الوقت ليس مناسبا لنقاش سياسى بشأن الضوابط الخاصة بحيازة السلاح هذه العبارة كانت رد الرئيس الآمريكى ترامب فى أعقاب حادث اطلاق النار فى لاس فيجاس, وجاء رد البيت الابيض ليؤكد هذا الرأى بتصريح «من السابق لأوانه بحث السياسات الخاصة بفرض قيود على حمل السلاح « وتوافق معهم الآعضاء الجمهوريون فى الكونجرس الذين أكدوا أن» الوقت ليس مناسبا لمناقشة هذه القضية وضرورة التركيزعلى مواساة الضحايا» وجاء حادث إطلاق النار فى لاس فيجاس ليشعل فتيل الجدل حول حمل السلاح ,فإزهاق روح 59 شخصاٌ واصابة 527 أخرين لكفيل بفتح هذا الملف الشائك والذى يثار كلما أصطدم المجتمع الأمريكى بحادث يسقط فيه عدد كبير من القتلى جراء اطلاق النار واستخدام السلاح ,ويقدر البعض ضحايا حوادثه بنحو 33 ألف شخص سنوياً, حيث تقف المادة الثانية من الدستور الآمريكى والتى تعطى الحق لكل مواطن فى حيازة سلاح كدرع واقية لمؤيدى حق امتلاك السلاح باعتباره عنصرا من عناصر الحرية والحماية التى يجب أن يتمتع بها المواطن الآمريكى . ولقد سعى الرئيس الامريكى السابق بارك اوباما لاجراء تعديلات على القوانين لتشديد شروط حمل السلاح ,ولكن لم يتم تفعيل اى اجراءات حقيقية على ارض الواقع ,و مما اثارالدهشة توقيعه على قانونين رئيسيين حول كيفية تداول السلاح تعمل فى مجملها على توسيع حقوق حاملى السلاح, فأحدهما يسمح بحمل الاسلحة فى الحدائق القومية ,والاخر يسمح بحمل السلاح فى حقائب السفر !! ولطالما كانت قضية حمل السلاح فى مقدمة قائمة الخلاف والصراع المتكرر بين المحافظين الجمهوريين والليبراليين الديمقراطيين ويظهر ذلك جليا فى مزايدات الحملات الانتخابية ، وينصب الانقسام حول تفسير التعديل الثانى للدستور الخاص بحق اقتناء السلاح والصادر فى 1971,حيث يرى الليبراليون الديمقراطيون قصر الحق فى حمل السلاح على الولايات المكونة للاتحاد الامريكى وان الآباء المؤسسين ارادوا هذا الحق لامريكا الفيدرالية وهذا ما يعرف بالتفسير الجماعى للحق ،بينما الجمهوريون يرون ان من حق المواطن حيازة السلاح وحمله ولذلك يعرفون باصحاب التفسير الفردى،ويرفضون اى تشريع من شأنه تضييق هذا الحق واعتباره خرقا للقانون, وينادى الديمقراطيون بضرورة إعادة النظر فى الحق المطلق للفرد نتيجة للحقائق المستجدة على المجتمع والحوادث المتكررة والتى تستلزم تقييد حق حيازة السلاح للافراد ,وكلما تقدموا بمشروع قراربهذا الشأن يصوت الجمهوريون ضده ويستميتون فى الدفاع عن هذا الحق باعتبار ان السلاح هوية أمريكية يدعمها الدستور,ويتفق مع هذا الرأى ويعززه مجموعات ضغط قوية ابرزها الرابطة الوطنية للاسلحة (إن أر ايه) والتى يقدر عدد اعضائها بنحو 5ملايين أمريكى مما يشكل لوبى ضغط لا يستهان به. وكان الكونجرس قد اصدر قانونا عام 1994 بحظر التصنيع والاستخدام المدنى للاسلحة النارية نصف الآلية والاسلحة الهجومية لمدة 10 سنوات وانتهى الحظر فى سبتمبر 2004,وباءت محاولات تجديده بالفشل,وفى ابريل 2013 رفض مجلس الشيوخ مشروع قانون بشأن توسيع التحريات والحصول على السجل العدلى لكل من يرغب فى شراء قطع سلاح. وتتنافس كل من الولاياتالمتحدة واليمن فى الحصول على المركز الآول بالنسبة لحمل وامتلاك المواطنين للاسلحة حتى أن هناك تقارير تؤكد أن عدد محال بيع الاسلحة تتعدى 65 ألف محل مما ييسرسهولة الحصول عليها,ويساهم فى أنتشار هذه المحال كون كل شخص يبيع اسلحة يحصل على رخصة بنفس شروط الحصول على رخصة متجر عادى ,هذا إلى جانب أن 40% من مبيعات الاسلحة تتم بين أفراد وعلى مواقع إلكترونية متخصصة فى ذلك . وتأتى القيود المفروضة على بيع الأسلحة من سلطات الولايات وتعد ولاية كاليفورنيا الأكثر صرامة فى شروط بيع وتداول الآسلحة, بينما فى ولاية تكساس يستطيع الفرد حمل السلاح من دون ترخيص, حتى تعريف الاسلحة الهجومية متفاوت بين الولايات ولذلك دائما ما يجد المخالفون الوسائل للالتفاف على القوانين الموضوعة مثل النص الذى أقره الكونجرس فى عام 1993 ويعرف «بقانون برادلى «والذى يفرض التدقيق فى السوابق الآجرامية والعقلية قبل بيع الاسلحة . وهناك احصائيات تعبر بالارقام عن حجم تجارة السلاح فى أمريكا والتى تدر ارباحا سنوية تتعد 12مليار دولار،و أن سوق الاسلحة النارية الفردية فقط يقدر بما يزيد على مليارى دولار سنويا ،فهناك مسدس يصنع كل 10 ثوان و50 %من حجم المسدسات التى تصنع فى العالم تصنع فى امريكا ,و12% فقط من حجم الاسلحة مرخصة و88% يمتلكها المواطن الآمريكى غير مرخصة ، ولقد تزايدت الجرائم فى بعض الولايات بنسبة 300% على أثر توسيع حق الآفراد فى حمل السلاح ومنها العاصمة واشنطن ومدينة نيويورك . وتبقى هذه الحقائق واضحة أمام الادارة الآمريكية ولكن يظل التصرف حيالها أمراً معقداً لاتجرؤعلى القيام باجراء رادع يقيد حمل السلاح أو حتى اتخاذ قرارات من شأنها تنظيم قواعد امتلاك الاسلحة فى أمريكا .