رغم أحاديث المصالحة التى روجت لها قطر كذبا قبل انعقاد قمة مجلس التعاون الخليجى بالكويت، فإن تطورات الأزمة اليمنية جاءت لتؤكد من جديد زيف إدعاءات الدوحة فى حل أزمة قطع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب علاقتها معها، بسبب دعمها ورعايتها التنظيمات الإرهابية المهددة لأمن واستقرار المنطقة. وعلى مدى ال 6 أشهر الماضية منذ إعلان المقاطعة مع قطر فى 5 يونيو الماضى، لم تفوت الدوحة أى فرصة حتى تتأكد صحة قرار الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، وزيف ما روجت له فى حينه من اختراق وقرصنة لأجهزتها، تلك القضية التى وعدت بالكشف عن المتورطين فيها من وقتها وحتى الآن، ذلك دون تقديم دليل واحد. ومع استمرار سياسة التزييف وقلب الحقائق القطرية التى قللت من تأثير المقاطعة عليها، إلا أنها لم تفلح فى إخفاء مدى انعكاس إجراءات الدول الداعية لمكافحة الإرهاب على معاناة الدوحة فى شتى المجالات، والتى يمكن تلخيصها فى التالى: سياسيا : نجحت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب فى فرض العزلة السياسية على نظام الدوحة، لتتجرع بمرور الوقت ثمن سياستها الداعمة للإرهاب، وهو ما جاء أبرز ملامحه واضحا فيما شهدته قمة التعاون الخليجى ال 38 من غياب شبه جماعى لزعماء دول الخليج عن أول مؤتمر قمة منذ اندلاع أزمة المقاطعة مع الدوحة. كذلك فقد نجحت المقاطعة فى قطع أذرع الإرهاب القطرية فى بؤر الصراع المشتعلة، حيث خسرت الدوحة عضويتها فى التحالف العربى باليمن، إلى جانب دورها فى فلسطين بعد إتمام مصر جهود المصالحة وإنهاء حالة الانقسام بين حركتى فتح وحماس، كما تم إعلان النصر على داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية الممولة من قطر فى كل من سوريا والعراق. أيضا فقد نجحت المقاطعة فى إفشال الخطط القطرية لضرب استقرار لبنان، إلى جانب شل حركتها فى ليبيا بعد النجاحات العسكرية التى حققها الجيش الوطنى الليبى، فيما خسرت دورها فى أفريقيا، عقب إعلان موريتانيا وتشاد والنيجر انضمامها لدول المقاطعة. فى المقابل، فشلت محاولات أمير قطر عبر جولاته الخارجية إلى أوروبا وآسيا وأمريكا فى إحداث أى ثغرة فى جدار المقاطعة، أو اكتساب ما يمكن تسميته «حلفاء جدد»، بل وعلى العكس رافقته فى مختلف محطات قطار جولاته جميعا المسيرات المطالبة بفضح إرهاب الدوحة غير المقصور على محيطها العربى، بل وتعداه إلى مختلف دول العالم، التى شهدت على مدى الأعوام القليلة الماضية العديد من الهجمات الإرهابية على أراضيها، ما أسفر عن سقوط الكثير من الضحايا من الأبرياء. اقتصاديا: ترافقت المقاطعة مع تدابير اقتصادية تشمل غلق الحدود البرية والبحرية، وحظر الرحلات التابعة للطيران القطرى، وغيرها. وفور التنفيذ تصدرت مشاهد سكان الدوحة، وهم يفرغون رفوف المراكز التجارية الكبرى من سلعها وسائل الإعلام الدولية. كما اعتاد المتعاملون بأسواق المال مشهد اللون الأحمر لأسهم بورصة قطر، كدلالة على الخسائر فى تعاملاتها بفعل التأثيرات السلبية نتيجة المقاطعة. وخسرت بورصة قطر خلال الشهور الماضية منذ بدء المقاطعة فى يونيو وحتى نهاية نوفمبر الماضى أكثر من 112مليار ريال قطرى (30٫7 مليار دولار) من قيمة أسهمها السوقية. كما تراجع عدد المستثمرين الأجانب (أفرادا وشركات) بنسبة 1٫34٪ منذ بدء المقاطعة ووصل عددهم إلى 187ألفا و631 مستثمرا. وإقرارا بالمعاناة، أعلنت قطر عن برنامجا للسماح بدخول البلاد دون تأشيرة لمواطنى 80 دولة بهدف تشجيع النقل الجوى والسياحة، كما سمحت لمواطنى 33 دولة بالبقاء مدة 180 يوما، ولمواطنى 47 دولة بالبقاء حتى 30 يوما. ويمثل الزوار من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الست نحو نصف عدد زوار قطر، بينما تمثل الرحلات الجوية التى أوقفتها الدول الأربع (السعودية- الإمارات- البحرين- مصر) نحو 25٪ من رحلات الطيران القطرى. إعلاميا: كشفت المقاطعة عن وهن الآلة الإعلامية القطرية الجبارة الممثلة فى قناة الجزيرة ،بوق الأكاذيب، من خلال التناقض الواضح بين التصريحات والسياسات، بالشكل الذى راح يثبت يوما بعد أخر تهمة الإرهاب على الدوحة، مما أسفر عن فشل الدوحة فى تمرير ادعاءاتها وافتراءاتها للعالم، وإيهامه بما وصفته ب«الحصار» من جانب الدول الداعية لمكافحة الإرهاب بحقها، بعد ما ثبت للعالم أجمع صحة ما اتخذته من إجراءات ضدها. فشلت الدوحة فى كسب أى تعاطف إقليمى أو دولى واسع، حيث اكتفت معظم الصحف والمواقع العالمية بمتابعة أخبار الأزمة كما هى، مستعرضة فى الوقت نفسه انتقادات بعض الأوساط لقطر بسبب دعمها جماعات مسلحة فى مناطق النزاع العربية، ودعمها وإيواءها قيادات تنظيمات إرهابية على رأسها جماعة الإخوان، إلى جانب إدراج بعض المواطنين القطريين ممن يمولون الإرهاب على قائمة وزارة الخزانة الأمريكية لمكافحة تمويل الإرهاب. فضائح مدوية ، تلك التى كشفتها وثائق أمريكية ونقلها موقع «ويكيليكس»، حيث اعتقد المسئولون القطريون أن أحاديثهم السرية مع كبار المسئولين فى الإدارة الأمريكية ستبقى كذلك، إلا أن الوثائق كشفت عن عدة فضائح قطرية رغبت الدوحة فى أن تخفيها عن العلن. وأكدت الوثائق كذبة إغلاق المكتب الدبلوماسى الإسرائيلي فى الدوحة، إضافة إلى تفضيل تقديم مساعداتها إلى غزة من خلال إسرائيل بدلا من مصر، إلى جانب الدفع باتجاه اعتراف حركة حماس بإسرائيل، من أجل التحريض على الدور المصرى لتحقيق السلام الفلسطينى-الإسرائيلى، والدفاع القطرى عن البرنامج النووى لإيران. لقد أصبح واضحا تماما ان الحياة فى قطر التى وصفها أميرها بأنها «تسير بشكل طبيعى منذ بداية الحصار» فى خطاباته الثلاثة منذ بدء الأزمة ليست سوى استمرار لسياسة العناد والمكابرة. وهكذا منيت السياسة القطرية بفشل فى مختلف الاتجاهات، حيث لم تنقذها الأكاذيب التى دأبت على ترويجها، بعدما أدرك العالم حقيقة دورها الداعم للإرهاب. فى المقابل، فإن الدول الداعية لمكافحة الإرهاب لم تطالب الدوحة إلا بتنفيذ ما سبق أن تعهدت به بالفعل فقط فى اتفاق الرياض 2013 وملحقاته التكميلية فى 2014. فهل وصلت الرسالة.. أم أن العناد ما زال سيد الموقف؟