ختام دوري حزب حماة الوطن لعمال الشركات الموسم الثاني    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الاثنين 2 يونيو في بداية التعاملات بالبورصة العالمية    تراجع غير مسبوق في أسعار الدواجن اليوم الإثنين 2-6-2025 في محافظة الفيوم    تراجع جديد في سعر الفراخ البيضاء الآن.. أسعار الدواجن اليوم الإثنين 2-6-2025 صباحًا    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصي تحت حماية شرطة الاحتلال    فوز المرشح القومي كارول ناوروتسكي بالانتخابات الرئاسية في بولندا    رسميا، ثلاث أندية تحجز مقعدها في كأس العالم 2029    النيابة تعاين مصنع ملابس نشب به حريق في المرج    ما هي خطوات إنشاء حساب إلكترونيا للتقديم لأولى ابتدائى للعام الدراسى 2026 ؟ اعرف التفاصيل    شاب ينهي حياة والده بطعنة زجاج بسبب خلاف على «توك توك» في شبرا الخيمة    4 أبراج تتسم بالحدس العالي وقوة الملاحظة.. هل أنت منهم؟    الجيش الروسى يسيطر على بلدة جديدة بسومى    ارتفاع أسعار النفط بعد قرار أوبك+ بزيادة الإنتاج    مقتل 12 جراء حريق اندلع بمنشأة لإعادة تأهيل مدمني المخدرات في المكسيك    رفع درجة الاستعداد القصوى في الأقصر لاستقبال عيد الأضحى    رئيس تشيلي: فرض حظر على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. تحذير جوى بشأن حالة الطقس: «ترقبوا الطرق»    أرملة إبراهيم شيكا ترد على أنباء مساعدة سعد الصغير للأسرة    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    نصائح من وزارة الصحة للحجاج قبل يوم عرفة    «هنقطع في هدومنا عشان زيزو!».. طارق يحيى يفتح النار على مجلس الزمالك    وزير التجارة الأمريكي: ترامب لن يمدد تعليق سريان الرسوم الجمركية    هزة أرضية تضرب الجيزة.. وبيان عاجل من الهلال الأحمر المصري    وزير الخارجية الإيراني يزور القاهرة لبحث قضايا ثنائية وإقليمية    تعاون مصري إسباني لتطوير محاصيل الأعلاف المبتكرة في الوادي الجديد    أشرف نصار: نسعى للتتويج بكأس عاصمة مصر.. وطارق مصطفى مستمر معنا في الموسم الجديد    المتهم الثاني في قضية انفجار خط الغاز بالواحات: «اتخضينا وهربنا» (خاص)    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    أحفاد نوال الدجوي يتفقون على تسوية الخلافات ويتبادلون العزاء    "غير كده معتقدش".. أكرم توفيق يعلق على انضمام زيزو إلى الأهلي    "زمالة المعلمين": صرف الميزة التأمينية بعد الزيادة لتصل إلى 50 ألف جنيه    4 إصابات في تصادم دراجة نارية بسيارة ربع نقل في الوادي الجديد    محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم ترَ النور ولم تناقش    بدء التقديم الكترونيًا بمرحلة رياض الأطفال للعام الدراسي 2025 - 2026 بالجيزة    محمود حجازي: فيلم في عز الضهر خطوة مهمة في مشواري الفني    محافظ الشرقية يشهد فعاليات المنتدى السياحي الدولي الأول لمسار العائلة المقدسة بمنطقة آثار تل بسطا    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 2 يونيو 2025    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة.. 10 كلمات تفتح أبواب الرزق (ردده الآن)    هل يحرم قص الشعر والأظافر لمن سيضحي؟.. الأوقاف توضح    شريف عبد الفضيل: رحيل علي معلول طبيعي    رئيس قسم النحل بمركز البحوث الزراعية ينفي تداول منتجات مغشوشة: العسل المصري بخير    قد تسبب الوفاة.. تجنب تناول الماء المثلج    أستاذ تغذية: السلطة والخضروات "سلاح" وقائي لمواجهة أضرار اللحوم    «قولت هاقعد بربع الفلوس ولكن!».. أكرم توفيق يكشف مفاجأة بشأن عرض الأهلي    عماد الدين حسين: إسرائيل تستغل ورقة الأسرى لإطالة أمد الحرب    غلق مطلع محور حسب الله الكفراوى.. اعرف التحويلات المرورية    مين فين؟    أحمد زاهر: تعرضنا لضغط كبير ضد صن داونز وهذه البطولة تعب موسم كامل    يورتشيتش: بيراميدز أصبح كبير القارة والتتويج بدوري أبطال أفريقيا معجزة    محافظ كفر الشيخ: إنهاء مشكلة تراكم القمامة خلف المحكمة القديمة ببلطيم    هل صلاة العيد تسقط صلاة الجمعة؟ أمين الفتوى يكشف الحكم الشرعي (فيديو)    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    شروط التقديم لوظائف شركة مصر للطيران للخدمات الجوية    عدد أيام الإجازات الرسمية في شهر يونيو 2025.. تصل ل13 يوما (تفاصيل)    أخبار × 24 ساعة.. إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص من 5 ل9 يونيو    قبل العيد.. 7 خطوات لتنظيف الثلاجة بفعالية للحفاظ على الطعام والصحة    وزير العمل يعلن موعد إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص    هل يمكن إخراج المال بدلا من الذبح للأضحية؟ الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دائرة الضوء
بإرادة الشعب وعقيدة الجيش.. المستحيل قهرناه والإعجاز صنعناه!
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 10 - 2017


اليوم الجمعة.. يوافق 6 أكتوبر 2017.
هذا اليوم من 44 سنة.. يوم غير مسبوق فى تاريخ الأمة.. رغم أنه إلى ما بعد منتصفه بأقل من ساعتين.. بدا كأى يوم.. سواء فى القاهرة وكل محافظات مصر.. أو على جبهة القتال تحديداً بمواجهة 170 كيلومترًا مع العدو.. حيث كل ما يدور على خط النار.. تكرار رتيب.. لما دار فى الأمس وأول أمس.. وكل يوم مر على مدار الشهر!.
الذى يدور.. تصرفات مدروسة بعناية.. لتبدو للعدو.. أنها روتين يومى لبشر ليس فى ذهنه شىء.. ومستحيل أن يستوعب أى شىء!.
إنهم مجموعات حتى الجنود.. موجودون على الجبهة.. ومكلفون بقضاء أغلب وقتهم فى أمور يستحيل أن تكون ضمن اهتمامات ناس بإمكانها أن تحارب يومًا!. تارة يجلسون بالساعات ينظفون سلاحهم!. وأخرى يغسلون ملابسهم!. وثالثة يلعبون «الكورة»!. صورة معينة تم تصديرها للعدو.. الذى يراقب ويسجل ويحلل.. لأجل أن يضع بنفسه لنفسه بطيخة «نمس» صيفى فى بطنه!.
الخداع المصرى الهائل.. خداع وزير دفاع العدو موشى ديان نفسه يوم 6 أكتوبر نفسه.. عندما استقل طائرة هليكوبتر إلى الجبهة.. ووقف على الجانب الآخر للقناة.. يراقب تحركات المصريين على خط النار.. لأن معلومة وصلت تل أبيب.. عن أن مصر ستشن الحرب اليوم!. موشى ديان راقب وراقب.. واستنتج وحلل.. ووصل إلى قرار.. على ضوء ما يراه.. استحالة أن يكون هذا منظر «ناس» سوف تحارب!.
هنرى كيسنجر وزير خارجية أمريكا.. اليهودى الديانة.. المتعصب لإسرائيل على طول الخط.. فى تعليقه على خطة الخداع المصرية البارعة وعنصر المفاجأة غير المسبوق.. قال: الإسرائيليون.. رأوا الأشجار.. ولم يروا الغابة!. كانوا على الجبهة قبل الحرب بثلاث ساعات فقط.. وعندهم معلومة بأن مصر ستحارب يوم 6 أكتوبر.. ولم يروا شيئًا ولم يلاحظوا أى شىء!.
حقيقة أنهم رأوا الأشجار ولم يروا الغابة.. لم يكن ضعف بصر منهم.. بقدر ما هو عبقرية تخطيط منا!.
فى الوقت الذى كان فيه ديان يراقب الجبهة.. أى الحادية عشرة صباحًا.. كان النسق الأول الذى سيتقحم القناة فى خنادقهم!. أتكلم عن أكثر من 100 ألف مقاتل.. دخلوا إلى خط النار ليل يوم 5 أكتوبر.. ولم يعرف العدو.. أن الذين يراهم يوميًا.. هم فقط للخداع.. وأنه فى الملاجئ أكثر من 100 ألف مقاتل.. سيقتحمون القناة بعد 180 دقيقة!. العدو لم يكن يدرى أن حائط صواريخ الدفاع الجوى.. احتل مواقع الصواريخ الهيكلية!. العدو لم يكتشف أن المواقع الهيكلية للمدفعية.. فى ليل من غير نهار.. وأظنها ليلة 3 أكتوبر.. هذه المواقع تم استبدال مدافعها الهيكلية بمدافع حقيقية.. تم تغطيتها بشباك التمويه التى كانت موجودة على الهيكلية!. خط المواجهة من السويس إلى بورسعيد.. فى ثلاث ليالٍ.. اكتملت قوته الضاربة.. حائط صواريخ الدفاع الجوى.. معدات الكبارى.. طلمبات المياه التى ستشق الساتر الترابى.. أكثر من 2000 مدفع!. ذخيرة المدافع فى القصفة الأولى التى استمرت 53 دقيقة.. كانت 3000 طن.. ولنا أن نتخيل كم عدد السيارات التى نقلت ثلاثة آلاف طن دانات مدافع إلى مكانها على خط النار.. كيف تحرك هذا العدد الهائل من السيارات دون أن تكتشفه الأقمار الصناعية ونقاط المراقبة البشرية؟.
إنها العبقرية المصرية التى تظهر.. فيما يبدو فى الأوقات الصعبة العصيبة.. والسنوات التى تلت هزيمة يونيو 1967 وحتى أكتوبر 1973.. يقينى أنها الأصعب فى تاريخ مصر.. التى لم تر مثيلاً لها.. وربما أصعب منها.. إلا فى يناير 2011 وما بعدها!. كيف؟.
هزيمة يونيو ضاعت فيها سيناء بأكملها «61 ألف كيلومتر مربع».. والعدو أصبح على القناة!. هزيمة يونيو.. دمرت أغلب ما نملك من سلاح.. والمتبقى ثبت يقينًا أنه لا يصلح لتحرير الأرض!. هزيمة يونيو.. زلزلت الروح المعنوية للشعب قبل الجيش.. وأشياء كثيرة أخرى سلبية موجعة سببها هزيمة يونيو.. إلا أن!.
كل هذه الأمور خلقت موقفًا صعبًا.. أظنه الأصعب فى تاريخ مصر حتى هذا الوقت!. الأصعب.. هو من أظهر المعدن المصرى الأصيل.. الذى لم يكن تم العبث به!.
الأصعب رأيناه فى 1967 وفى يناير 2011.. تشابه فى درجة الصعوبة واختلاف فى رد فعل الشعب.. ناجم عن اختلاف الفطرة التى عليها الشعب!. فى 1967 الشعب على فطرته السليمة العبقرية!. فى 2011 الشعب من منتصف التسعينات يواجه حرباً جديدة غير معروفة.. عرفناها فيما أنها الأجيال الجديدة للحروب!. أجهزة مخابرات الغرب تخطط ودولارات قطر تمول!. الهدف نسف القيم والمبادىء وانتهاك العادات والتقاليد وإشاعة العنف والكراهية والفتن والأكاذيب.. لأجل الوصول بعد سنوات إلى حالة الفوضى التامة!. الخروج من هذه الحالة.. مرهون بعودة الوعى للشعب!.
المعدن الأصيل للشعب.. بعد 1967.. على فطرته السليمة.. لذلك لم نأخذ وقتًا فى نفض آثار الهزيمة!. لم يضع منا وقت والجيش قبل الشعب.. استرد الروح المعنوية!. مصر كلها على قلب وعقل وفكر رجل واحد!. أرضنا سنحررها حتى لو ذهبنا جميعًا للآخرة!. فى هذه الفترة العصيبة.. ظهر المعدن النفيس للشعب ولسان حاله يقول «اللى يعوزه جيشنا فى تسليحه.. يِحْرَم علينا»!. القيادة المصرية تعاملت مع الموقف الصعب الدقيق.. بمنتهى العقل!. عدو منتصر مغرور مستفز.. يريد استدراجنا «للضربة القاضية الفنية»!. تصريحات لا تتوقف عن أن القناة.. أصبحت خط الهدنة الجديد بيننا وبينهم!. كلام عن حقهم فى امتلاك نصف عرض القناة!. مقترح تقدموا به للأمم المتحدة.. لأجل إعادة القناة للملاحة.. باعتبار نصفها تحت سيطرتهم!. يريدون تهورًا ينقلب إلى مواجهة شاملة على خط النار الجديد!. لذلك كانت التعليمات المشددة.. بحتمية التهدئة وضبط النفس وعدم الاستدراج لأى مناوشات!. المرحلة الثانية.. كانت الرد بحذر وبعد الحصول على موافقة مسبقة من القيادة.. وهذا القرار جاء.. لأن القيادة أدركت أن القدرة على تحمل الاستفزازات لها حدود.. والقوات الموجودة على الجبهة.. «جابت آخرها» فى ضبط النفس.. ولابد من التنفيس!. وفى الوقت الذى تأكدت فيه القيادة من اكتمال أمور عديدة.. أعلنت مصر حرب الاستنزاف فى 8 مارس 1969 واستمرت 500 يوم حتى 8 أغسطس 1970.. وبنهاية الاستنزاف بدأت مرحلة الإعداد والاستعداد النهائى للحرب التى استمرت 38 شهرًا.. وآخر يوم فيها.. هو يوم 6 أكتوبر!
بدأت الحرب فى الثانية بعد الظهر!. ربما لتكون هى أول حرب تبدأ ظهرًا ومستحيل أن يتوقع العدو هذا التوقيت.. وهذه عبقرية تخطيط!. مهم جدًا أن تكون الشمس فى ظَهْرِ طيارينا فى ضربة الطيران.. والشمس وسط السماء محايدة الساعة 12 ظهرًا.. ومن بعد هذا التوقيت الشمس معنا وضد دفاعات العدو!. اختيار الثانية بعد الظهر.. مرتبط بالمد والجزر فى مياه القناة وبالتيارات البحرية التى تتغير أربع مرات على ما أتذكر على مدى اليوم!.
المهم أن 220 طائرة من مطارات مصرية مختلفة.. تحركت فى لحظات مختلفة.. لأجل أن تدخل سيناء من فوق القناة فى وقت واحد.. هو الثانية ظهرًا!. الطيارون المصريون دخلوا سيناء لتدمير 3 قواعد جوية وعشر قواعد صواريخ (هوك) وثلاثة مراكز قيادة.. وعدد من محطات الرادار ومرابض المدفعية بعيدة المدى!. الضربة الجوية حققت أكثر من 90% من أهدافها!. القيادة ألغت الضربة الجوية الثانية.. بعد النجاح المذهل الذى حققته الأولى فى تدمير أهدافها!.
الطيران دخل سيناء من فوق القناة.. وخرج منها من الأجناب.. البحر الأبيض وخليج السويس!. ليه؟. لأجل أن ينطلق تمهيد المدفعية.. بعد دقيقتين فقط من عبور الطيران لسيناء من فوق القناة.. وهذا يوضح أن الضربة الجوية انتهت فى دقيقة.. أى الأهداف تدمرت فى دقيقة.. ونسور الجو غادروا سيناء فى الدقيقة الأخرى.. لتبدأ المدفعية.. أو لتفتح المدفعية نار جهنم على العدو.. وهذا معناه.. أن الجحيم الذى بدأه الطيران.. لم يتوقف والمدفعية.. أوصلت جحيم الجو.. بجحيم الأرض!. أكثر من 2000 مدفع.. وأكثر من 400 دبابة اعتلت مصاطبها فى الغرب.. بخلاف عربات القتال المجهزة بصواريخ مضادة للدبابات.. الكل يضرب.. لتنطلق النيران المباشرة على أهداف مرئية للعدو.. وغير المباشرة لأهداف محددة لكنها غير مرئية!. معدل الضرب فى الدقيقة الأولى وصل إلى عشرة آلاف وخمسمائة دانة.. بمتوسط 175 دانة فى الثانية الواحدة!.
على حافة مياه القناة.. كان عشرات القوارب الصغيرة المعالجة ضد الحريق.. تنتظر إطلاق أول دانة مدفعية.. لتنزل فى القناة تجاه الشاطئ الشرقى!. عشرات القوارب هذه.. بعضها استطلاع وبعضها نقاط ملاحظة للمدفعية.. وبعضها قوات صاعقة مهمتها عَمَل كمائن للعدو القادم من عمق سيناء وبعضها لحصار نقاط خط بارليف القوية من الخلف وبعضها لتأمين الساتر الترابى ومنع دبابات العدو من الصعود إليه!. مرة أخرى ليه؟.
العدو له مصاطب دبابات مجهزة على الساتر الترابى فى الشرق.. بواقع مصطبة كل 100 متر على امتداد الساتر الترابى.. أى دبابة كل 100 متر فى مواجهة طولها 167 كيلومترًا!. بحسبة بسيطة نكتشف أن الساتر الترابى مجهز لأن تحتل قمته 1067 دبابة.. «يعنى» جيش مدرعات فوق الساتر الترابى.. ولنا أن نتخيل الجحيم الذى ستصنعه هذه الدبابات فيما لو حاول المصريون نزول القناة.. وليس التفكير فى اقتحامها!
عبقرية التخطيط وعبقرية التدريب والاستعداد.. والفطرة المصرية فى الشجاعة والفداء للمقاتل المصرى.. حالت دون أن تصعد دبابة واحدة للعدو إلى مصطبتها!. العبقرية المصرية.. دمرت مراكز قيادتهم بضربة طيران فى دقيقة!. العبقرية المصرية حولت سيناء.. إلى جهنم الحمراء على مدى 53 دقيقة هى مدة التمهيد المدفعى وقبلها دقيقة جهنم للطيران.. وبعدها وحوش تقاتل على الأرض.. وحرمت العدو من كل المميزات التى تمتع بها.. مانع مائى وساتر ترابى وأقوى خط دفاعى!.
إنهم المصريون أيها الجبناء!.
القوارب الكثيرة التى عبرت القناة بعد أول دانة.. نجحت خلال دقائق خمس فى تحقيق المفاجأة وفرض السيطرة وتأمين الحماية لعبور القوات الرئيسية.. المحدد له أن يبدأ بعد نهاية الدقيقة الخامسة من وصول هذه المفارز للشرق!.
الساعة 2.18 (الثانية و18 دقيقة) توقيت اقتحام الموجة الأولى للقوات الرئيسية.. أكثر من 1600 قارب على امتداد القناة.. وتأتى بعدها تباعًا 11 موجة أخرى تقتحم القناة على التوالى.. تشمل المقاتلين والمعدات الخفيفة للفرق الخمس العظيمة.. ووصفها بالعظيمة.. ليس من عندى.. إنما هو تعبير الجنرال بوفر.. أحد أهم خبراء العسكرية فى العالم.. وقاله وهو يصف تميز أدائها فى حرب 1973.
فى الحقيقة.. دخول الطيران إلى سيناء من فوق رءوس المقاتلين.. فجَّرَ داخلهم طاقات لا سقف لها.. فى وقت أظنه الأمثل.. قبل دقائق من افتحام القناة.. وهذا ما ظهر على سطح القناة.. التى شهدت سباقًا هائلًا بين ال1600 قارب لأجل الوصول للشرق وصعود الساتر الترابى.. والسجود على قمته شكرًا لله.. وبعد السجود لله.. رفع العلم!.
ظل خط بارليف.. أساس كل خطة.. لأنه 31 نقطة قوية.. كل ثلاث نقاط منه تشكل نقطة دفاع ثابت.. بينما الاحتياطيات القادمة من العمق هى الدفاع المتحرك!. المصريون رصدوا كل شىء.. وحللوا كل موقف.. وعملوا حسابًا لكل صغيرة قبل الكبيرة.. وعليه!. خط بارليف.. حددنا النقاط القوية فيه التى ستؤثر على قواتنا وهى تقتحم القناة.. وهذه النقاط لابد من إسقاطها والاستيلاء عليها ومنع أى نيران تنطلق منها.. النقاط الأخرى غير المؤثرة بصورة مباشرة.. يتم حصارها وشغلها بالتعامل معها.. على أن يتم إسقاطها فيما بعد تحقيق المهام الرئيسية.. ولذلك!.
نصف نقاط خط بارليف تم إسقاطها والاستيلاء عليها يومى 6 و7 أكتوبر.. والباقى تم الاستيلاء عليها يومى 8 و9 أكتوبر.. عدا نقطة لسان بورتوفيق التى تم حصارها إلى أن استسلمت يوم 13 أكتوبر.. وبقيت نقطة شرق بورفؤاد.. التى صرفت القيادة النظر عن مهاجمتها.. لعدم تأثيرها علينا!.
لأجل أن تعرفوا عظمة المقاتل المصرى.. أسترجع مع حضراتكم فلسفة إنشاء خط بارليف.. الذى قال عنه خبراء العسكرية إنه أقوى خط دفاعى عرفه العالم فى أى حرب!. الخط الدفاعى مكون من 31 نقطة قوية. النقطة القوية مساحتها 200 متر * 200 متر.. أى حوالى فدان أرض.. وهى مقامة تحت سطح الأرض ومجهزة بكل شىء وأى شىء.. وسطحها الخرسانى فوقه.. أطنان من الحجارة الموضوعة فى شباك سلك.. والهدف منها امتصاص أى موجة انفجارية!. النقطة القوية.. بها مولداتها الكهربائية الخاصة بها.. وبها كل وسائل الاتصالات مع بعضها ومع قاعدتها ومع الأقمار الصناعية. بها جميع أنواع الأسلحة الثابتة (مدافع) والمتحركة (دبابات). النقطة عندها تجهيزات إدارية وخطوط إمداد عسكرية.. تجعلها قادرة على تحمل أى حصار لأكثر من 90 يومًا.. فماذا حدث؟.
قبل مرور ساعة واحدة من وصول مقاتلينا للشرق.. سقطت أول نقطتين!. الأولى.. نقطة الكيلو 146 فى قطاع الجيش الثانى ونقطة الكيلو 19 فى الجيش الثانى.. وكلتاهما سقطت فى الثالثة و25 دقيقة يوم 6 أكتوبر!.
فى الثالثة إلا عشر دقائق.. كان شاطئ قناة السويس الشرقى.. عليه 14 ألف مقاتل من المشاة بأسلحتهم الخفيفة.. يؤمنون تمامًا الأرض التى يقفون عليها!. بعض هذه القوات.. دخل فى العمق لمسافة كيلومتر.. لصد أى هجوم مضاد.. بعيدًا عن القناة.. لتوفير المزيد من الحماية لرجال المهندسين.. الذين يقومون بعمل جبار غير مسبوق فى أى حرب!.
مد الجسور بين ضفتى القناة.. لأجل دخول القوات الرئيسية والمعدات ذاتية الحركة.. دبابات ومدافع وسيارات صواريخ وذخائر...
السرعة هى العامل الأهم.. لأجل الاستعداد لصد أى هجوم مضاد للعدو!. بدأت ملحمة المهندسين.. بعبور وحدات استطلاعها تجاه الفتحات الشاطئية فى الساتر الترابى.. تلتها القوارب التى حملت مضخات المياه النفاثة.. وبدأ العمل لفتح 81 فتحة على طول الجبهة.. بإزاحة 1500 متر مكعب رمال بالمياه فى كل فتحة.. وفى الوقت نفسه.. هناك عناصر مهندسين تمهد الجانب الشرقى لكل كوبرى أو معدية!. أول فتحة فى الساتر تمت فى الخامسة والنصف مساء.. وتشغيل أول معدية فى السادسة والنصف وإنهاء أول كوبرى فى الثامنة والنصف...
المصريون يصنعون أسطورة غير مسبوقة.. لا مانع مائى أوقفهم ولا ساتر ترابى منعهم.. وحتى خط بارليف.. انهار تحت أقدامهم!.
تحية إلى جيش مصر العظيم فى الأمس واليوم وفى الغد وكل غد بإذن الله.
وللحديث بقية مادام فى العمر بقية
لمزيد من مقالات إبراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.