أفرع الفنون وإبداعاتها لا سقف لها .. فلك أن تختار تخصص بعينه لتتفرد من خلال نافذته وتستطيع أن تطلق ملكتك وموهبتك لتضع لمساتك الخاصة، ولكن هناك أشخاص هم غاية فى الندرة يمرون على مجتمعاتنا.. يمتلكون من الطاقات الإبداعية والقدرات الشغوفة ما يتفوق على مجموعات بشرية كاملة، فكان المبدع صلاح جاهين واحدا من هؤلاء القلائل المارين عبر أزمنة سابقة، واليوم تزداد ذكرى رحيله عن عالمنا بنحو 32 عاماً، مما يعنى تلاحق أجيالً وفترات زمنية قد تجعلنا نسقط الكثير من نجاحات الماضى أو التاريخ المنصرم سواء لأشخاص أو أحداث، إلا إن الوجود المكانى لمكونات إنسانية وفنية مثل”صلاح جاهين “وغيره من مبدعى هذا الوطن بعطاء وإخلاص لا ينكره أحد. وهنا على صفحتنا المتخصصة للفنون التشكيلية يصعب علينا اجتزاء التنوع الشديد لهذا الإنسان فى إبداعاته برسوم الكاريكاتير على صفحات جريدة الأهرام وقبلها بمجلتى روزاليوسف وصباح الخير، وتمكنه من توجيه المجتمع والتأثير على ثقافته وأفكاره من خلال فنونه الساخرة بما كان لها من إسقاطات على سلبيات المجتمع وبين خطوط رسومه الكاشفة لخبايا الموشحين تحت رداء الدين منذ حينها، والعديد من الكاريكاتير السياسى والاقتصادى ومحاربه غلاء الأسعار بشكل موجه للقائمين بالحكومة على ضرورة إعادة الرؤى وسرعة إصلاح الأوضاع من أجل المواطنين، فهكذا كان الدور والتأثير الواضح والملموس للفنون والثقافة، إلا أن أدوات جاهين لم تقف من هنا، فبجانب رسائله اليومية من خلال رسوماته بالأهرام، كانت ولا تزال أشعاره وكتاباته الأشهر «رباعيات صلاح جاهين»، وبالإضافة لكل ما سبق كان عشقه للتمثيل ليظهر بالعديد من الأعمال الشهيرة، كما تفرد بتأليف أشهر روائع تراث الأفلام السينمائية مثل: عودة الابن الضال، وداعا بونابارت اليوم السادس من إخراج يوسف شاهين، المماليك،غرام فى الكرنك، خلى بالك من زوزو، شفيقة ومتولي، أميره حبى أنا، المتوحشة، رغبة متوحشة، ومسلسل هو وهي، وفيديو اللعبة للفنانة نيللي، و«أوبريت الليلة الكبير» كأشهر مسرح للعرائس حتى الآن وغيرها الكثير من الأعمال المتنوعة التى أداها الراحل صلاح جاهين على أكمل وجه، ليتمكن من أدواته الفنية بإبداع مستمر حتى يومنا هذا وسيظل لأجيال قادمة كشعاع ضوء لمجالات الفنون والإبداعات.