ما بين المطرقة والسندان وجد مرضى الصعيد أنفسهم فريسة سهلة لجشع كبار الأطباء ممن تركوا رسالتهم السامية ،وتفرغوا للبيزنس لتحقيق مكاسب مالية على حساب البسطاء الذين باعوا ما يملكون أملا فى الشفاء على أيدى هؤلاء الأطباء الجشعين،والمأساة أن الأساتذة تركوا المستشفى الجامعى للنواب حديثى التخرج يتعلمون فى المرضى تحت مسمى أن المستشفى تعليمى فى المقام الأول، غير مبالين بحالة الاحتياج التى دفعت آلاف المرضى البسطاء للخضوع تحت سطوتهم هربا من جشع العيادات الخاصة. وأن أطباء المستشفى الجامعى تفرغوا لتلك العيادات والمستشفيات حتى مراكز الأشعة لم تسلم هى الأخرى من البيزنس ،فالبعض يردد أن وحدة الرنين بالمستشفيات الجامعية دائمة التوقف، لتشغيل تلك المراكز بالخارج، والتى وصلت تكلفة أشعة الرنين بها إلى قرابة ال 800 جنيه بخلاف قيمة الكشف وهو ما يعجز عنه البسطاء الذين يموتون بحثا عن الخدمة الطبية. «الأهرام» قامت بجولة داخل مركز أشعة الرنين بالمستشفيات الجامعية بأسيوط لكشف حقيقة الأمر، وكانت المفاجأة حينما توجه مندوبا الأهرام إلى شباك حجز الأشعة بالطابق الأرضي، حيث يوجد بالشباك سيدتان تقومان بالحجز، فبادرنا بسؤال إحداهما عن رغبتنا فى إجراء أشعة رنين مغناطيسى لمريض برفقتنا يعانى من رشح بالمخ فقالت لنا إن قيمة إجراء الأشعة هى 300 جنيه فقط، ولكن أول موعد لإجراء الأشعة بعد شهر ، وهنا شعرنا بالصدمة فكيف لمريض يعانى من رشح أو نزيف بالمخ أن ينتظر شهرا كاملا لكى يجرى مثل هذه الأشعة...؟ وتوجهنا بهذا السؤال لهذه السيدة وكانت الإجابة «لو كنت مستعجل ممكن تعملها بره» وسألناها ما سبب طول مدة الانتظار فكانت الأجابة صادمة وهى أن المستشفيات الجامعية بكل تخصصاتها وعددها الذى يتجاوز 7 مستشفيات لا تمتلك سوى 3 أجهزة لأشعة الرنين المغناطيسى من بينها جهازان معطلان تماما والثالث يعمل على فترات، وهنا راودتنا الشكوك التى يرددها البعض بأن الأجهزة يتم تعطيلها بمعرفة الفنيين ،وبعلم الأطباء الذين لا يسعون إلى إصلاحها لتشغيل المراكز الخارجية الخاصة بهم. وبسؤال بعض المرضى أكد أحمد عبد الحميد عطية محاسب أن ما يحدث داخل وحدة الأشعة بالمستشفيات الجامعية أمر يحتاج إلى إجراء تحقيق عاجل لتحديد سبب العطل الدائم لأجهزة الرنين المغناطيسى دون غيرها والتى تبلغ تكلفة الأشعة بها 300 جنيه، أما المراكز الخاصة الخارجية فتصل إلى 800 جنيه، وهو ما يشير إلى شبهة تواطؤ من قبل العاملين بالوحدة من أطباء أوفنيين بالتراخى فى التنبيه بإصلاح هذه الأجهزة لمصلحة المراكز الخارجية التى تذبح المواطنين. واستكمل عادل خليفة عبد الله موظف أن هناك عددا من الأطباء قام بإنشاء عدة مراكز خاصة للأشعة المقطعية والرنين بنسب مشاركة بين الأطباء فى صورة أسهم لضمان قيام الطبيب بتحويل المريض إلى هذه المراكز وتشغيلها وحددوا قيمة الأشعة ب 800 جنيه، وعليهم ضغط كبير ومتزايد بسبب التعطل الدائم لوحدة الرنين بالمستشفيات الجامعية التى تتوقف بسبب الأعطال الكثيرة الناتجة عن الضغط ،بالرغم من أن هذه المراكز تعانى من نفس الضغط ،وبجهاز وحيد ولكنه مبارك ،ولا يتعطل على الاطلاق ،ويعمل بجودة عالية ولكن وحدة الرنين التى تمتلك ثلاثة أجهزة جميعها دائم العطل. وبمواجهة الدكتور أشرف زين العابدين رئيس الإدارة المركزية للمستشفيات الجامعية بهذه المشكلة وكيفية مواجهتها اعترف بأن أجهزة الرنين المغناطيسى الثلاثة بالمستشفى ،منها اثنان معطلان بشكل مستمر، وأن الضغط على جهاز واحد هو سبب حالة التكدس وقوائم الانتظار بوحدة الرنين المغناطيسى بالمستشفى، ونحن فى حاجة ماسة إلى جهاز أشعة رنين جديد خاصة أن الأجهزة الموجودة بالوحدة قديمة للغاية ومتهالكة ونعانى من نقص قطع الغيار، لذا نتمنى توفير جهاز جديد لخدمة مرضى الصعيد بالكامل ،وليس أسيوط فقط خاصة أننا نعانى من ضغط متزايد فى حالات الطواريء والداخلى التى تجرى فى نفس اليوم ،أما قوائم الانتظار فتشمل الحالات غير الحرجة ... !! ويبقى هنا السؤال الذى يتبادر إلى الأذهان كيف لإدارة مستشفى بهذا الحجم والامكانات العملاقة أن يعجز عن إصلاح أجهزة الرنين المغناطيسى به وهو ما يعنى فقدان المستشفى أهم مورد من موارده الاقتصادية؟. تركنا قسم الآشعة وتوجهنا إلى قسم آخر فالتقينا بلال بخيت - حاصل على ليسانس ويبلغ من العمر 31 عاما، حيث بادرنا بالحديث عن أخطاء شباب الأطباء «النواب» بالمستشفيات الجامعية من خلال ما تعرض له قائلا: حينما دخلت المستشفى لعلاج التهاب بالفك العلوي بالفم، وخضعت لكشف طبي، قرر بعده فريق الأطباء الذى يضم عددا من النواب حديثى التخرج بقسم جراحة الوجه والفكين إجراء عملية جراحية لي بخلع الضرس الملتهب لأدخل حجرة العمليات لأخرج منها بعد العملية مصابا بنزيف حاد وتورم فى الوجه وفقدان للبصر، وكلما أسأل العاملين بالقسم عن نتيجة العملية، وعن ما حدث لى يتهربون من الإجابة بل أخضعونى للعلاج بالمستشفى معصوب العينين حتى يتكتموا على خطئهم الرهيب ،وبدأت تتكشف الأمور لى بعد أن قمت بنزع الضمادات لأكتشف أن عينى متورمتان، وهناك غشاوة على عينى ولم أستطع الرؤية، واكتشفت أنه تم قطع العصب الثالث بالعين. ومن جانبه أكد الدكتور طارق الجمال نائب رئيس جامعة أسيوط والمشرف العام على كلية الطب والمستشفيات الجامعية خلال تعقيبه على شكوى المرضى من الإهمال الذى يسيطر على الأطباء وتركهم للنواب يعملون بمفردهم دون وجود كبار الأطباء والأساتذة ،أوضح أننا لا ندعى أن المنظومة مثالية ولكن بطبيعة الحال وطبقا للإجراءات فإنه لا يمكن إجراء أى جراحة بالمستشفيات الجامعية دون موافقة عضو هيئة التدريس وتحت إشرافه ووجوده شخصيا مشيرا إلى أن عمل أعضاء هيئة التدريس والأساتذة بأيديهم يفقد المستشفى هدفه الأساسى وهو تعليم الطلاب والأطباء حديثى التخرج وبالرغم من ذلك فإننا نعمل فى ظل ظروف قاسية وامكانيات محدودة لا تتسع لاستقبال جميع أبناء الصعيد.