ملامحها تضج بالأصالة والوفاء والانتماء كما كل الأمهات المصريات، وفى كلماتها البسيطة والعميقة يسكن الوفاء لذكرى نجلها الوحيد دكتور الطاقة النووية الذى خطفه الموت وهو يعد لحفل زفافه قبل عامين مصابا بمرض السرطان.. هى الحاجة فاطمة حسين عطية تلك السيدة التى بلغت من العمر 75 سنة من قرية منية سندوب مركز المنصورة، أعلنت رغبتها فى التبرع بأرضها البالغة نحو 7 قراريط مع منزلها المكون من ثلاثة طوابق تقدر قيمتهما ب 10 ملايين جنيه لإنشاء مستشفى يحمل اسم ابنها يعالج المرضى المحتاجين كصدقة على روحه وتنفيذاً لوصيته وفداء للوطن. »الأهرام» زارت الحاجة فاطمة التى أسهبت فى الكرم والحفاوة بينما كانت دموعها تسيل وهى تحكى قصة حياتها ومعاناتها وطالبتنا بمساندتها فى تحقيق رغبتها قبل أن تموت، تقول الحاجة فاطمة: بعد أن حصلت على بكالوريوس فنون جميلة من جامعة القاهرة تزوجت السعيد محمد الذى كان يعمل «مباشر أول إنتاج» فى مصنع أخشاب منذ 40 عاما، وبعد زواجها به بعامين توفى فى أثناء إجراء عملية جراحية بعد أن أنجبت منه خالد طفلها الوحيد، ورفضت أن تتزوج وأوقفت حياتها لتربيته وتعليمه حتى حصل على الماجستير والدكتوراة فى الطاقة النووية من جامعة الزقازيق، وبعد أربعة أشهر من حصوله عليهما أصيب بمرض السرطان وتوفاه الله بينما كان يجهز شقته للزواج بعد أن استكمل مشروعه العلمى وبلغ 40 عاما. وأضافت الحاجة فاطمة وهى تشهق بألم وحزن دفين : «خالد كان خاطبا وعروسه أحضرت جهازها وتوفى فى أثناء استعداده للعرس وكان كل همه أن يتفرغ لمشروعه العلمى فى علاج السرطان الذى سافر للولايات المتحدة لعمل أبحاث عليه لمدة شهر، وكنا نتوقع له أن يصبح مثل الدكتور أحمد زويل وهو كان يريد أن ينفذ المشروع فى بلده مصر ورفض عروضا للهجرة إلى الخارج. فى منزل الحاجة فاطمة غرفة للدكتور خالد بها أدوات معمله كما هى مغطاة بالقماش وترفض أن يمسها أحد مع صورة تحملها له عقب مناقشة رسالتى الماجستير والدكتوراة وضعت صورتها بينها وعلقتها فوق الجدران، وتؤكد الحاجة فاطمة أن ابنها كشف لها عن رغبته فى إنشاء مستشفى لعلاج مرضى السرطان وأخبرها إذا مات أن تكمل هى المشروع، ومن أجل ذلك قررت تنفيذ وصيته وتأمل أن تتمكن من تنفيذ حلمه. وتناشد الحاجة فاطمة الدكتور أحمد الشعراوى محافظ الدقهلية أن يسرع فى الاستجابة لتحقيق حلم فقيدها وحلمها الشخصى، كما تناشد الرئيس عبد الفتاح السيسى إصدار توجيهه إلى الجهات المعنية بتذليل الصعوبات وإقامة المستشفى للنفع العام ومن أجل الفقراء حتى لو تنفذه القوات المسلحة.