ربما يكون ضروريا ومفيدا اليوم ونحن في بداية مرحلة جديدة من تاريخ مصر أن يكون هناك توافق عام بأن الديمقراطية الكاملة بمفهومها الصحيح. تعني بوضوح ودون أدني لبس حكم الشعب بالشعب ولصالح الشعب بحيث يتم اتخاذ القرار عن طريق الأغلبية مع توسيع دائرة المشاركة الشعبية في تقرير السياسة العامة وصنع القرارات من خلال إتاحة الفرصة لكافة القوي السياسية لكي تعبر عن رأيها وتسهم في رسم السياسة واحترام الحريات والحقوق السياسية للأفراد والجماعات والمساواة أمام القانون. والحقيقة أنه لا خلاف حول عمق ارتباط الديمقراطية بالاستقرار في أي مجتمع لأنه في غيبة الاستقرار لا يستطيع الوطن أن ينعم بالديمقراطية الحقيقية وأن يشارك الشعب في الحكم وأن يتطلع إلي المستقبل بالأمل والرجاء.. بل إن الديمقراطية تصبح عندئذ شعارا أجوف بغير مضمون. إن الديمقراطية عنوان أساسي من عناوين العمل المنظم وبالتالي فإن الديمقراطية أبعد ما تكون عن أي شكل من أشكال الممارسة التي تقود إلي الفوضي.. ومن ثم فإن للأسلوب الديمقراطي مصدران أولهما القانون والمصدر الثاني هو الممارسات الواسعة الانتشار والتقاليد المتبعة خلال أزمان طويلة. ثم إنه إذا كانت الديمقراطية هي دعامة التطور فإنها في الوقت نفسه ركيزة الأمن والاستقرار لأنه لا تطور بغير استقرار ولا استقرار بغير ديمقراطية تعلي سيادة القانون وتضمن تأمين وتحصين العدالة وتحقيق الحياة الكريمة العادلة للمواطن والتي تحتاج إلي انتعاش اقتصادي حقيقي. ومن يقرأ صفحات أي كراسة ديمقراطية سوف يجد بوضوح أن هناك إدراكا لعمق العلاقة بين الحرية السياسية والحرية الاقتصادية والاجتماعية باعتبارهما وجهان لعملة واحدة في بناء المواطن الحر القادر علي الإبداع والدفاع عن ترابه وتراثه. وفي اعتقادي أن تحقيق الاستقرار سوف يمهد الطريق تماما لكي تصبح الديمقراطية منهجا للحياة تنمو ولا تنكمش وتزداد رقعتها ولا تنحسر وتتطور بالممارسة إلي ما هو أكثر من الحلم المشروع في تداول السلطة تحت مظلة الاحترام المطلق للشرعية الدستورية وسيادة القانون. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: من الحكمة أن تتكلم بحساب وأن تصمت بحساب وأن تنصت لغيرك دون حساب! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله