«سأصير يوما ما أريد .. سأصير يوما طائرا وأسل من عدمى وجودى» هذه الكلمات التى قالها الشاعر الفلسطينى محمود درويش شكلت وعى الشاب مصطفي الجوهري منذ أن كان طفلا، فرغم كف بصره، كان لا يخاف من جنود الاحتلال، ورغم بعد مدرسته لمسافات طويلة، كان حريصا على إكمال دراسته، حتى أصبح مقدم برامج في راديو فلسطين، ويرفع دائما شعار«الإعاقة لا تمنع الطاقة»، واستطاع تحويل الألم إلى أمل.. ومن أجل معرفة قصته كاملة تواصلنا معه عبر برنامج «ماسنجر». يقول مصطفى (33عاما): ولدت فى مدينة نابلس بفلسطين، لى ثلاثة أخوة مكفوفين أيضا، والدتى كانت حريصة على تعليمنا، لذلك التحقت بمدرسة خاصة بالمكفوفين بالقدس لدراسة المرحلة الابتدائية، وكان معي اثنان من إخوتي الأكبر مني، وكانت والدتي تذهب بنا إلي المدرسة وتعود باكية لأنها تتركنا بمفردنا، ولكن لم يكن هناك حل أخر، تعلمت القراءة والكتابة بطريقة «برايل» وأهم ما تعلمته هو الاعتماد علي الذات، وقد تنقلت بين أكثر من مدرسة خلال المرحلة الابتدائية وبعد الصف الثامن انتقلت إلى مدرسة «النور الأساسية» في «جنين» وأكملت الصف التاسع والعاشر، وكانت تواجهنى عقبات في التنقل بين القدس وجنين، فأنا أقيم فى شمال الضفة الغربية وقوات الاحتلال الإسرائيلي تضع حواجز مما يضطرني إلي عبور طرق ومنحنيات كثيرة، بعد ذلك جاءت مرحلة الدمج وهى ما تعرف في فلسطين باسم التعليم الجامع, والقانون يعفي الطلاب المكفوفين من المصروفات ولقد التحقت بمدرسة «السلام» وكان وقت الانتفاضة الفلسطينية وكان الوضع صعبا وملتهبا جدا في جنين لذلك لم يكن هناك كتب ولم اتمكن من التواؤم مع الوضع نتيجة لنظرة الطلاب المبصرين لى لذلك تركت المدرسة ولم أكمل المرحلة الثانوية وتفرغت للعمل بهوايتي الأولي وهى العمل الإعلامي حيث كنت أعمل مذيعا بإذاعة «صوت الفرح» بفلسطين وكنت أقدم برنامجا عن الأشخاص ذوى الإعاقة ولكن بعد مرور عدة سنوات وجدت أن الشهادة هي السلاح الوحيد لي فقدمت مرة أخري للحصول علي الثانوية العامة ولكن واجهت نفس المشكلات فسافرت إلي عمان وحصلت علي الثانوية العامة بمعدل مرتفع بمجموع 65٪. كفيف فى قسم الموسيقى بعد ذلك تقدمت لجامعة النجاح الوطنية وذلك كان في عام 2006 لأدرس بقسم الإعلام لأنه لم يكن هناك كلية خاصة بالإعلام بل قسم فقط وتم رفضي لأني كفيف وهم يرون ان الإعلام يحتاج إلى وسائل مرئية فاخترت قسم الموسيقي لأنها بالنسبة لي غذاء الروح فأنا أحب الغناء وأجيد العزف علي البيانو والأورج منذ كنت طفلا وكنت أول طالب كفيف يدرس علوم الموسيقي وقمت بعمل نوتة موسيقية بطريقة برايل وكان هناك مشروع بتحويل المناهج التعليمية بطريقة برايل، وكونت فرقة موسيقية للمكفوفين في نابلس وأسست مؤسسة للمكفوفين . موهوب بالفطرة العمل الإذاعي كان هواية كنت أمسك بالميكروفون وأدير المسجل في البيت وبعد ذلك عملت في أذاعه صوت الفرح وكنت أمارس العمل الإذاعي وأنزل وسط الدبابات والاشتباكات وأسجل مع الشباب الفلسطيني، ورغم ان عمرى 33 عاما إلا أنى أعمل بالإذاعة منذ أكثر من 15 عاما، ومنها إذاعة «البلد»، و«راديو الصبا»، وإذاعة «الأحلام» وقدمت مجموعة متنوعة من البرامج منها «شموع مضيئة»، «ماذا يقول المثل»، «فكر معنا». وفى عام 2011بعد تخرجى فى الجامعة أخبرني احد الأصدقاء أن إذاعة «صوت فلسطين» تطلب مذيعين فقدمت أوراقي واجتزت الامتحان وبعد 20 يوما جاءني خبر قبولي بمسمي معد ومقدم برامج وأصبحت اقوم بعمل المونتاج باستخدام البرنامج الناطق بالإضافة إلي الزيارات الميدانية ومن أهم البرامج التي أقدمها «بصمة أمل» الذى أنطلق يوم 3ديسمبر2011ومستمر حتي الآن. القدس عربية القدس عاصمة فلسطين ولا أعرف غير ذلك وترامب لا يمثلنا او يعبر عنا لذلك القدس هي القلب النابض لفلسطين ورغم أني لم أراها بعيني ومحروم منذ سنوات من دخول القدس بسبب الاحتلال ولكنها في قلبي وستظل عربية شاء من شاء وابي من ابي، والقدس تحتاج إلي انتفاضة عربية، وتضامن صادق وحقيقي. وفي النهاية يقول مصطفي الجوهري: حلمي أن أستمر في عملي وأن أقدم برنامج علي شاشة التليفزيون لان الصورة تتحدث أكثر من الصوت واحلم أن امتلك سيارة، وزوجتي حاصلة على رخصة القيادة ولكن نتيجة عدم تطبيق قانون الإعفاء الجمركي لا أتمكن من شراء سيارة وحلمي الأكبر تحرر فلسطين من الاحتلال واعلم ابني عمرو الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات حب فلسطين وكيف يتحدى ليصل إلي ما يريد وأن يكبر ويكون عيني التي أري بها.