اليوم هو الثالث والعشرون من يوليو! أي الذكري الستون لقيام ثورة23 يوليو.1952 وربما لايعرف التاريخ المصري المعاصر حدثا أثار- وسوف يظل يثير-الكثير من الجدل, مثلما تثيره ثورة يوليو.1952 فمن المؤكد أن هذه الثورة بدأت كانقلاب عسكري, قاده ضباط الجيش المصري, بقيادة جمال عبد الناصر, معلنين منذ اليوم الأول أهدافهم الستة المشهورة التي كنا نحفظها عن ظهر قلب, أي:' القضاء علي الاستعمار وأعوانه, القضاء علي الإقطاع, القضاء علي سيطرة رأس المال علي الحكم, إقامة عدالة إجتماعية, إقامة جيش وطني, إقامة ديمقراطية سليمة'. ثم تحول هذا الانقلاب الي ثورة قلبت رأسا علي عقب كل مظاهر الحياة في مصر: من الملكية إلي الجمهورية, ومن نظام برلماني ليبرالي, إلي نظام رئاسي سلطوي. ومن مجتمع يتسم بالتناقض الشديد بين الطبقات العليا و الدنيا, إلي مجتمع زالت فيه لحد كبير الفوارق الطبقية الهائلة, واكتسب فيه العمال والفلاحون إحساسا معنويا هائلا بالكرامة والمساواة, وترعرعت وازدهرت الطبقة الوسطي علي نحو غير مسبوق. وكان اصرار عبد الناصر علي إعطاء العمال والفلاحين نصف مقاعد الهيئات المنتخبة, نوعا من' التمييز الإيجابي' الذي سبق أن عرفته أمم أخري لتأكيد حقوق فئات اجتماعية معينة تعرضت للتهميش والحرمان من الحقوق. أما علي الصعيد الخارجي, فلاشك في أن عبد الناصر أدرك بوضوح مقومات المكانة الخارجية لمصر: عربيا وإفريقيا وإسلاميا ودوليا,ونجح في أن تلعب' دورا' رائدا في كل تلك الدوائر. أما أهم المنجزات' المادية' للثورة بقيادة ناصر فلا شك أنها كانت بناء' السد العالي' الذي يقف اليوم شاهدا علي واحدة من أعظم وأروع معارك مصر, من أجل الاستقلال والتنمية, في تاريخها الحديث! غير أن أسوأ ماكان في ثورة يوليو, منذ عبد الناصر, كان فشلها في إقامة الديمقراطية, التي كان عبد الناصرنفسه أول من دفع ثمنها واعترف بها بعد هزيمة يونيو.1967 لذا, ومن هذه الزاوية,يمكن اعتبار ثورة25 يناير العظيمة تصحيحا لذلك الخطأ التاريخي لثورة يوليو, بعد ستة عقود خسرت فيها مصر الكثير! المزيد من أعمدة د.أسامة الغزالى حرب