أعترف أن كثيرا ما انتابتنى موجات من الغيرة بسبب الترويج المستمر فى إعلامنا العربى بكل أطيافه بأن المرأة الأوروبية والأمريكية نالت حقوقها كاملة وتجلس الآن على مقاعد الرفاهية تنظر إلينا نحن نساء العالم المتخلف من عليائها، وترسل لنا المنظمات الحقوقية والهيئات الدولية لإجراء البحوث التى تسهم فى وضع سياسات مبنية على علمهم وخبرتهم لينقلوها إلينا وتتقدم نساؤنا مثلهم وتحصل على ما حصلت عليه المرأة هناك، والحقيقة أن هذه الغيرة دفعتنى للبحث والقراءة وعدم الاعتماد على إعلامنا فقط، كنت فى ذلك مدفوعة بحقيقة مؤكدة وهى أن تاريخ المرأة العربية كتبه رجال دائما ما انحازوا إلى جنسهم، ولم يفسحوا مكانا فى كتاباتهم للحديث عن إنجازات المرأة اللهم ما سقط سهوا أو رغما عنهم. فمن من الأجيال الحالية أو حتى السابقة يعرف الملكة أروى بنت الصليحية داعية الفاطميين وحجتهم باليمن، وصحيح أن كثيرا منا يعرف شجر الدر المملوكية ولكن لا يعرف إلا القشور التى تدينها أكثر ما تشرفها أو تثرى تاريخ المرأة العربية ، كنت مدفوعة كذلك بما نالته المرأة العربية والمسلمة حقا وفعلا بالإسلام الذى رفعها مكانا عاليا فكانت رفيدة الطبيبة المسلمة على عهد رسول الله «صلى الله عليه وسلم» «تداوى الرجال وتطببهم فى السلم والحرب وغيرها كثيرات، فى حين أن الطبيبة البريطانية» مارجريت بكلى «ظلت تمارس الطب سرا وارتدت ملابس الرجال تحت اسم رجل لستة وخمسين عاما! وفى القرن الثامن عشر كانوا ينظرون لإقبال الفتيات على القراءة بنهم باعتباره وباء، واليوم مازالت المرأة الأمريكية والأوروبية والصينية تناضل وتحاول تخطى العقبات بالقفز عاليا ومازال الموقف غير مستقر رغم إيهامنا بعكس ذلك فمازال كثير من الأمهات فى الولاياتالمتحدةالأمريكية يقاضين أصحاب العمل على التمييز ضدهن فى التوظيف بموجب القوانين المتباينة التى لا تحميهن وهن فى الغالب يكسبن هذه القضايا، وتصدر أعداد ضخمة من الأحكام ضد الشركات التى تتمادى فى ممارساتها ضد الأمهات، كذلك فإن الأمهات العاملات هناك يحصلن على أجور أقل من العاملات اللاتى بدون أطفال وهذا نوع آخر من التمييز لا يوجد فى مصر. يظهر التمييز ضد المرأة فى أمريكا حينما ترتقى إلى أعلى المناصب فى المهن التى كانت حكرا على الرجال مثل أجهزة الشرطة، هذا ماقالته مارجريت يورك النائب السابق لرئيس جهاز الشرطة فى لوس انجلوس وهى تشرح تجربتها لمؤلفة كتاب «نساء على القمة»2010 الذى فضح كثيرا من التمييز ضد المرأة فى كل من أمريكا والصين وهونج كونج، وتقول إن ارتقاءها للسلطة كان بالنسبة للكثير من ضباط الشرطة إهانة لرجولتهم، تقول مؤلفة الكتاب إن التمييز والإزدراء يأخذان أشكالا كثيرة فرئيسة أكبر مصنع لإنتاج 60 مليون قميص سنويا تحدثت عن تجربتها مع التمييزبسبب أنها امرأة وهى تشق طريقها للقمة، فقد كانت تتعرض لمضايقات لفظية من رؤسائها وكانوا مثلا يطلبون منها أن تصب لهم القهوة على أساس أنها إمرأة ولكنها تعاملت مع الأمر بوضع استراتيجية وتغلبت على كل تلك العقبات حتى أصبحت من بين أقوى 50 امرأة فى عالم الأعمال حسب مجلة «فورتشن» كذلك تحدثت «كيم كامبل» أول سيدة تتولى منصب رئيسة وزراء كندا عن أن الإنسان يبدأ فى التعلم منذ الميلاد كيف يعمل العالم فإذا كنا نعيش فى عالم يقوده الرجال فإن من الطبيعى أن يتم التصرف بسلبية تجاه النساء اللاتى يقمن بهذا الدور حتى لو تظاهر كثير من الرجال بأنهم يؤيدون المساواة، وقد تعرضت كيم كامبل للكثير من المواقف الصعبة بسبب نوعها. علينا نحن النساء فى مصر والعالم العربى والعالم كله أن نطالب باختيار القادة بالتساوى بين المرأة والرجل ولا يتم الاختيار من نصف السكان فقط، لأننا بذلك نفقد مواهب النصف الآخر، وفى مصر نطلب من الرئيس السيسى أن تتولى المرأة منصب رئيس وزراء مصر القادم. لمزيد من مقالات سهيلة نظمى