الجمعيات الزراعية تشكو عدم توافر كميات كافية.. والتصدير أكثر ربحا للمنتجين ما بين نقص كميات الأسمدة، وارتفاع أسعارها، يقف الفلاح حائرا، وعاجزا، عن توفير احتياجاته، اللازمة للزراعة، وهو ما حدث بالفعل بعد صدور قرار برفع سعر الأسمدة، والذى تباينت حوله الآراء، فبينما اعتبر البعض هذه الزيادة «مفاجئة»، حيث وصف البعض القرار بأنه كان متوقعا فى ظل تعويم الجنيه، بالرغم من أن الزيادة لم تتجاوز 7% بينما كانت الزيادة عالميا 300%، حيث وصل طن اليوريا إلى 3200 جنيه بدلا من 2960 جنيها، والنترات إلى 3100 جنيه بدلا من 2860 جنيها، والذين رأوا أن الزيادة «طبيعية» قالوا إنها تتماشى مع الزيادات التى طرأت على مدخلات الإنتاج الزراعي، وبين هؤلاء وهؤلاء حاولنا التعرف على جوانب أزمة السماد بعد قرار رفع أسعارها.. وكيف تراه وزارة الزراعة ؟ محمد برغش الملقب ب «الفلاح الفصيح» استهل كلامه بأن الضرر الفعلى على الفلاح هو زيادة تكلفة الزراعة عليه، ومردود الزيادة سيأتى فى نهاية المطاف حين يبيع منتجه، فحاجة المحاصيل للأسمدة تتدرج بين 4 إلى 17 شيكارة للفدان الواحد، محذرا من فتح باب تصدير الأسمدة بشكل يضر بحصص السوق المحلية، وكذلك من تحرير سعر الأسمدة باعتبار أن عقود تأسيس الشركات المنتجة مع الدولة تقوم فى الأساس على تلبية حاجة السوق المحلى بأسعار تختلف عن السوق العالمى بكميات متفق عليها مسبقا. الكمية لا تكفي بينما يرى المهندس حسام إبراهيم رئيس الجمعية التعاونية الزراعية بقرية التنمية بنجر السكر التابعة لبرج العرب أن القرار كان متوقعا، والأزمة الحقيقية تكمن فى ارتفاع أسعار كل مستلزمات الإنتاج، وبالتبعية يعود هذا الأمر على المستهلك، ونبه إلى أنه إذا توقف سعر توريد أردب القمح عند 575 جنيها سيحجم الفلاح عن زراعته وسيتجه لزراعة محاصيل غير مكلفة كالبرسيم لأن العائد المادى منها أعلى بالنسبة له، موضحا أن الجمعيات الزراعية تعانى من عدم وصول الكمية التى تناسب حاجة الفلاحين طبقا لجداول التوصية الواردة من وزارة الزراعة، وغالبا يصل نحو نصف الكمية ضاربا مثالا بمحصول الطماطم خلال أشهر الصيف، حيث يفترض أن الفدان الواحد يحتاج إلى 9 شكائر أسمدة، ولكن الفلاح حصل على 3 شكائر فقط، والبقية كان يحصلون عليها من السوق السوداء بأسعار أعلى . مؤجل من الصيف ويكشف مجدى الشراكى رئيس الجمعية العامة للإصلاح الزراعى أن قرار الزيادة جاء بعد تأجيله من الصيف الماضي، عقب مطالبات قدمتها الشركات المنتجة نتيجة ارتفاع أسعار الغاز المحلى فى نوفمبر الماضي، حيث يعتمدون عليه بنحو 70% فى إنتاج الأسمدة، والجمعية إذا رفضت تسلم الأسمدة بالسعر الجديد، ستقوم الشركات المنتجة بتصدير طن الأسمدة للخارج بسعر 5 آلاف جنيه وأكثر فى حين يباع محليا ب 3200 جنيه، إلا أن المشكلة الحقيقية أن الفلاح قد يتجه للهروب من زراعة المحاصيل الاستراتيجية إلى زراعة الخضراوات والفاكهة والمحاصيل التقليدية الأخري. الدعم الحقيقي ويؤيد «الشراكي» تحرير سعر السماد، لأن الدعم الحقيقى لا يصل للمزارع نفسه، وإنما يصل إلى مالك الأرض الذى يكون غالبا غير ممارس للزراعة ويبيع شيكارة السماد المدعم فى السوق السوداء بما يصل إلى 240 جنيها بدلا من 160 جنيها، وبالتالى الأفضل أن يتم وضع الدعم بصورة مادية على الإنتاج نفسه، حتى يحصل المزارع الحقيقى على الدعم، والذى قد يكون على سبيل المثال 20 جنيها على أردب القمح. غياب الشفافية «رفع سعر الأسمدة من الموضوعات الشائكة التى يصعب الوقوف فيها على أرض صلبة»، هذا ما يراه هشام الحصرى وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب، والسبب غياب الشفافية فى علنية البيانات المحددة عن واقع إنتاج الشركات للأسمدة، وما يحصلون عليه من كميات غاز ومقارنته مع الاتفاقات المبرمة معهم من جانب الحكومة، ومدى تنفيذ تلك الشركات للكميات المحدد توريدها إلى السوق المحلى من خلال الحكومة والجمعيات الزراعية، فى حين أن الحكومة تحصل على غرامة 50 جنيها فقط مقابل طن السماد الزائد الذى تصدره الشركات المنتجة عن الحصة المتفق عليها. ويطالب وكيل لجنة الزراعة بالبرلمان بضرورة تفعيل الرقابة والضوابط الثابتة قبل الموسم الشتوي، لأنه إذا لم يتم الانتباه سيحدث هبوط فى سوق الأسمدة محليا، لأن الكميات التى يتم توريدها غالبا لا تكفى ملء الفراغات التخزينية لدى الجمعيات. وعن القوانين المتوقع مناقشتها فى هذا الصدد داخل مجلس النواب، قال «الحصري» إن قانون إنشاء نقابة الفلاحين والمنتجين الزراعيين له الأولوية لوضع ملامح ثابتة فى التعامل مع آليات واحتياجات السوق، وبالنسبة لتحرير سعر السماد فيحتاج لدراسة مستفيضة داخل البرلمان، لأنه فى المقابل سيحتاج لتحرير سعر الحاصلات الزراعية، لأن رفع دعم السماد سيزيد العبء على الفلاح . الفلاح لن يتأثر فيما يؤكد الدكتور حامد عبد الدايم المتحدث الرسمى باسم وزارة الزراعة أن الفلاح لن يتأثر بسبب تلك الزيادة على سعر الأسمدة التى تم إقرارها، لأن الدولة حريصة جدا على وصول مدخلات الإنتاج بسعر مناسب للفلاح تشجيعا على استمرار الزراعة، وأضاف أن الفلاحين لو اتبعوا التوصيات الفنية لزادت الإنتاجية بتكاليف أقل، موضحا أن الشركات المنتجة للأسمدة لا تستطيع التصدير إلا بعد الحصول على موافقة من وزارة الزراعة، التى لا تمنح الموافقة إلا بعد استيفاء جميع الحصص المحلية المتفق عليها، نافيا وجود عجز أو نقص فى الجمعيات الزراعية بالنسبة للأسمدة. تنسيقية وليست رقابية ويوضح أن وزارة الزراعة ليست جهة رقابية، وإنما تنسيقية من أجل التزام الشركات المنتجة للأسمدة بالحصص المقررة منها وتوريدها إلى الوزارة لتوزيعها على الجمعيات الزراعية. وحول تحرير سعر السماد، قال : «أعتقد أن الموضوع ليس بالحسبان فى الوقت الراهن، وفى جميع الحالات نسعى لما فيه صالح الفلاح، أما إصدار قانون لإنشاء نقابة الفلاحين فأعتبره ضرورة ملحة داعمة لجميع أطراف المنظومة، وستحقق مكاسب صحية وثقافية يحتاجها الفلاحون». محتملة جدا ويتفق الدكتور نادر نور الدين أستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة مع المتحدث الرسمى لوزارة الزراعة فى أن الزيادة التى تم إقرارها محتملة جدا للمزارعين، بعد ارتفاع أسعار الوقود وتهديد مصانع منتجة للأسمدة، واللجنة الاقتصادية بمجلس الوزراء استطاعت تحجيم طلبات وطموحات مصانع الأسمدة، وتوصلوا إلى أن الزيادة تكون فى حدود 7%، وهذا يعتبر قليلا مقارنة بارتفاع الأسعار منذ العام الماضى بعد تعويم الجنيه، وكان المتوقع أن الزيادة ستكون 3 أضعاف . ويبرهن على عدم تأثر الفلاح، بقوله: «إن الأسمدة تمثل فى المتوسط نسبة 1% من مدخلات الإنتاج لا أكثر، لأن الإيجار يعد الجزء الأكبر، يليه تكاليف الخدمة والرى والسولار، ضاربا مثالا بمتوسط تكلفة زراعة فدان القمح أو الأرز حتى الحصاد حيث يكون نحو 6 أو 7 آلاف جنيه، ويحتاج إلى 4 أو 6 شكائر أسمدة أى أن الزيادة نحو 50 جنيها فى المتوسط للفدان الواحد»، وأضاف : أننا كدولة من أفضل البلدان تشجيعا لسوق الأسمدة، وسمعتنا حسب البورصات العالمية طيبة، حيث حققنا زيادة تصل إلى 200% من التصدير لأمريكا فى الفترة الأخيرة.