يفضح كثير من الرجال موقفهم الحقيقى ضد المرأة عندما يعفون أنفسهم من الالتزامات الأخلاقية التى يفرضونها فرضاً عليها! وهو ما يطعن فى جدية زعمهم بأن منطلقاتهم نحو المرأة من مرجعيات دينية أو أخلاقية، لأنه يُفتَرَض فى هذه المصادر أن قيمها الأخلاقية واجبة التطبيق على الإنسان رجلاً كان أو أمرأة. وليس من الدقة فى التوصيف أن يُقال عن هؤلاء الرجال إنهم متزمّتون أخلاقياً، وإنما هم بالقول الصريح: ذكوريون متعصبون ضد المرأة! وعلى الناحية الأخري، فهناك ما هو أكثر غرابة لدى جيش من الأمهات يقمن بتمييز أبنائهن على بناتهن، فيشاركن من المنابع فى تنشئة متعصبى المستقبل! وأما ما هو أخطر، فتجده عند بعض المتحمسات لتحرير المرأة ولتحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين، ولكنهن يتمسكن بأن يعاملهن الرجل كجنتلمان، بمثل أن يعفيها من الوقوف فى الطابور..إلخ! ولا تدرك هذه الفئة من النساء أن مطالبهن تلك هى عملية التجميل الاجتماعى لفرض التمييز المتخلف بين الجنسين وليس تكريم المرأة! أما إذا أردن أن تؤخذ مطالبهن بالجدية المطلوبة، فالأحري، وهن يطالبن بحق المرأة، الذى ينبغى ألا يكون عرضة للمجادلة، فى المناصب المميزة والقيادية، كقاضية ووزيرة ورئيسة وزراء ورئيسة جمهورية، أن تعلو أصواتهن فى المطالبة بحق المرأة، وليس واجبها، فى تأدية الخدمة العسكرية، وفى أن تُتاح لها الفرصة المتكافئة مع الرجل فى العمل أيضاً كسائقة قطار ومترو وفى الشرطة الميدانية..إلخ. وبالمناسبة، فإن النساء يعملن فى هذه المهن، وفيما هو أكثر منها قسوة، فى الدول الأكثر تقدماً فى تحقيق المساواة المأمولة. وهذا هو ما يُعزِّز حجج المساواة ويؤكد أن المُطالِبات بها لا يكتفين بما يحقق لهن الأبهة الاجتماعية وهيلمان السلطة وإنما أنهن جادات فى تحمل الأعباء التى تترتب على إعمال مبدأ المساواة، وحتى تنتفى من المنبع مبررات المتعصبين، وحتى نضع أهم أسس الدولة الحديثة. أما إذا تحجَّجت بعض الناشطات بأن طبيعة المرأة لا تسمح لها ببعض الأعمال، فهذا هو بالضبط مبدأ المتعصبين الذين يبررون جريمتهم فى حرمان المرأة من المساواة بحجة أن طبيعتها لا تسمح لها بالقيام ببعض الأعمال!