باختيار نادية عبده لمنصبها الجديد على رأس محافَظة البحيرة صار لزاماً أن نستسيغ من الآن كلمة «محافِظة»، بكسر الفاء، كم سبق واستعملنا كلمات مثل «وزيرة» و«نائبة» و«محامية» و«قائدة طائرة». وقد صار هذا اليوم تاريخياً لمصر، وليس وقفاً على المرأة المصرية، لأنه فى جوهره علامة على تطور البلد وعلى نضج رجالها قبل أن يترتب عليه الإقرار ببعض الحقوق للمرأة. وهو مدعاة لسعادة كل من يطالبون بالمساواة، وكل من يتصدّون، أو يكتفون برفض، الأفكار التى تشدّ المجتمع كله إلى الخلف بتعطيل نصف السكان عن المشارَكة فى العمل العام وعن جحد استحقاقاته الواجبة الأداء. وقد أطل أصحاب هذه الأفكار، بالفعل وفور إعلان القرار، يعلنون رفضهم ويُكرِّرون أنه لا يصلح قوم ولّوا أمرَهم امرأة..إلخ. يُنسَب الفضل فى اتخاذ القرار للرئيس السيسى، وهذه حقيقة لا ينبغى المجادَلة فيها، مع الأخذ فى الاعتبار أن المرأة المصرية حققت بالفعل الأوضاع العملية على الأرض التى جعلت تأجيل القرار متناقضاً مع الواقع، وهذا ما جعل الاستقبال العام طيباً، ووضع المناوئين فى ركن منعزل. ولا بأس من أن يكون مسار الإصلاح فى مصر من قمة المناصب، علّنا نرى المرأة قريباً فى وظائف تؤكد مبدأ المساواة، وهى أمينة للشرطة وسائقة قطار ومترو، وغير ذلك من النشاطات والأعمال، على أمل أن تنال قريباً حقها، وليس واجبها، فى التجنيد، لتحظى بشرف الدفاع عن أرض الوطن أسوة بمواطنيها الرجال الذين ينفردون وحدهم بهذا الشرف حتى الآن. وقد صار فى صلاحيات المحافِظة نادية عبده، بحكم منصبها الجديد، أن تدفع بأمور كثيرة إلى الأمام، وهو ما يُتوقع معه أن تحقق البحيرة إنجازاً معتبراً فى التصدى لجريمة ختان الفتيات، وبإتاحة الفرصة للبنات من الصغر أن يتعلمن الرياضة والموسيقى والغناء، وأن يشاركن فى المسابقات ويحققن بطولات، وأن يُستعاد نشاط دور السينما والمسارح وفرق الرقص الشعبى، وأن يجرى كل هذا بالتوازى مع انتشار الحدائق، بدلاً من العشوائيات، وفرض النظام والنظافة فى الشوارع والطرق..إلخ. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;