أدعو الله أن تكون الجريمة التى ارتكبها الرئيس الامريكى بحق الشعب الفلسطينى والأمة العربية والمسلمين والمسيحيين وبحجم ما تحمله الجريمة من أخطاء وتحريات وبلطجة سياسية دعوة عاجلة وجادة لتوحيد الصفوف والقرارات وتحقيق مالم يتحقق فى مواجهة النكبة الأولى بصدور وعد بلفور والنكبة الثانية بزرع واقامة دولة الاغتصاب فى فلسطين 1948، وبمشيئة الله ستكون النكبة الثالثة على من أصدر القرار وارتكب الجريمة ومع دولة الاغتصاب التى تتوهم أنها بقرار الرئيس الأمريكى أنهت حق الفلسطينيين فى دولة ذات سيادة عاصمتها القدسالشرقية!! فى رأيى أن ترامب رجل التجارة والاعمال تصور أنه يستطيع ان يتمم صفقة بيع فلسطين كاملة للصهاينة.. وفى الحقيقة ومن حيث لم يتوقع أو يدرك أو يفهم ماسيترتب على قراره أو جريمته أيقظ ضمائر شعوب وقوى كثيرة فى العالم من جديد ناحية «جريمة القرن»، التى يواصل ارتكابها آخر معاقل الاحتلال ضد حق شعب فى أرضه، وزحفه بالمستوطنات ليحتل ما تبقى بين أيدى أبنائها أو ما تبقى من 44% من أرضهم أعطاهم قرار التقسيم الحق فى إقامة دولتهم عليه! ولن أضيف إلى فيض ماقيل من تحليلات مهمة تجمع على إدانة قرار الرئيس الأمريكى الذى يصفه خارج القانون ومعتديا عليه، بما يجب أن يضعه تحت طائلة العقوبات الدولية وأثبت جهله الكامل بالتاريخ والجغرافيا وأنه بالصفقة التى كان يستقوى بها برضاء ودعم اللوبى الصهيوني.. لعب بالنار وأشعل حرائق فى شرعيته المشكوك فيها وأشعلها فى المنطقة وفى القضية الفلسطينية، فنفاذ قراره يعنى وضع النهاية للفرص المتاحة لحل الدولتين! أوهام استكمال «صفقة القرن» المستحيلة بتبادل أراض فى سيناء وفى النقب لو عرف التاريخ هذا الرئيس لعرف أن كل حبة رمل فى سيناء مروية ومعجونة بدماء دفاع أبنائها المصريين وجيشهم الوطنى عنها، وأنه اذا كانت القدس تنتهى تاريخيا لليهود، فلماذا حاولوا العثور على مكان لوطن يخلص اوروبا منهم فى أكثر من موقع ومن بينها جنوب إفريقيا؟! ولماذا اكدت اليونسكو عروبة القدس وكذبت جميع محاولات الصهاينة لإثبات حقوق تاريخية لهم فيها؟! ثم هل عرف الرئيس الامريكى حجم الخسائر التى أجراها الصهاينة تحت المسجد الأقصى للعثور على الهيكل كما يدعون أو أى دليل تاريخى يساند أكاذيبهم وادعاءاتهم؟! ايضا فى خطاب إعلان الجريمة الذى قدمه الرئيس الأمريكى على الهواء مباشرة لإعلان القدس عاصمة موحدة لدولة الاحتلال والاغتصاب ظل ترامب يهزى ويردد كلمة السلام الذى يحققه قراره الذى كان مذبحة للسلام فى فلسطين وفى المنطقة وفى العالم كله وكان يتوج مخططات الإدارات الأمريكية المتلاحقة لصناعة ونشر العنف والفوضى الخلاقة والذى كان من أهم أهدافها إدارة المنطقة وإسقاط دولها الوطنية واضعافها وتمزيقها لتوفير الأمان والتأمين لدولة الاغتصاب، التى اعتبرها الرئيس الأمريكى نموذجا للاستقرار والديمقراطية فى المنطقة!! ورغم كل ما تمر به المنطقة من مخاطر وتحديات ما خطط وجهز ودبر وأدير وأنفقت عليه المليارات وما ارتكبناه بأيدينا يعنى أنه لم يتبق لدينا للضغط أوراق وامكانات وعناصر قوة ومصالح للإدارة الأمريكية توقف العصف بالقوانين والحقوق الدولية للشعب الفلسطينى فى دولة مستقلة ذات سيادة فوق أراضيه المحتلة وعاصمتها القدسالشرقية واتخاذ جميع الخطوات والإجراءات على جميع المستويات عربيا واسلاميا ودوليا وشعبيا ورسميا، وألا نسمح بتكرار كل ما أتاح لشركاء جريمة القرن بارتكاب النكبة الأولي، ثم النكبة الثانية، وأن نفعل كل ما بين أيدينا من معاملات قوة ونثبت أننا أمة تستطيع أن تنتفض وتغضب وتثور لكرامتها وحقوق شعوبها وفى مقدمتها حق الشعب الفلسطينى فى أرضه المغتصبة، وسيحصل عليها بمشيئة الله إما سلما وبالتفاوض وفق قواعد الشرعية الدولية إذا كان هناك من مازال يحترم هذه الشرعية والقوانين الدولية أو من خلال استكمال نضاله الذى لم يتوقف طوال نصف قرن لمقاومة ورفض الاستعمار الاستيطانى الإسرائيلي، وإصراره على الحصول على حقوقه الثابتة فى أرضه، وإسقاط جميع الأساطير الصهيونية وفى مقدمتها ما ردده كالببغاء الرئيس الأمريكى أن أرض فلسطين كانت موطنا تاريخيا لهم وإنهاء ما اعتقد الصهاينة أنهم يمكن أن يحققوه بمخططات الاستيطان فى الأراضى المحتلة بعد 1967 من تقطيع أوصال الأراضى المحتلة عن طريق الكتل الخرسانية، والطرق الإلتفافية وخلق أمر واقع يفرض بالقوة على المفاوض العربى والفلسطينى فى جميع المفاوضات المستقبلية ما يجعل مشروع اقامة دولة فلسطينية مستحيلا فوق أراض انتهت جميع امكانات التواصل بينها!! أثق أن الصهاينة وداعميهم من شركاء اعلان القدس عاصمة موحدة لدولة الاغتصاب والاحتلال يراهنون الآن على التردى الذى وصلت إليه أحوال أمتنا والتحديات التى تحاصر الدول والقوى التى مازالت صامدة! من يكسب المعركة.. نحن كأصحاب حقوق مغتصبة ومُعتَّدى عليهم.. أن نسترد وعينا بأبعاد الكارثة ونجمع قوانا وهى ليست هينة أو قليلة يتحرك فيه الجميع وبلا استثناء على جميع الجبهات المتاحة ونستخدم دون خوف أو تردد ما لدينا من أوراق وامكانات ضغط لفرض إرادتنا.. وننتفض ونثور على كل ما فعلناه بأنفسنا قبل أن يفعله أعداؤنا بنا؟!! أم تواصل قوى البغى والاحتلال استقواءها وجرائمها وفرض أكاذيبها وأساطيرها وحتى تأتى أجيال أخرى تضع النهاية المؤكدة والحتمية لجريمة القرن وتحفظ للقدس عروبتها وتبقيها عاصمة فلسطين الأبدية. لمزيد من مقالات ◀ سكينة فؤاد