أثار اعتزام الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها استياء ورفضا دوليا واسع النطاق تجاه خطوة من شأنها أن تشكل خروجا عن منهج السياسة الأمريكية المتبع منذ عقود تجاه تلك القضية، فضلا عن تحذيرات دولية وإقليمية من خطورة توقيتها وتداعياتها على مستقبل عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وحتمية تقويضها لحل الدولتين. فمن جانبه، أعرب بوريس جونسون وزير الخارجية البريطانى أمس عن قلق بلاده حيال القرار الأمريكى المرتقب، وقال، لدى وصوله إلى اجتماع لمنظمة حلف شمال الأطلنطى (الناتو) فى بروكسل:»إننا ننظر إلى التقارير التى وردتنا بقلق لأننا نرى أن القدس ينبغى بوضوح أن تكون جزءا من التسوية النهائية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، يتم التفاوض عليها». وفى برلين، حذرت وزارة الخارجية الألمانية من احتمال وقوع أعمال عنف فى القدس والضفة الغربية وقطاع غزة على خلفية خطط ترامب، وذكرت إرشادات السفر التى قامت الخارجية الألمانية بتحديثها أنه من المتوقع أن تشهد هذه المناطق مظاهرات حاشدة، وأنه «ليس من المستبعد وقوع مواجهات عنيفة أيضا»، كما ناشدت الخارجية الألمانية مواطنيها فى تلك المناطق بالإطلاع على الأوضاع عبر وسائل الإعلام المحلية وتجنب المناطق التى قد تشهد مظاهرات محتملة. وفى باريس، حذرت وزارة الخارجية الفرنسية بدورها من أنه من المتوقع خروج مظاهرات حاشدة، وأنه على الفرنسيين تجنب هذه المظاهرات والابتعاد عن أى تجمعات كبيرة فى القدسالشرقية والضفة الغربيةوغزة. وفى الفاتيكان، أعرب البابا فرانسيس الأول عن «قلقه العميق إزاء الموقف الذى أثير فى الأيام الأخيرة بشأن هذه الخطوة، ووجه:»نداء قلبيا للجميع للالتزام باحترام الوضع الراهن لمدينة القدس، بما يتفق مع قرارات الأممالمتحدة ذات الصلة». كما وصف البابا، فى كلمته خلال مقابلة أسبوعية فى الفاتيكان، القدس بأنها «مدينة متفردة ومقدسة بالنسبة لليهود والمسيحيين والمسلمين، ولها دعوة خاصة للسلام». وفى موسكو، أعلن الكرملين أن روسيا تشعر بالقلق إزاء احتمال تأجيج الخلاف بين إسرائيل والسلطات الفلسطينية نتيجة خطط الرئيس الأمريكي، وقال ديمترى بيسكوف المتحدث باسم الكرملين فى مؤتمر صحفي:»رغم ذلك لن نناقش القرارات التى لم يتم اتحاذها بعد». وفى بكين، أعربت الخارجية الصينية عن القلق العميق إزاء عزم ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، محذرة من خطورة التصعيد فى المنطقة، وصرح جينج شوانج المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، فى مؤتمر صحفى قائلا: «نحن قلقون إزاء تصعيد محتمل للتوتر»، وأكد أنه «على كل الأطراف المعنيين أن يفكروا فى السلام والاستقرار الإقليميين وأن يتوخوا الحذر فى أعمالهم وتصريحاتهم ويتفادوا تقويض أسس تسوية القضية الفلسطينية ويتجنبوا التسبب فى مواجهة جديدة فى المنطقة». كما حذر نيكولاى ملادينوف المبعوث الدولى الخاص لعملية السلام فى الشرق الأوسط من خطورة مثل هذه الخطوة، مؤكدا أن الوضع المستقبلى للقدس لابد أن يكون محل تفاوض بين الفلسطينيين وإسرائيل. وعلى الصعيد الإقليمي، حذرت تركيا من أن الاعتراف الأمريكى المرتقب بالقدس عاصمة لإسرائيل يمكن أن «يشعل» المنطقة والعالم. وكتب بكر بوزداج المتحدث باسم الحكومة التركية، على صفحته الرسمية على «تويتر»، أن القرار من شأنه «أن يشعل المنطقة والعالم ولا أحد يعلم متى ينتهى ذلك»، وأضاف قائلا:»إعلان القدس عاصمة لإسرائيل هو إنكار للتاريخ وظلم كبير وانعدام كبير للرؤية وجنون تام». ومن جانبه، حذر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان من أن وضع القدس يشكل»خطا أحمر» للمسلمين، كما تحدث عن احتمال قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل إذا أقدمت واشنطن على الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة العبرية، كما دعا منظمة العالم الإسلامى إلى عقد اجتماع طاريء فى اسطنبول الأربعاء المقبل لمناقشة تداعيات هذه الخطوة والنتائج المترتبة عليها. وفى طهران، نقل الموقع الشخصى للزعيم الأعلى الإيرانى على خامنئى قوله إن نية الولاياتالمتحدة نقل سفارتها للقدس علامة على عجزها وفشلها، وكرر خامنئى :»قولهم إنهم يريدون إعلان القدس عاصمة لفلسطين المحتلة يرجع إلى عجزهم وفشلهم».