تحتفل مصر الرسمية بثورة يوليو أو لا تحتفل.. هذا قرارها الذي تتحمل مسئوليته، أما الشعب فلم يتوقف عن الاحتفال بثورته الفعلية علي مدي أربعين عاما من الانقلاب عليها!! نعم.. لم يتوقف الشعب عن الاحتفال بيوليو التي أنجزت في عشرين عاما ما لم تستطع مصر انجازه عبر مئات السنين، والتي استردت الاستقلال الوطني وحققت ثورة اجتماعية غير مسبوقة، وأقامت دولة كان للعمال والفلاحين والطبقة الوسطي الكلمة العليا فيها، وقادت ثورة التحرر الوطني في العالم العربي وافريقيا، وفتحت الباب لبناء الدولة الحديثة علي العلم والتصنيع، والتي امتلكت الشجاعة لتقاعل في سبيل مبادئها وتنتصر وتنهزم، ولكنها لا تسلم الراية، ولا تغير الطريق. هذه هي يوليو التي نحتفل بها، والتي تم الانقلاب عليها قبل أربعين عاما تم خلالها تسليم 99٪ من أوراق اللعبة لأمريكا، وتم تسليم المصانع التي أقامتها الثورة لاعدائها، وجري العمل لتصفية كل منجزات الثورة، والإنقضاض علي حقوق العمال والفلاحين وضرب الطبقة الوسطي، وحرمان الفقراء من حقوقهم الصحة والتعليم والعمل، لتسقط مصر في دائرة التبعية الأجنبية، وتسقط غالبية شعبها في دائرة الفقر والتخلف. علي مدي أربعين عاما من الانقلاب علي يوليو، لم يتوقف احتفال الملايين بها.. كان الاحتفال يتجسد -قبل كل شيء- في نضال العمال من أجل الحفاظ علي حقوقهم وعلي القطاع العام الذي يجري نهبه وتصفيته، وفي تمسك الفلاحين بأرضهم ضد سطوة الاقطاع العائد، وفي المقاومة التي لم تتوقف ضد الفساد والتوريث، وضد التبعية وضياع الاستقلال، وضد إفقار الشعب لصالح القلة الفاسدة والناهبة لكل شيء في الوطن. ولم تكن مصادفة ان الشرارة الأولي لثورة يناير اندلعت من عمال المحلة وهم يدافعون عن مصانعهم. ولم تكن مصادفة ان ترتفع صور عبدالناصر دون غيره في ميادين التحرير. ولم تكن مصادفة ان يرتفع هدير الملايين »ارفع رأسك« كما ارتفع هديرها في الخمسينات والستينات »وما أدراك ما الستينات!!« هذه الملايين ستحتفل بثورة يوليو في عيدها الستين، وستنتظر ماذا تفعل مصر الرسمية، وهل ستكون هذا العام امتدادا لأربعين عاما من الانقلاب علي يوليو، أم تواصلا مع الثورة التي استعادت مصر لشعبها وفتحت أبواب الاستقلال والتقدم، والتي انحازت للفقراء والمستضعفين، فانحازوا لها ودافعوا عنها حتي اليوم. لا أعرف ماذا ستفعل مصر الرسمية، ولا كيف سيحتفل رئيس الجمهورية بالعيد الستين لثورة يوليو، ولكن وجود الدكتور مرسي في موقعه هو في حد ذاته شهادة ليوليو.. فلها، ولمجانية التعليم التي اتاحتها، ولفدانين من الإصلاح الزراعي فضل لا يمكن انكاره، وشهادة علي ان الطريق صحيح رغم كل الصعاب. بوركت يوليو، وبورك قائدها عبدالناصر، ولا عزاء لمن حاربوها كل هذه السنوات، وبكل هذه الضراوة، ثم فاجأهم هذا الحضور الطاغي ليوليو ولعبدالناصر في ميادين التحرير!!