بعيدا عن الجدل الدائر علي امتداد ساحات المشهد السياسي المصري الراهن بكل جوانبه السياسية والدستورية والقانونية فإن الشيء الذي لا يختلف عليه أحد هو أن مصر بحاجة إلي وضع هدف مؤسسية الدولة موضع التنفيذ من خلال مبادئ ومفاهيم واضحة تحكم تصرفات وممارسات كافة سلطات الدولة. إن دولة المؤسسات هي الدولة التي توفر الحرية وتعطي الأمان لكل مواطن بأن يعمل في ظل قانون عادل لا يفرق بين مواطن وآخر, ويأتي حكمه ملزما للجميع ولصالح الجميع, وهي أيضا الدولة التي تحرض كل مواطن علي أن يتمسك بحقوقه كاملة من ناحية وتلزمه بضرورة أداء واجباته كأحسن ما يكون الأداء من ناحية أخري! ودولة المؤسسات هي الدولة التي تحمي البناء الديمقراطي من أي تجاوزات أو استثناءات وتهيئ المناخ الصحي الذي يحترم فكر ورأي المواطن تحت مظلة من الترابط القومي بين كل الاتجاهات في ظل إدراك بأن المحظور الوحيد في الممارسة الديمقراطية هو سوء استخدام الحرية! دولة المؤسسات هي التي تجعل من الديمقراطية وسيلة فعالة لاتخاذ القرار عن طريق الأغلبية وتوسيع دائرة المشاركة الجماهيرية في صنع القرارات وتوجيه السياسات دون إغفال لحق المعارضة في أن تقول رأيها وواجب الأغلبية في احترام الرأي المعارض وإعطائه القدر الكافي من الاهتمام والحق في الحوار والمناقشة من خلال ترسيخ منهج الرأي والرأي الآخر بما يؤدي إلي إفراز نوع من الرقابة الذاتية يسمح بالكشف والتحذير والتنبيه إلي أي خطأ في المسيرة قبل وقوعه! إن تحقيق مؤسسية الدولة ليس مجرد لافتات وشعارات وإنما هو منهج للتفكير والسلوك يرتكز علي تقديم القدوة الطيبة والالتزام بالضوابط التي تتفق ومباديء الشرعية الدستورية واحترام سيادة القانون لأن سيادة القانون هي أساس الحكم في دولة المؤسسات كما أن استقلال القضاء وحصانته يمثل رمانة الميزان في تحقيق التوازن بين مختلف السلطات. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: الجاهل يؤكد.. والفقيه يشك.. والحكيم يتروي! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله