لا أظن أحدا يمكن أن يختلف في أن الديمقراطية الحقيقية هي التي تحقق التوازن الدقيق بين واجب الفرد والتزام المجتمع وبين حقوق الفرد وحقوق المجتمع... وأيضا فإن الديمقراطية ينبغي أن تكون عنوانا لأمن واستقرار الوطن ودعامة أساسية من دعامات التطور.. وليس هناك ما هو أخطر علي حاضر ومستقبل أي وطن من أن تتحول الديمقراطية إلي فوضي لأن ذلك سوف يكون أسوأ بكثير من الديكتاتورية. والذي يدعوني إلي القول بذلك هو الخشية من أن تتعرض إرادة التغيير ورغبات الإصلاح لأي محاولات للالتفاف عليها من سدنة الجمود الذين يعادون التغيير أو أن تتعرض لمزايدات رخيصة لطلب المزيد من جانب بعض المغامرين دون أن يكون هناك سقف نهائي لهذه المطالب ودون تحسب لأي عواقب قد تنجم عن تحول القفزة المحسوبة إلي اندفاع مغامر! لقد جاءت انتخابات مجلسي الشعب والشوري لكي تؤكد أن الديمقراطية في مصر قد تجاوزت تماما مرحلة التجربة وباتت مهيأة تماما لصياغة منهج يضمن نموها وزيادة رقعتها وعدم انحسارها في ظل بناء مؤسسي يستند في المقام الأول إلي مرجعية وحيدة هي الشرعية الدستورية... استنادا إلي نصوص الدستور وأحكام القانون حيث مبدأ سيادة القانون من ناحية والمساواة أمام القانون عند تطبيقه بلا تمييز من ناحية أخري. وإذا كانت حرية الرأي وحرية التعبير تحتل مكانة متميزة في أي بناء ديمقراطي يستند إلي مرجعية الشرعية الدستورية, حيث الرأي والرأي الآخر لفتح كل منافذ التعبير عن مطالب الجماهير ومشاكلها, والمساعدة علي إيجاد الحلول لها فإن من واجب أصحاب الكلمة أن يستوعبوا حجم وعمق هذا التغيير الجذري في مسيرة الحياة الديمقراطية في مصر لأن بعض التجارب- القريبة والبعيدة عنا- أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن أكبر خطر علي الديمقراطية هو انفلات ورواج الكلمة غير المسئولة! أريد أن أقول: إن توافر الحق في إبداء الرأي لا ينبغي أن يكون مدخلا للتشكيك وإبداء المخاوف وإنما يكون بالإسهام في طرح الرؤي والأفكار التي تنير الطريق أمام من سيناط بهم مسئولية صياغة الدستور الجديد ووضعه في صورته النهائية. وظني أنه لم يعد بمقدور أحد مهما علا صياحه أن يطفيء شمس الحقيقة أو أن يمارس خداعه إلي مالا نهاية من خلال اللعبة السخيفة لخلط الأوراق! خير الكلام: لا تخشي من التقدم ببطء طالما أنك تخاصم الجمود! [email protected]@ المزيد من أعمدة مرسى عطا الله