مع قدوم رمضان عجت الأسواق بالصائمين والصائمات وأعلنت حالة الطواريء في بيوت الفقراء والأغنياء علي حد سواء, ونظفت الثلاجات وهيئت. كل ذلك لجلب مالذ وطاب من شتي صنوف الأطعمة والأشربة بكميات مهولة يعجز القلم وصفها وعدها وهذه الكميات لو رشد استهلاكها. لكفت الأسرة طول العام. والزوجات حريصات علي هذا المد الذي لايعرف الجزر إلا بعد انقضاء هذا الشهر الفضيل, وكثيرون من الأزواج يقفون عاجزين مندهشين أمام هذا السيل المنهمر من الطلبات, وهم يريدون تحقيق هذه الرغبات ولكن من أين لهم ذلك ورواتب الموظفين لايدري مصيرها.. هل سيزاد عليها أم ينتقص منها, ووصل البله عن بعض الزوجات إلي هذا المسلك البغيض وهو إما تلبية الرغبات وإما الذهاب الي محكمة الأسرة لطلب الخلع, وهل جاء رمضان ليعكر صفو الأسرة ويعمل علي تخريب البيوت؟ معاذ الله ان يكون كذلك أيتها الزوجات أرحمن من في الأرض يرحمكم من في السماء. وإذا كان الأزواج قد أصابهم السأم والملل والبيوت قد تضخمت بالخلاف والشقاق والنزاع فإن أدوات الهضم من الأمعاء الغليظة والدقيقة والكبد والطحال والقولون والمعدة كلها تتوجس خيفة من ظلم بعض العباد, فإنها تعمل في رمضان مالم تقم بعمله طوال العام فهي تستعد لجبال من السكريات والدهنيات والمعجنات والمكسرات والمطهيات والمشويات والمملحات إنها المهلكات. وهل بمثل هذا يستقبل شهر البر والإحسان؟ وهل بمثل هذا نستعد لشهر التسابيح والتراويح؟ لا والله وإنما ينبغي أن نستعد له بتزكية النفس وتطهير القلب والسمو بالروح إلي مدارج الكمال. نستعد له بالإقبال علي الطاعات وترك المنكرات وحب المساكين, نستعد له بالتخلية قبل التحلية. قال تعالي:( وكلوا واشربوا ولاتسرفوا إنه لايحب المسرفين). قال بعض السلف: جمع الله الطب كله في نصف آية( وكلوا واشربوا ولاتسرفوا) وقال البخاري: قال ابن عباس: كل ماشئت, والبس ماشئت, ما أخطأتك خصلتان: سرف ومخيلة. د. بغدادي الصحابي جامعة الأزهر