عناية أسرته جعلته طفلا رياضيا، عاشقا للموسيقى، متفوقا علميا منذ أن التحق بالمدرسة وحتى تخرج فى الجامعة، وحمل بداخله أحلاما مختلفة سعى إلى تحقيقها، وهذا ما دفعه للسفر إلى جامعة هارفارد أعرق جامعات العالم ليدرس القانون الذى حرم من دراسته فى مصر لأنه كفيف .. إنه الشاب محمد أيمن الشافعى الذى التقت به «صناع التحدى» قبل سفره بساعات قليلة لنتعرف على قصته كاملة. يقول محمد» 22عاما»: حصلت على الثانوية العامة منذ أربع سنوات من مدرسة طه حسين للمكفوفين بمجموع 98٪ شعبة أدبى، وكنت أحلم بدراسة القانون، ولكن لا يتم السماح للمكفوفين بدخول كلية الحقوق، لذا فكرت فى الالتحاق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة لارتباط القانون بالسياسة، إلا أنى عدلت عن هذه الفكرة والتحقت بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة. كانت الدراسة خلال العام الأول بالجامعة الأمريكية دراسة عامة لكثير من العلوم المختلفة، وفى العام الثانى اخترت دراسة الفلسفة (حب الحكمة) لأنى وجدتها علم القوانين العقلية التى تنظم الفكر والوجود والحياة الإنسانية بأكملها وتساعد الإنسان فى معرفة مطالبه وأهدافه كما انها الباب الرئيسى لتحقيق القانون الذى يحدد العلاقة بين أفراد المجتمع وبالتالى بدون الفلسفة لا يمكن أن يوجد القانون. الأول على الدفعة وأضاف: تخرجت هذا العام دفعة 2017من قسم الفلسفة بالجامعة الأمريكية بترتيب الأول على الدفعة، وتقدمت لاختبارات جامعة هارفارد الأمريكية لدراسة القانون وقد ساعدنى أساتذتى حيث خاطبوا الجامعة بالولايات المتحدةالأمريكية وأخبروهم بأننى مؤهل لدراسة القانون، وبالفعل اجتزت جميع الاختبارات وحصلت على أكثر من 97٪، وكنت من أفضل الذين تقدموا للجامعة على مستوى العالم. وسافرت منذ شهر ونصف لدراسة القانون بالجامعة الأمريكية بهدف تقريب العالم العربى الإسلامى بالعالم الغربى، حيث أرى أن العصر الحالى تتوافر به فرصة ذهبية لتحقيق ذلك عن طريق استخدام التكنولوجيا التى ساهمت أيضا فى انتشار الإرهاب وتشويه صورة العرب أمام الغرب، ومن خلال دراستى للقانون سوف أتعرف على مزايا وعيوب الديمقراطية والأنظمة الأخرى الموجودة فى باقى دول العالم . وواصل: هذه ليست هذه المرة الأولى التى أسافر فيها بمفردى من أجل الدراسة، فقد سبق لى السفر أثناء دراستى بالجامعة الأمريكية إلى جامعة «فيجن» بالولايات المتحدةالأمريكية التى تعد من أفضل جامعات العالم فى دراسة اللغات وكانت تجربة مختلفة حيث قضيت بالجامعة فصلا دراسيا كاملا وتعلمت اللغة اللاتينية وبدأت أطلع على نصوص الفلسفة المدونة فى المخطوطات باللاتينية دون الحاجة إلى ترجمة. المخطوطات القديمة بطريقة برايل ويوضح الشاب محمد الشافعى: منذ صغرى أحب المسرح خاصة أعمال «شكسبير»، وكانت أول مرة استمع إلى أحد أعماله وهو مسرحية «عطيل» بالصدفة من خلال إذاعة البرنامج الثقافي، وكنت فى عمر الثامنة ولشدة أعجابى بها قررت منذ هذه اللحظة أن اتقن اللغة الإنجليزية لقراءة أعمال شكسبير كما كتبها بدون أى تغيير، فبدأت ابحث عن هذه المخطوطات على شبكة الإنترنت وأنا فى المرحلة الثانوية وأقوم بتحويلها إلى طريقة برايل، وفى عام 2015 شاركنى مجموعة كبيرة من الأشخاص من مختلف دول العالم بهدف تحويل هذه المخطوطات لطريقة برايل ونشرها على الإنترنت لتكون متاحة لجميع المكفوفين، ومن المقرر الانتهاء من هذا المشروع العام المقبل. وبدأت فى قراءة أمهات الكتب فى الفلسفة والسياسة للفارابى وابن رشد وأفلاطون وأرسطو منذ عام، ويشاركنى أشخاص من انجلترا ودول أخرى لنتعلم من هؤلاء المبدعين ونستزيد علما. إفادة الآخرين ويكشف محمد الشافعى: أحرص دائما على التطوع فى أعمال تفيد غيرى مثلما أفادنى كثيرون، لذلك قمت بعمل دليل الكشافة المصرية بطريقة برايل بالتنسيق مع هيئة الكشافة المصرية، كما قدمت نسخة من اتفاقية الأشخاص ذوى الإعاقة بطريقة برايل للمركز الثقافى البريطانى، وشاركت المجلس القومى للطفولة والأمومة فى عمل القانون واللائحة بطريقة برايل، وطوال سنوات الجامعة كنت عضوا فى نادى الفلسفة انظم محاضرات فى الفلسفة لزملائى ليتعلموا أكثر، وتحملت مسئولية الإذاعة داخل الجامعة الأمريكية. العقل والروح وفى النهاية يقول الشافعى: تعلمت العزف على البيانو وأنا فى عمر الرابعة على أيدى متخصصين وعندما بلغت السابعة بدأت تعلم العود مع الفنان نصير شمه فى بيت الهراوى، بالإضافة إلى ممارسة السباحة التى كانت رياضتى المفضلة، ولكن بمرور الوقت انجذبت إلى الموسيقى أكثر وأصبح حلمى أن أكون عازف بيانو شهيرا، وبمرور السنوات اكتشفت أنها مجرد هواية وليست حلما، وبدأت أهتم بالمجال السياسى والفلسفة وحقوق ذوى الإعاقة والعمل التطوعى. وأرى أن هناك ارتباطا بين الموسيقى والفلسفة حيث إن الموسيقى علم فلسفى عند الإغريق واحتل مكانة كبيرة إلى جانب أن معظم الفلاسفة كان لديهم ميول موسيقية مثل الفارابى الذى لقب بالمعلم الثانى فى الفلسفة، ولكنه كان عازفا كبيرا، لذلك أنصح كل شخص بالسعى فى كل المجالات المتاحة حتى يحقق الحلم.