداخل أيضا، ومع «اتحاد الشاغلين» فى كل مبنى ومن خلال الملاك أو المستأجرين بأن يدفعوا جزءا من التكلفة وتغطى المحافظة الجزء المتبقي، وتكليف اتحاد الشاغلين برعاية المنطقة التابعة للمبنى الذى يسكنونه، إضافة لإنشاء «اتحاد شاغلين لكل شارع» للتنسيق الشامل مع المحافظة، وتدريبهم على الإدارة النموذجية التراثية للشوارع والمبانى وتأهيلهم شهرا، خاصة بعد إحياء وتطوير مبانى شارع الألفى وتعريف العاملين به بالنظم السليمة فى التعاملات مع المبانى وتطوير الشارع والحفاظ على طرازها المعمارى الفريد. اتحاد الشاغلين وأشارت د.ريهام إلى أنه جرى تكليف اتحادات الشاغلين بالشوارع بالعناية بتطوير المبانى من الداخل أيضا، للحفاظ على قيمتها التراثية والاستعانة بخبراء من الآثار لإجراء الترميمات الأثرية لإعادة المبنى لزخارفه المميزة لعصره وشكله، باستخدام خاماتها وزخارفها وألوانها، والتعاون مع مقاولين مدربين وتنفيذ رؤية خبراء التراث بإشراف الحى والمحافظة والاستعانة بآراء المواطن فى تطوير الأبنية التراثية، ومعالجة أرضية الشوارع بما يرجع قيمتها التاريخية. وأضافت: يجرى حاليا أيضا تطوير فى شارع عماد الدين بدءا بواجهات العمارات خاصة مبنى الخديو عباس حلمى الثانى بما فيه من قباب عالية ومساحات واسعة، مع وضع بدائل لأحسن معالجة، فضلا عن تجهيز الأبنية بعد إخلاء الوزارات والمصالح الحكومية ومجمع التحرير، بعد الانتقال الى العاصمة الجديدة ضمن محور بوسط البلد التراثية.وأوضحت أن رئيس اللجنة المهندس إبراهبم محلب طلب أن تشمل الرعاية تجديد التراث بكل المبانى بالمنطقة، بما فيها الحديثة التى تقع فى وسطها، وتوظيف هذه المبانى للأنشطة الثقافية والسياحية، ويتضح ذلك أيضا فى تطوير «ممر بهلر» وسط البلد، حيث يعد حاليا لإقامة مسرحيات شعبية وحفلات لجذب الجمهور للملتقى الثقافى، فضلا عن تنظيم رحلات للقاهرة الخديوية، ومنها المدرسية مجانا إلى وسط البلد . ميدان عابدين ويضيف المهندس سعيد البحر المدير التنفيذى للمشروع أن برنامج القاهرة التراثية فى مرحلته الأولى تكلف 100مليون جنيه لإنجاز 40% منه، وشمل ميدان عابدين الذى انتهت منه اللجنة أخيرا، وشارع الشواربى وأبنية شارع عماد الدين التى نركز فيها الآن بما فيها من إمكانات مميزة للأبنية الأوروبية وقتها، بما فيها من فنادق ومقاه ومعارض وميدان وشارع عرابى (التوفيقية ) وميدان مصطفى كامل وميدان طلعت حرب وكورنيش النيل، وإزالة التشوهات والتعديات بالعقارات والشوارع وتنفيذ أعمال إصلاح وتنسيق وتبليط أرضيات الشوارع بخامات تتحمل وتناسب الأداء والمتطلبات المعمارية والحضارية، والإلزام بمواعيد دخول وخروج سيارات مستخدمى المكان، مثل شارع الألفي. وقال إنه تتم متابعة تطوير المنطقة الغربيةبالقاهرة التى عرفت ب«الإسماعيلية» وهى من أكبر مشروعات الخديو إسماعيل العمرانية، الذى أعاد تخطيط المنطقة بأكملها وتمتد شمالاً من ميدان رمسيس الحالى إلى منطقة مصر القديمة جنوباً، ومن ميدان العتبة الحالية شرقاً إلى النيل غرباً، وأتبع ذلك بربط تلك المنطقة بباقى مناطق القاهرة فى كل الاتجاهات، فهناك ميدان باب الحديد، تجاه الكوبرى الموصل للسكك الحديدية، ومن شارع باب الحديد، وشارع كلوت بك وشارع الفجالة، وميدان رمسيس الآن، وميدان العتبة الخضراء، تجاه سراى العتبة الخضراء، وقد عرف بعد ذلك بميدان الملكة فريدة، ويعرف الآن بميدان العتبة، وأراد إسماعيل جعل سراى العتبة الخضراء مركزاً لعدة شوارع وعرف بعد ذلك بميدان إبراهيم باشا ثم عرف بميدان الأوبرا الآن، وميدان عابدين، تجاه سراى عابدين، وهو بالاسم نفسه الآن وميدان باب اللوق، ومنزل محمد أفندى الناغي، وميدان أبو ظريفة، عند تقاطع شارع البستان مع شارع عماد الدين وميدان الكوبرى تجاه كوبرى قصر النيل وسراى الإسماعيلية «ميدان التحرير الآن» الذى تم تطويره أخيرا وميدان الدواوين، تجاه سراى «المالية والداخلية والحقانية» وهو ميدان لاظوغلى الآن. كما بنى إسماعيل مسرحين على الطراز الأوروبى لأول مرة فى مصر وأعاد إنشاء حديقة الأزبكية وبنى عدة قصور وجدد قصر الجوهرة لاستقبال الضيوف. باب اللوق وقال الدكتور حسام إسماعيل أستاذ الآثار الإسلامية بآداب عين شمس إن الخديو إسماعيل أنشأ مبانى وميادين تحفة فى التراث المصرى نحتاج لإعادة رونقها وإبداعاتها ومنها ميدان باب اللوق أو ميدان الفلكى الآن، ومشروعات ببركة الأزبكية التي خططت فى عهده، حيث اتفق فى زيارته باريس سنة 1869 مع المهندس الفرنسي باريللى ديشان، الذى أنشأ غابة بولونيابباريس، على إعادة تخطيط بستان الأزبكية على نمط غابة بولونيا، وبنيت دار الأوبرا (التياترو) وعدة ميادين، كما أخذ فى تخطيط تلك المنطقة وأقام منطقة عابدين، واتخذ من سراى عابدين مركزاً تتفرع منه عدة شوارع، وبنى مبنى للشرطة وديوان الأشغال. كما أقام منطقة السيدة زينب حيث أراد إسماعيل إنشاء عدة شوارع يكون مركزها مسجد السيدة زينب.