انتقلت عدوي انفصال الأقاليم العرقية في أوروبا وآسيا إلي القارة السمراء أفريقيا..فقد شهدنا بالأمس أحداث الاستفتاء الخاص باستقلال إقليم كتالونيا الإسباني وما صحبته من عنف والذي أعتبرته إسبانيا استفتاء »غير دستوري» وأغلقت مراكز الاقتراع. وكذلك شهدنا استفتاء كردستان العراق والذي عارضته قوي إقليمية ودولية عديدة لما يجره علي المنطقة من أزمات ودعوات التقسيم التي تمزق أوصال الشرق الأوسط.. وقد أبت القارة الأفريقية إلا أن تسير علي خطي »موضة الانفصال» حيث أعلنت منطقتا »ساوث ويست» و»نورث ويست» الناطقتان باللغة الإنجليزية في الكاميرون استقلالهما عن بقية البلاد ذات الأغلبية الناطقة باللغة الفرنسية.. وقد قررت المنطقتان إقامة »كيان منفصل» يدعي »أمبازونيا»، وهو ما رفضته السلطة في الكاميرون ووصفته بأنه »حلم وهمي». وقد شهدت الكاميرون احتجاجات وأحداث عنف أدت لمقتل 15 شخصا علي الأقل.. ويعود انقسام الكاميرون في الأصل إلي نهاية الحرب العالمية الأولي عندما قسمت عصبة الأممالكاميرون، المستعمرة الألمانية السابقة، بين فرنسا وبريطانيا المنتصرتين في الحرب.. وفي نيجيريا أيضا، أعلن رئيسها محمد بخاري أنه لن يسمح بتفكك البلاد مع مواجهة دعوات للانفصال في منطقة كانت تعرف باسم بيافرا ومنطقة دلتا النيجر الغنية بالنفط فضلا عن تمرد حركة بوكو حرام.. وفي الشهور القليلة الأخيرة تصاعدت دعوات لانفصال ولاية بيافرا في جنوب شرق البلاد وأثارت ذكريات صراع أودي بحياة مليون شخص في الستينات من القرن الماضي.. وطالب متشددون في منطقة دلتا النيجر المضطربة بالجنوب بالاستقلال في العام الماضي. وقال بخاري في خطاب بثه التليفزيون احتفالا بالذكري السنوية لاستقلال نيجيريا: »إن جماعات لا تتحلي بالمسئولية بدرجة كبيرة تطالب بتفكيك البلاد. لا يمكننا ولن نسمح بهذا».. وتأتي تعليقاته في ظل نشر الجيش قوات تابعة له في جنوب شرق البلاد وشن حملة علي أشهر الجماعات الانفصالية بالمنطقة.. ولاشك أن انتشار دعاوي الانفصال والاستقلال في الفترة الأخيرة من شأنه تعميق عدم الاستقرار في مناطق محددة بذاتها لتنفيذ مخططات وسيناريوهات تسعي لها قوي عالمية وخاصة في مناطق القارة السمراء. وقد نبه الرئيس النيجيري إلي خطورة ذلك بقوله: »أشعر بخيبة كبري كون المسئولين عن تلك المجتمعات لا ينبهون الشبان المتهورين إلي ما عانته البلاد.