الإسلام هو أول مراتب الدين ومدخل عامة المؤمنين إلي حقيقة الإيمان وقواعده كما جاء في الحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه( شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت), وأما الإيمان فهو أول مدارج السالكين لحضرة رب العالمين كما جاء في الحديث السابق( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره), وأما الإحسان فهو أول معارج العارفين في درجات اليقين وهو نهج المقربين كما جاء في نفس الحديث( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك). وقال أحد الصالحين: ان الإسلام ظاهر الدين والإيمان باطنه والإحسان ثمرته وذلك لأن الإسلام هو الشريعة والإيمان هو الطريقة والإحسان هو الحقيقة, فمن أسلم حق الإسلام فقد اتبع الرسول صلي الله عليه وسلم في أقواله, ومن آمن حق الإيمان فقد اتبعه في أفعاله, ومن وهبه الله الإحسان فقد اتبعه في أحواله. ومثل الدين الإسلامي الحنيف كالحديقة أرضها الإسلام وشجرها الإيمان وثمرها الإحسان, ومن أكمل استيعاب الدرجات الثلاث في نفسه قولا وفعلا وحالا فقد اتبع الرسول صلي الله عليه وسلم حق الاتباع. ومن العجيب أنك تؤمن بالله ولا تتعرف إليه وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره, وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض لسخطه, وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته وانشراح الصدر بذكره ومناجاته, والأعجب من ذلك هو علمك بأنك أحوج إلي الله عز وجل وأنت راجع إليه ورغم ذلك فأنت عنه معرض. والنصيحة هي ألا يفقدك الله حيث أمرك ولا يراك حيث نهاك وأن لا يطلع في غور سريرتك إلا علي النية الصادقة والعزيمة الثابتة والعمل الخالص لوجه الله. ولا يتم ذلك إلا بمجاهدة النفس والتوبة والإنابة والصبر والشكر والرضا والخوف والرجاء والحب, وتلك هي مقامات المقربين إلي حضرة رب العالمين. المزيد من أعمدة عبد الناصر سلامة