العنف ضد الآخر او الخوف منه، العدوان، السخرية، عدم القدرة على تكوين صداقات، عدم المشاركة فى الأنشطة الاجتماعية، استخدام الصوت العالى فى التعبير عن الرغبات وعدم القدرة على احتواء الاختلاف فى الرأى حول لعبة معينة.. كل تلك العلامات هى مؤشرات خطيرة على عدم وجود ثقافة تقبل الآخر لدى الصغير وهى الثقافة التى تحمى من التطرف والإرهاب فى الكبر كما تقول د.دعاء محروس إخصائية الطب النفسي. وتضيف: أن ثقافة تقبل الآخر هى الثقافة التى يؤدى غيابها الى أكثر المشكلات التى تسود فى مجتمعنا اليوم من عدوان وتطرف وجدال فى الحوار لإثبات الذات. فالتطرف هو التمركز حول الأنا وعدم رؤية الآخر وبالتالى نقص القدرة على تقبله والتعايش معه مما يؤدى للتعامل معه بوصفه عدواً لمجرد أنه (إنسان مختلف) وقد قال تعالي: (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) فالاختلاف سنة كونية وسبب لإثراء الحياة وصناعة الجسور بين الإنسانية لتقبل الآخر، لذا يجب على الأم إعداد طفلها لتقبل الآخر بمختلف طرق الإعداد بتقديم نموذج لاختلاف أدوار أفراد الأسرة داخل المنزل وكيف يؤدى الاختلاف لتكامل الأدوار، فدور الأم يختلف عن دور الأب ويتكامل معه. وتشير دراسة قامت بها جامعة «هارفرد» الى أن تعليم الأطفال ثقافة تقبل الآخر تكمن فى تعريض الطفل لثقافات مختلفة مبكرا، مما يجعله فيما بعد أكثر تحملا للناس المختلفين عنه فى التفكير.. فعلى الأم أن تعلم الطفل كيف يتوافق مع الآخر أثناء اللعب ليحصل كل منهم على ما يريد، وبث الثقة فى نفس الصغير فالطفل الواثق من نفسه أكثر قدرة على تقبل اختلافات الآخرين حتى لو كانت الاختلافات فى منظومة القيم. من ناحية أخر، تشير أحدث دراسة عن الألعاب الإلكترونية الى تميز بعضها بتنمية اتجاهات إيجابية نحو الآخر، حيث تساعد على تعريض الطفل لثقافة التعدد وكيفية معالجة الاختلاف بنسبة 67% ، وأن تقبل الطفل لقيم مثل المكسب والخسارة وقوة او ضعف الآخر وللقيم العادلة التى تحكم بعض الألعاب كلها تشكل جزءا من ثقافة تقبل الآخر مع الحرص على عدم ترك الطفل فترات طويلة أمام تلك الألعاب. يساعد أيضا على تقبل الآخر الأنشطة اللامنهجية مثل التعبير والرسم والصحافة المدرسية والمسرح والأنشطة الرياضية والأنشطة المجتمعية التى تقوم بها المدارس.ويعتبر التحدث الى الطفل عن الاختلاف والتنوع الثقافى والفكرى هو حجر الزاوية فى تقبل الآخر ويفيد فى جذب انتباه الطفل الى أنه مختلف وبالتالى متميز فيشعر الطفل بذاته ويثق فى نفسه وفى ذات الوقت يتعلم النظر للاختلاف باحترام سواء كان الاختلاف فى الشكل كلون العيون والبشرة والشعر او فى المضمون بأن يتقبل ذو الإعاقة المختلف دون خوف ويعرف أن كلنا عرضة لذلك وانه لم يختر أن يصبح كذلك. وتؤكد أن تقبل الآخر يتطلب بيئة آمنة حرة غير ديكتاتورية وبلا عنف، لأن العكس يؤدى للتعصب والعدوان والعنف، ومن خلال تنشئة الطفل على كل ذلك يصبح المجتمع ناجحاً متفاعلاً وخالياً من التطرف والإرهاب.