فجأة تحول الساحل الشمالى إلى أهدأ مكان فى مصر: الطريق الساحلى، المزدحم على آخره طوال الصيف بالقادمين من العاصمة والأقاليم البعيدة، يبدو شبه خال هذه الأيام . شواطئ على مدد الشوف لا يسبح فى مياهها أحد، رغم الشماسى التى مازالت منصوبة . أمواج لا تتوقف لحظة عن أداء مهمتها الأبدية فى الاطمئنان على الرمال، بينما اختفى كل أثر للزحام والصخب وبهجة السهرات وحفلات الغناء، ولمة العيلة السنوية على البلاج خلال أشهر الموسم الساخن القصير. شاليهات ونوافذ وشرفات أحكم اغلاقها تحسبا لنوات الشتاء ولرمال الصحراء، المستعدة دائما، على الجانب الآخر من الطريق، للهجوم مع أى عاصفة قادمة. لم يبق فى قرى الساحل كله الآن سوى عمال الحدائق وحراس أمن البوابات، ومملكة صامتة تحكمها العصافير التى تلهو معا فى البراح كل صباح دون أن يزعجها أحد، وزوارق ويخوت راسية فى هدوء لا يتناسب مع طبيعتها، ونخيل بلا حصر يحمل بزهو محصول بلح لم يكتب لأحد أن يأكله ثم الحفيف الدائم لأغصان الأشجار المشغولة بحوار لا ينتهى، وشروق يعقبه غروب وبعده شروق ،هكذا بلا توقف .. الى أن يأتى صيف جديد.