مروة البشير : نشأ علي بن أبي طالب في بيت النبي صلي الله عليه وسلم, وعندما دعاه النبي إلي الإسلام طلب منه مهلة حتي يشاور أبا طالب في ذلك وبات في تلك الليلة مفكرا فلما أصبح أعلن إسلامه دون أن يشاور أحد, وقال لقد خلقني الله من غير أن يشاور أبا طالب فما حاجتي أنا في مشاورته لأعبد الله تعالي. يقول الدكتور سالم مرة استاذ الفقه بجامعة الأزهر إنه كان يكني بأبي تراب وبأبي الحسن وبأبي السبطين, وكان أحب الكني إليه أبا تراب لأن النبي صلي الله عليه وسلم هو الذي أطلق عليه هذه الكنية, ذلك لانه غاضب فاطمة رضي الله عنها ذات مرة فخرج فاضطجع إلي جدار في المسجد فنام فجاءه النبي صلي الله عليه وسلم وقد امتلأ ظهره بالتراب فجعل النبي صلي الله عليه وسلم يمسح التراب عن ظهره ويقول: إجلس أبا التراب, وكان علي رضي الله عنه شجاعا لا يهاب أحدا, ففي يوم الخندق خرج من بين المشركين فارس قوي يهابه الناس يطلب من المسلمين المبارزة ويستهزيء بالنبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه وينادي بأعلي صوته قائلا: يا محمد إنكم تزعمون أن قتلاكم في الجنة وقتلانا في النار فهل من معجل بنفسه إلي الجنة, فقام إليه علي رضي الله عنه وقد أذن له رسول الله صلي الله عليه وسلم وعممه بعمامته ودعا له قائلا:( اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه, واقبل علي عمرو بن عبود فبذل له النصح ودعاه إلي الإسلام فأبي فدعاه إلي المبارزة فقال له عمرو: ولم يا بن أخي ولقد كان أبوك صديقا لي وإني أكره أن أقتلك, فقال علي: لكني أحب أن أقتلك فاغتاظ عمرو ونزل عن فرسه وأقبل علي علي فتنازلا وتجاولا فضربه علي بالسيف ضربة كانت هي القاضية وفر المشركون بخيلهم وقد ألبسهم الله ثوب الهزيمة والمذلة. ويضيف الدكتور سالم مرة أن علي رضي الله عنه كان موسوعة في كثير من العلوم والمعارف تفجرت فيه ينابيع الحكمة من قلبه علي لسانه له بصيرة نافذة في الحكم والقضاء, ففي خلافة عمر: وقعت قضية في غاية الغرابة ذلك أن امرأة تبرأت من ابنها وتقيم بينة علي أنه ليس ولدها, والولد يقسم علي أنها أمه وقد شهد الشهود بذلك, فوقع الناس في حيرة من هذا الأمر, فلما علم علي بتلك القضية قال للمرأة ألك ولي: قالت هؤلاء إخوتي, فقال لهم: حكمي فيكم وفي أختكم نافذ؟ قالوا: نعم, فقال علي: أشهد الله واشهد من حضر من المسلمين أني قد زوجت هذا الغلام من هذه الجارية علي أربعمائة درهم والنفقة من مالي, ثم دفع الدراهم إلي الغلام وأمره أن يضعها في حجر المراة وقال لها قومي, فصاحت المرأة أتريد أن تزوجني من ولدي يا علي يا بن عم رسول الله؟ والله إن هذا ولدي زوجني إخوتي برجل ليس من العرب فولدت منه هذا الغلام فلما شب أمروني أن اتبرأ منه واطرده ووهذا والله ولدي ثم أخذت بيد الغلام وانطلقت, فقال عمر: واعمراه لولا علي لهلك عمر.