منتصف القرن الماضي طفت علي سطح أحداث العالم دعوات للتحرر والاستقلال نتيجة لسيطرة واستعمار بعض الدول الكبري للدول الضعيفة واستغلال ثرواتها.. وتشكلت كيانات وحركات تعالت أصواتها ومطالبها في وجه المستعمرين وانتظمت مجموعات مسلحة للتصدي للمحتلين وتوافر لها الدعم السياسي والمادي والعسكري وكان أبرز قادتها بمنطقة الشرق الأوسط الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وتحقق التحرر والاستقلال لدول عربية وافريقية ومنها الجزائر وليبيا واليمن وعمان بعيدا عن التبعية الأجنبية.. وساد العالم بعدها التوجه لمعالجة قضايا حل النزاعات بالطرق السلمية وحقوق الإنسان وإرساء ممارسة الحريات العامة وأنظمة الحكم الديمقراطي والتعددية الحزبية وعدم التدخل في شئون الدول الأخري.. ثم كانت المفاجأة بداية القرن الحالي بظهور جديد للماضي بشكل مغاير تتبناه أحزاب وتكتلات عرقية وطائفية ودينية وأحدثها »لغوية« بمناطق جغرافية داخل أوطانها وتدعمها مخططات دولية معادية للمطالبة بالانفصال عن كياناتها الكبيرة والقوية وحدث الانفجار المدوي بتفكيك دول الاتحاد السوفيتي ويوغوسلافيا وتشيكوسلفاكيا.. وتدرجت الظاهرة وانتقلت لمختلف الدول بمسميات »الحكم الذاتي أو الاستقلال الاقليمي« كبداية للإنفصال استنادا لما أطلق عليه »استفتاء تقرير المصير«.. وتتابعت نماذج الظاهرة حاليا.. وكان أبرزها ما دعت اليه في أمريكا وحدها عشرة ولايات منها »واشنطن وتكساس وكاليفورنيا وفيرمونت وألاسكا وهاواي ونيفادا وأوريجون« وفي فرنسا »جزيرة كورسيكا« وبريطانيا »إسكتلندا« والمانيا «بافريا» وايطاليا «فنيتو» وبلجيكا «فلاندرز» أما أسبانيا فبدأت في «إقليم الباسك» ويتصدر المشهد الدامي حاليا استفتاء إنفصال «كاتالونيا» وفي.. الكاميرون اندلعت احتجاجات واحتفالات بمنطقتي «ساوث ويست» «ونورث ويست» الناطقتين بالانجليزية بعد اعلانها الاستقلال واستولي المتظاهرون علي مراكز الشرطة وهاجموا مؤسسات الحكومة ومزقوا أعلام الكاميرون ورفعوا أعلام دولتهم المسماه «امبازونيا».. وفي نيجيريا.. طالبت حركة «شعوب بيافرا الأصلية» باقامة دولة مستقلة.. وانشغلت منطقتنا العربية بأزمة إستفتاء «كردستان» لانفصالها عن العراق الذي تحتله أمريكا بتحالف دولي عسكري منذ عام 2003 وحتي الآن ويواجه بحرب شرسه مع تنظيم مسلح داخليا يسمي «داعش» ويجري سباق الوساطات من الجانبين العربي والغربي لاحتواء المشكلة وتداعياتها وما أثار الغرابة في قول وزير خارجية امريكا أن بلاده تؤيد العراق الموحد.. وازاء ذلك كله يدور التساؤل هل أصبحت. دعوات الانفصال للتحرر والاستقلال أم للتمرد والعصيان.. وهل أصبحت نموذجا جديدا لعودة الحرب الباردة بين القوي الكبري ومادور المجتمع الدولي في تقرير وسائل وكيفية مواجهتها أسئلة ستجيب عليها تطورات الأحداث المقبلة. لمزيد من مقالات عبد المجيد الشوادفي;