◙ طالبة: كيف أستوعب تجربة علمية بين مادتين كيميائيتين وأنا لم أرهما فى حياتى؟ ◙ الطلاب: نطالب بتخفيف المواد العلمية أو وضع مناهج خاصة بنا ◙ أولياء الأمور: الدروس الخصوصية تمثل إرهاقا نفسيا وماديا كبيرا لنا كانت ولا تزال كلمة «الثانوية العامة» تمثل الكثير من المعاناة طيلة العام الدراسى للطلاب المبصرين الذين لا يعانون أى إعاقة، أما بالنسبة للطلاب «المكفوفين» فمعاناتهم «مضاعفة» حيث يجدون صعوبة شديدة فى دراسة المواد العلمية والرياضيات من جهة، ومن الجهة الأخرى عدم توافر المواد بطريقة «برايل»، وتبدأ رحلة معاناتهم فى الصفين الأول والثانى الثانوى، فالبعض منهم تكمن مشكلته فى عدم القدرة على تخيل أشياء لا يتمكنون من رؤيتها طيلة حياتهم، والبعض الأخر يرى أنه لا فائدة من دراسة هذه المواد، وأنها مجرد إرهاق نفسى ومادى لهم ولأسرهم .. لذلك تطرح صفحة «صناع التحدى» هذه القضية، للمناقشة بين الطلاب وأولياء أمور والمسئولين بوزارة التربية والتعليم، لمحاولة إيجاد حلول إيجابية لها. فى البداية يجب الإشارة إلى أن هناك إعلانا صدر منذ عدة أيام عن مجلس كلية الآداب جامعة عين شمس يتيح فيه للطلاب من ذوى الإعاقات البصرية دخول 12 قسما فقط من بين أقسام الكلية ال 17، وهذا يتنافى مع نص المادة (81) من الدستور المصرى الذى أقر مبدأ المساواة فى الحق فى التعليم، والحصول على فرص تعليمية متساوية مع غيرهم من غير ذوى الإعاقة. هذا الإعلان جعل النائبة الدكتورة هبة هجرس عضو المجلسين القومى للمرأة والقومى للإعاقة تعترض وترفض هذا الإعلان فى بيان رسمى لها، موضحة أن رفض كلية جامعية دخول طلاب من ذوى الإعاقة الحاصلين على الثانوية العامة بعض أقسامها هو مخالفة صريحة للدستور ومناقض لقرارات المجلس الأعلى للجامعات فى شان إتاحة جميع الكليات لالتحاق الطلاب ذوى الإعاقة بها وفى الوقت نفسه ضد توجه الدولة بدعم حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة الذى خصص العام المقبل 2018 عام الأشخاص ذوى الإعاقة تتويجا لهم لما قدموه من إنجازات تفوق غيرهم. مناهج خاصة بالمكفوفين تقول ميرنا البحيرى - طالبة بالصف الثالث الثانوى بمدرسة النور للمكفوفون-: أستعد لماراثون الثانوية العامة بعد أقل من شهرين، ومشكلتى منذ الصف الأول الثانوى تنحصر فى مادة الرياضيات التى أشعر بأنها صعبة، ولذلك كنت أحاول فهم المنهج أكثر من مرة حتى أستوعبه، وهذا يحدث بعد مجهود كبير، لذلك أتساءل، لماذا يدرس الطلاب المكفوفين مواد علمية رغم أنه غير مسموح لنا بدخول الكليات أو الأقسام العلمية؟ وأرى أنه من الأفضل أن يتم وضع مناهج خاصة بالمكفوفين ليس من ضمنها أى مواد علمية، لأننى لا أشعر بأى استفادة من دراسة المناهج التى يدرسها المبصرون فى حالة حرماننا من الالتحاق بالقسم العلمى والكليات العلمية. أما رونيا زكريا - طالبة بالصف الأول الثانوى بمدرسه النور للمكفوفين - فتقول: أعانى بشدة مذاكرة المواد العلمية مثل الفيزياء والكيمياء والأحياء، ومشكلتى عدم القدرة على تخيل التفاعلات الكيميائية أو الرسوم التوضيحية، لذلك أشعر بصعوبة بالغه فى استيعابها، وكثيرا ما أشكو للمدرسين من ذلك وأطلب منهم أن يحاولون شرح المعلومة بطريقه مبسطة حتى أتمكن من فهمها، ولكن دون فائدة، لذلك ألجأ إلى الدروس الخصوصية، ورغم ذلك لا أستوعب كل المعلومات. وتتساءل رونيا، كيف أستوعب تجربة علمية بين مادتين كيميائيتين وأنا لم أراهم فى حياتى؟. وتذكر أمل محمد عبد الغفار - الأولى على الثانوية العامة الأزهرية مكفوفين حاصلة على 93٪ - مشكلتها فى المرحلة الثانوية قائلة: كانت مشكلتى أن الكتب ليست بطريقة «برايل» بل كانت مثل كتب المبصرين، وكنت أتغلب على هذه المشكلة بأن أركز جيدا فى شرح المدرسين فى الفصل وعندما أعود إلى المنزل يقوم أحد إخوتى بقراءة الدرس من الكتاب وتسجيله، ثم أقوم بمذاكرته بعد ذلك، ولأنى كنت بالقسم الأدبى لم أدرس أى مواد علمية منذ الصف الأول الثانوى لأن النظام «الثانوى الأزهري» يختلف عن «الثانوى العام» حيث يختار الطالب الشعبة العلمية أو الأدبية منذ السنة الأولى، وأتمنى أن يتم طباعة الكتب بطريقة «برايل» توزع على الطلاب المكفوفين لتسهل عليهم المذاكرة. رأى مؤيد لدراسة المواد العلمية ويشارك محمد طعيمة - الأول فى الثانوية العامة مكفوفين الحاصل على 97٫2 ٪ وألتحق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية - يقول: من الضرورى أن يدرس الطالب مواد علمية ورياضيات حتى لو كان سيلتحق بالقسم الأدبى، وذلك ليكون على دراية بكل المجالات ولا يجب أن تكون معلوماته مقتصرة على جانب واحد فقط وأرى أن المشكلة ليست فى دراسة المواد العلمية، بل فى حرمان المكفوفين من دخول القسم العلمى والكليات العلمية، وأيضا يتم إلغاء الكتب الورقية ويتم استبدالها بالكتب الالكترونية ويتم الاعتماد على التكنولوجيا. عبء مادى على أولياء الأمور أما منال على والدة إحدى الطالبات الكفيفات فتقول: المنهج الدراسى الخاص بالمرحلة الثانوية صعب على أولادنا وذلك يشكل عبئا اقتصاديا كبيرا علينا كأولياء أمور لأننا لا يصبح أمامنا خيار غير الدروس الخصوصية، وذلك يحتاج ميزانية كبيرة، وبعد كل هذا العناء لا يسمح لأولادنا إلا بدخول كليات محددة. ويضيف زكريا محمد والد إ حدى الطالبات الكفيفات: إن الوزارة ترسل أحيانا مدرسين مبصرين إلى مدارس المكفوفين كنوع من العقاب لهم، وبالتالى يكون المدرسون رافضين لوجودهم فى المدرسة، وذلك ينعكس على تعاملهم مع الطلاب، أيضا المدرسون المبصرون يجهلون طريقة برايل ويتعاملون مع الطلاب بطريقة المبصر ولا يستطيعون التواصل نفسيا معهم، والغريب أنه يوجد مدرسون مكفوفون معينون فى وزارة التربية والتعليم بنسبة ال 5٪، فلماذا لا يعملون فى المدارس بدلا من الوزارة؟ والطلب الوحيد الذى أتمنى تنفيذه من الوزير الدكتور طارق شوقى هو تخفيف مناهج المواد العلمية للمكفوفين أو إلغاؤها. إعادة صياغة المناهج وتوضح فاتن صبرى، مدرسه فيزياء: مشكلة الطلاب المكفوفين فى المرحلة الثانوية تكمن فى أن كتب المواد العلمية هى نفس كتب الطلاب المبصرين ولكن بطريقة «برايل» ومحذوف منها كافه الصور والرسوم التوضيحية، لذلك أرى أن الحل هو إعادة صياغة المناهج وعمل أنشطة ووسائل توضيحية تعتمد على حاسة اللمس ومجسمات لتساعدهم على فهم المعلومات وأحاول أن أنفذ ذلك على أرض الواقع وأقوم بعمل مجسمات من الصلصال وأشياء أخرى لتسهل عليهم بعض الشىء، أيضا يعانى هؤلاء الطلاب تأخر استلام الكتب المطبوعة بطريقه «برايل» والتى قد يتسلموها قبل الامتحان بأسبوعين، لذلك يعتمدون على الملخصات التى يقدمها لهم المدرسون، لذا أتمنى أن ينظر لهؤلاء الطلاب بعين الرأفة لأن حياتهم مليئة بالصعوبات ورغم ذلك لديهم طموحات وأحلام وعزيمة تفوق فى بعض الأحيان الكثيرين . نوع من الثقافة وأخيرا يقول الدكتور أحمد أدم الشندويلى مستشار وزير التعليم للتربية الخاصة: لا بد أن يتعرف الطلاب المكفوفون على المواد العلمية كنوع من أنواع الثقافة حتى لا تنحصر معلوماتهم وخبراتهم فى مجال واحد، وفى الخارج المكفوفون يلتحقون بكليات الهندسة كما أن المناهج العلمية الخاصة بهم يتم حذف كل المعلومات التى تعتمد على حاسة الإبصار، وكذلك يتم وضع أسئلة فى الامتحانات تعتمد على الإبصار، بل تكون كلها أسئلة بسيطة تعتمد على المعلومات النظرية، كما يتم حاليا إعداد وثيقة معايير جديدة لمناهج التربية الخاصة ومن بينهم المكفوفون، وتتناسب مع قدراتهم، ولكن لا يمكن إلغاء المواد العلمية للمكفوفين حتى يكون لديهم نفس المعلومات والخبرات التى لدى الطالب المبصر عندما يلتحقون معا فى الجامعة.