رغم الحاجة إليه لتنفيذ برنامج النهضة الذي ينادي به الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية فإن المجلس التنسيقي بين السياستين النقدية والمالية الذي صدر قرار جمهوري بانشائه منذ7 سنوات قد توفي اكلينيكيا بعد قيام ثورة25 يناير واصبح جثة هامدة تنتظر تشييعها. في الوقت الذي تعالت فيه اصوات خبراء البنوك والتمويل والاقتصاد بأهمية احيائه وتفعيل اجتماعاته تحت اشراف رئيس الوزراء الجديد لمتابعة تنفيذ توصياته لما لها من اهمية كبري في ضبط الايقاع والاداء في السياستين المالية والنقدية لمجابهة السلبيات الناتجة عن عدم تفعيله في المرحلة الماضية وأهمها ارتفاع سعر الفائدة ومعدلات التضخم. بداية يوضح الدكتور محيي الدين علم الدين رئيس اللجنة القانونية باتحاد البنوك, أن قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي88 لسنة2003 كان من اهم ثمراته انشاء لجنة فنية علي مستوي عال يصدر قرارا جمهوريا بتشكيلها ويسمي بالمجلس التنسيقي للتوفيق في المشاكل المشتركة بين السياستين النقدية والمالية وبالفعل صدر قرار جمهوري في12 يناير2005 وكانت من اهم اهداف هذا المجلس سلامة الجهاز المصرفي وتفعيل نشاطه في اطار السياسة الاقتصادية القومية بحيث لا يكون هناك تعارضا بين السياستين بل ان اللائحة التنفيذية للقانون وضعت مهام ووظائف هذا المجلس وكيفية تشكيلة واوكلت الي هذا المجلس وضع خطة للسياسة النقدية والمالية ويشرف علي تنفيذها البنك المركزي المصري والحكومة متمثلة في وزارة المالية وكان يجب ان يجتمع هذا المجلس تحت اشراف رئيس الحكومة لكن عمليات الشد و الجذب حول من يترأس هذه الجلسات حالت دون اجتماعه بشكل منتظم ولم تصدر عنه اي توصيات لحل مشكلة ما من المشاكل العديدة التي عاني منها الجهاز المصرفي والسياسة المالية0 يشير علم الدين الي ان اللائحة التنفيذية لقانون البنوك نصت علي ضرورة اجتماع هذا المجلس كل3 اشهر وان تكون له امانة فنية مهمتها التحضير لاجتماعاته واعداد الابحاث والتوصيات0 الادارة الذاتية ويري الدكتور شريف دلاور استاذ الاستثمار والتمويل بالاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا انه لا يوجد علي مستوي البنوك المركزية العالمية مفهوم الاستقلالية بمعناها المتداول لدي الخبراء لكن هناك ما يطلق عليه الادارة الذاتية التي يختارها كل بنك وفقا لظروفه ولا يتدخل في شئونها احد, لكن هذه الادارة تخطط شئونها وفقا للسياسة المالية والاقتصادية في البلد الذي يتواجد فيها البنك المركزي, مشيرا الي ان الفصل بين السياستين النقدية والمالية ينجم عنها مشاكل اقتصادية كبيرة كالتي نعاني منها الآن مثل ارتفاع سعر الفائدة علي أذون وسندات الخزانة مما يترتب عليها زيادة الدين المحلي واعباؤه علاوة علي ارتفاع معدل التضخم وتآكل الاحتياطي من العملات الاجنبية بشكل حاد. ويطالب بتفعيل المجلس وان يشرف عليه رئيس الوزراء لانه لا يمكن فصل السياستين عن بعضهما البعض ولابد من التوافق بينهما اما مفهوم الاستقلالية الذي يرفعه البعض بالمعني الواسع للكلمة يعني انه يعمل في جزر منفصلة ولم تتواجد هذه الاستقلالية حتي في البلدان الغربية. ويتفق الدكتور سعيد توفيق عبيد استاذ التمويل والاستثمار بتجارة عين شمس مع الدكتور دلاور في ضرورة تفعيل دور المجلس واحداث التناغم بينهما لضمان تنفيذ حزمة الاجراءات الاقتصادية ليبقي رئيس الوزراء هو المحكم بينهما وفض أي اشتباك بينهما فيما لو حدث نزاع حول تنفيذ التوصيات مطالبا بأن يكون لجميع الجهات الاستثمارية والزراعية والصناعية والتصديرية ممثلون في هذا المجلس لاتخاذ قرارات تفعيلية. واشار إلي ان الاقتصاد المصري بحاجة إلي50 مليار جنيه لكي ينطلق من كبوته تنفق علي التعليم وتطويره والنهوض بالعشوائيات والتأمين الصحي والتدريب التحويلي ولكن المجلس التنسيقي هو الذي يحدد آليات التمويل المناسبة لهذه المشروعات. ويقول إن الاستقلالية للبنك المركزي تقتصر علي إدارة شئونه أما فيما يتعلق بتنفيذ المشروعات القومية المدرجة في خطط الدولة يلزم عليه التنسيق مع الحكومة ويؤكد أن غياب المجلس التنسيقي طوال السنوات الماضية كان من مسؤليه القائمين علي السياستين المالية والنقدية حيث كان يرغب كل منهما في الهيمنة علي الاخر فإستحال معها التنسيق والتوافق وجاء ذلك بنتائج سلبية علي الاقتصاد المصري تمثل ذلك في ارتفاع حده التضخم ثم تذبذب حجم السيوله المحلية بين الصعود والانخفاض في الاسواق فارتفعت اسعار السلع بلا مبررات احيانا وساد الاقتصاد حالة من الحيرة والارتباك ولو كان هناك تنسيق لما كنا نتعرض لهذا الارتباك في الاسواق اتصال دائم لكن الخبير المصرفي إسماعيل حسن محافظ البنك المركزي الاسبق وعضو المجلس التنسيقي له رأي آخر قائلا إن المجلس كان يجتمع بشكل غير منتظم لكن هذه الاجتماعات توقفت منذ ما يقرب من العامين وأن قراراته بمثابة توصيات وليست ملزمة بالتنفيذ وان قانون البنوك رقم88 لسنة2003 قد تضمن بندا خاصا بإنشائه حتي صدر قرار رئيس الجمهورية عام2005 بإنشاء هذا المجلس وتشكيله, وكان يضم وزراء الاستثمار وقطاع الاعمال العام والتخطيط والمالية ومحافظ البنك المركزي وعدد من الشخصيات المصرفية والعامة والعالمية المعروفة مثل الدكتور محمد العريان الخبير الدولي في صندوق النقد الدولي وعبدالشكور شعلان خبير صندوق النقد الدولي. واشار إلي ان كل من السياستين النقدية والمالية يمكن ان يختلفا لكن هذا الخلاف يصب في النهاية لصالح المجتمع مؤكدا ان غياب المجلس لا يعني ضياع التنسيق بل ان محافظ البنك المركزي ووزير المالية أو رئيس الحكومة علي اتصال دائم فيما يخص مشاكل الاقتصاد بعيدا عن هذا المجلس الذي لم يجتمع بشكل دوري ويؤكد ان القانون منح الاستقلالية للبنك المركزي فيما يتخذه من قرارات حتي لا يتعرض للضغوط أو القيود من قبل احد في الحكومة لكن قراراته في كل الاحوال لصالح المجتمع وخدمته, ويقول ان المجلس لم يكن له ميزانية مستقلة وبالتالي لم يتقاض اعضاؤه أي مقابل نقدي عن حضور جلساته. ويضيف ان قانون البنوك ولائحته التنفيذية اتاح لهذا المجلس ان يستعين بالدراسات والابحاث التي تجريها ادارات البحوث والدراسات بالبنك المركزي لاستخدام نتائجها في اجتماعاته ومناقشاته فيما يتعلق بالسياسة النقدية والموازنة العامة. ويؤكد الدكتور حمدي عبد العظيم عميد اكاديمية السادات للعلوم الادارية الأسبق أننا بحاجة ماسة الي المجلس التنسيقي للمرحلة الحالية خاصة بعد اعلان الرئيس محمد مرسي عن مشروع النهضة والمشروعات الخمسة التي اعلن عن تنفيذها خلال المائة يوم وان مثل هذة المشروعات تحتاج الي تمويل حكومي واستثماري من خلال برامج تنموية في البنية الاساسية والخدمات التي تقدم للمواطنين حيث يحتاج ذلك الي تمويل اجنبي يقدم من خلال وزارة التعاون الدولي إضافة الي الاعتمادات التي توفرها وزارة المالية لكل جهة ادارية لتنفيذ برامجها, وهنا يتضح دور البنك المركزي في عمل مواءمة بين اسعار السلع والخدمات من خلال السيطرة علي نسب السيولة المحلية المتاحة في الاسواق للتحكم في معدلات التضخم ويلعب المجلس التنسيقي دورا ايضا في تمويل عجز الموازنة وايضا عند حدوث مشاكل في سوق المال. ويطالب عبد العظيم أن تتم اجتماعاته تحت اشراف رئيس الوزراء وان يتم العمل بالتوصيات والقرارات التي يتخذها لضمان تفعيله وتحقيق الهدف من انشائه.