أسعار العملات اليوم الجمعة 19-4-2024 مقابل الجنيه.. مستقرة    وزير الإسكان: تنفيذ أكثر من 900 حملة ضمن الضبطية القضائية بالمدن الجديدة    إنطلاق موسم حصاد القمح في الشرقية وسط فرحة المزارعين    عضو ب«الشيوخ»: النظام الدولي فقد مصداقيته بعدم منح فلسطين عضوية الأمم المتحدة    مصر تعرب عن قلقها تجاه التصعيد الإيراني الإسرائيلي: نتواصل مع كل الأطراف    مراسلة «القاهرة الإخبارية» بالقدس: الضربة الإسرائيلية لإيران حملت رسائل سياسية    رقم سلبي يطارد كلوب بعد خروج ليفربول من الدوري الأوروبي    باير ليفركوزن ينفرد برقم أوروبي تاريخي    ارتفاع درجات الحرارة الأسبوع المقبل.. التقلبات الجوية مستمرة    أمين المجلس الأعلى للجامعات التكنولوجية: تعميم الساعات المعتمدة بجميع البرامج التعليمية    فتاة تتخلص من حياتها لمرورها بأزمة نفسية في أوسيم    هشام ماجد ينافس على المركز الثاني بفيلم فاصل من اللحظات اللذيذة    جدول مباريات اليوم.. ظهور مرموش.. افتتاح دوري "BAL" السلة.. ولقاء في الدوري المصري    «التوعوية بأهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي لذوي الهمم».. أبرز توصيات مؤتمر "تربية قناة السويس"    «النواب» يبدأ أولى جلساته العامة بالعاصمة الإدارية الأحد بمناقشة «التأمين الموحد»    الدولة ستفي بوعدها.. متحدث الحكومة يكشف موعد الانتهاء من تخفيف أحمال الكهرباء    وزير المالية يعرض بيان الموازنة العامة الجديدة لعام 2024 /2025 أمام «النواب» الإثنين المقبل    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 19 أبريل 2024.. «الدلو» يشعر بصحة جيدة وخسائر مادية تنتظر «السرطان»    9 مليارات دولار صادرات مستهدفة لصناعة التعهيد فى مصر حتى عام 2026    بسبب ال«VAR»| الأهلي يخاطب «كاف» قبل مواجهة مازيمبي    ارتفاع أسعار الأسماك اليوم الجمعة في كفر الشيخ.. البلطي ب 95 جنيهًا    طائرات الاحتلال تشن غارتين على شمال قطاع غزة    أمريكا تعرب مجددا عن قلقها إزاء هجوم إسرائيلي محتمل على رفح    مطارات دبى تطالب المسافرين بعدم الحضور إلا حال تأكيد رحلاتهم    الدولار على موعد مع التراجع    «العشرية الإصلاحية» وثوابت الدولة المصرية    موضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد الأوقاف.. تعرف عليه    أخبار الأهلي : موقف مفاجئ من كولر مع موديست قبل مباراة الأهلي ومازيمبي    أحمد شوبير يوجه رسالة غامضة عبر فيسبوك.. ما هي    طلب عاجل من ريال مدريد لرابطة الليجا    أحمد كريمة: مفيش حاجة اسمها دار إسلام وكفر.. البشرية جمعاء تأمن بأمن الله    مخرج «العتاولة»: الجزء الثاني من المسلسل سيكون أقوى بكتير    شريحة منع الحمل: الوسيلة الفعالة للتنظيم الأسري وصحة المرأة    فاروق جويدة يحذر من «فوضى الفتاوى» وينتقد توزيع الجنة والنار: ليست اختصاص البشر    سوزان نجم الدين تتصدر تريند إكس بعد ظهورها مع «مساء dmc»    هدي الإتربي: أحمد السقا وشه حلو على كل اللى بيشتغل معاه    مسؤول أمريكي: إسرائيل شنت ضربات جوية داخل إيران | فيديو    منهم شم النسيم وعيد العمال.. 13 يوم إجازة مدفوعة الأجر في مايو 2024 للموظفين (تفاصيل)    انهيار منزل من طابقين بالطوب اللبن بقنا    تعديل ترتيب الأب.. محامية بالنقض تكشف مقترحات تعديلات قانون الرؤية الجديد    محمود عاشور يفتح النار على رئيس لجنة الحكام.. ويكشف كواليس إيقافه    والد شاب يعاني من ضمور عضلات يناشد وزير الصحة علاج نجله (فيديو)    الجامعة العربية توصي مجلس الأمن بالاعتراف بمجلس الأمن وضمها لعضوية المنظمة الدولية    الإفتاء تحسم الجدل بشأن الاحتفال ب شم النسيم    وزير الخارجية الأسبق يكشف عن نقاط مهمة لحل القضية الفلسطينية    أحمد الطاهري يروي كواليس لقاءه مع عبد الله كمال في مؤسسة روز اليوسف    سكرتير المنيا يشارك في مراسم تجليس الأنبا توماس أسقفا لدير البهنسا ببني مزار    بسبب معاكسة شقيقته.. المشدد 10 سنوات لمتهم شرع في قتل آخر بالمرج    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء للمريض في ساعة استجابة يوم الجمعة.. من أفضل الأوقات    جريمة ثاني أيام العيد.. حكاية مقتل بائع كبدة بسبب 10 جنيهات في السلام    إصابة 4 أشخاص فى انقلاب سيارة على الطريق الإقليمى بالمنوفية    طريقة عمل الدجاج سويت اند ساور    نبيل فهمي يكشف كيف تتعامل مصر مع دول الجوار    شعبة الخضر والفاكهة: إتاحة المنتجات بالأسواق ساهمت في تخفيض الأسعار    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    أخبار 24 ساعة.. مساعد وزير التموين: الفترة القادمة ستشهد استقرارا فى الأسعار    فحص 1332 مواطنا في قافلة طبية بقرية أبو سعادة الكبرى بدمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرغيف يسأل: لماذا؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 12 - 2017

يظل رغيف الخبز هو القمر الشخصي الذي يطل علي كل معدة تطلب الإشباع؛ ويعلم الرغيف أنه ينال درجة القداسة عند عموم المصريين؛ فقد أطلقنا عليه لقب «عيش» أي أنه مرادف للوجود.
وواقعنا يتذكر دون أي دهشة هذا الاسم الذي أطلقناه علي تحرك العامة في يناير 1977 ضد تطبيق الراحل السادات نصائح صندوق النقد برفع الدعم عن الخبز، فقال الحريصون علي حياة البسطاء «إنها انتفاضة الخبز» بينما قال السادات هي «انتفاضة الحرامية». وكانت حركة العامة سببا في تراجع السادات عن أي تحريك لسعر رغيف الخبز، وكانت حركة الجموع يومها تمثل فرصة للمتأسلمين كي يختبروا قوتهم في تحريك الشارع. ولن أنسي مشهدين من تذكار ذلك اليوم. المشهد الأول هو نزولي مع طفلتي لشراء خبز من المخبز الآلي بميت عقبة ولم أكن اعلم بحركة الغضب الجماهيري تلك ، وفوجئت بوقوف رجل له ذقن لابأس بها يقف بجانب الشباك الحديدي الذي يقدم فيه عامل المخبز الخبز للجمهور بالسعر المرتفع؛ فقال صاحب الذقن «نقي العيش كويس للبيه»، بينما كان هناك صاحب ذقن آخر يكتب علي الأسفلت كلمات سباب لمن منحهم حق الوجود السياسي بعد أن كتم عبد الناصر أنفاس حركتهم السياسية.
وتعجبت من الامر لكن سرعان ما فهمت اللعبة؛ فقد كان لهم قرابة خمسة أعوام منذ أن فوضهم السادات بمهمة التنكيل بالشباب اليساري والناصري في الجامعات؛ وكانوا في مظاهرات الخبز يريدون اختبار قوتهم في السيطرة علي الشارع؛ عندما جاء الرفع الجزئي للدعم عن الخبز والمكرونة وبعض السلع الأخري. ولكن ذلك لم يمنع أهل اليسار من السير في مظاهرات الاحتجاج. وما إن أطل الغروب حتي بدت القاهرة وكأنها مدينة تعيش ليلة من إعلان الأحكام العرفية دون أن تخبرنا أجهزة الدولة بذلك الإعلان، وقد حاولت يومها أن أقوم بتوصيل السياسي الهادئ المقاتل في صفوف الثورة الفلسطينية د. رءوف نظمي المسمي حركيا ب «محجوب عمر» من منزل صديق بالمهندسين إلي منزل صديق في أول حي شبرا ، أي أننا يجب ان نعبر إما كوبري قصر النيل الفاصل بين الجيزة والقاهرة، أو كوبري أبو العلا أو حتي كوبري إمبابة. وقد فشلت بالعبور بسيارتي عبر الكباري الثلاثة، هنا قال د. رءوف نظمي «هي الأحكام العرفية». وشاهدنا عدة سيارات تم تكسير زجاجها بواسطة الطوب الغاضب في أيدي المحتجين. وعدنا أدراجنا لنشهد برنامج «رأي الشعب» الذي كان يقدمه واحد من سادة الميكروفون هو طاهر أبو زيد، وكان وزير المالية عبد المنعم القيسوني يتعثر في التعبير عن آراء الدولة التي كانت قد بدأت أولي خطوات تفكيك القطاع العام بداية من شركات المياه الغازية ومرورا ببعض المصانع الحيوية، مع إغراق الشارع بسيل من السخرية من القطاع العام الذي حما مصر من أن تمد يدها للخارج منذ هزيمة يونيو 1967؛ مرورا بحرب أكتوبر وصولا إلي الضغط علي عنق الاقتصاد المصري بحبل توجزه جملة وليام سايمون وزير الخزانه الأمريكي للمسئولين عن بعض البلدان العربية «ساعدوا مصر كي يبقي أنفها فوق الماء أما فمها فعليه البقاء تحت الماء».
ودارت الأيام دورتها فصار العجز الاقتصادي ظاهرا بعد حرب أكتوبر التي تفاخرت بها الأمة من محيطها إلي خليجها، وابتلع المصريون مرارة الصبر دون سؤال أحد. وكان التقارب المصري الأمريكي هو بوابة الرقص لمزيد من ثراء المتوحشين الذين نمت مخالبهم منذ بداية حكم السادات وصولا إلي اغتياله برصاصات التأسلم، ولندخل مع مبارك في ثلاجة التجميد بدعوي الاستقرار. ولا داعي لتذكر كيف تحملنا عبء التجارة بدين الله ثم نفضنا عن كاهلنا سفراء احتلال الإرادة المصرية لمصلحة قطر وتركيا، وخضنا رحلة اختيار عبد الفتاح السيسي الذي رسم خطة انتصار جديدة بدأت بالانتصار علي «فيروس سي» ودخلت في مواصلة مقاومة التسرب من التعليم برعاية مدارس الفصل الواحد بالقري ثم بناء مساكن آدمية لمن اغتيلت آدميتهم في العشوائيات. وعلي الرغم من متاعب اليوم العادي علي الغالبية فإننا تحملنا ما عجز السادات عن تطبيقه وهو رفع الدعم وصار ذلك هو العفريت الذي خاف منه مبارك.
أكتب ذلك لأني لست صاحب بطاقة تموينية ولا أستحقها، ولكن لماذا يتم عقابي كواحد من الطبقة الوسطي فأشتري رغيف الخبز بخمسة وسبعين قرشا في حي المهندسين ويقال إنه يصل إلي جنيه في بعض الأحيان؟ ولماذا نجد رغيف الخبز في باريس وهي إحدي العواصم الرأسمالية في الدنيا وهي تبيع الخبز بالوزن بالسعر المتفق عليه في كل أنحاء فرنسا العلني دون دعم أو خلافه؟ والسبب ببساطة أنه في الدول الرأسمالية هناك هامش ربح واضح لكل سلعة.
عن نفسي أقرر أني راقبت اثنين من وزراء التموين والتجارة، أولهما الجليل العالم جودة عبد الخالق الاشتراكي العتيد الذي تعاون مع المصرية حتي النخاع التي تشم عن بعد رائحة اي تدخل أجنبي في الأمر المصري فايزة أبو النجا التي فضحت المؤسسات التي تقوم بالتجسس تحت مسمي خدمة المجتمع المدني، وهي المؤمنة بأن التعاون الدولي يقوم علي الشراكة لا التبعية، وقد تعاون الاثنان في إقامة عدة أفران مليونية يمكنها إنتاج ملايين الأرغفة كي تصل إلي المستحقين سواء أصحاب البطاقات التمونية بالسعر المدعم ولغيرهم بالسعر العادي دون دعم. وطبعا لا يمكن أن يصل السعر غير المدعم لخمسين قرشا فما بالك ببيعه بخمسة وسبعين قرشا أو جنيه كامل؟ وثاني من أعرف من وزراء التموين هو المقاتل علي المصيلحي الجاد خريج الفنية العسكرية الذي عليه أن يعرف أن الطبقة الوسطي هي قائدة تطور المجتمع ويعلم أن جميع الأنظمة رأسمالية أو غيرها تضع هامش ربح للسلع الأساسية وأولها رغيف الخبز. وأتمني أن يحدث اجتماع مع ممثلي المخابز وليكن تحديد هامش ربح لبيع الرغيف غير المدعم هو بداية للتحكم في بقية الأسعار، لأن الطبقة الوسطي لا تستطيع أن تقول كلمة ماري إنطوانيت «إن لم تجد الخبز يمكنك أن تأكل الجاتوه».
لمزيد من مقالات ◀ منير عامر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.