ما الذي يحدث في مصر الآن؟! وهل هناك حالة عدم استقرار أم أن ما نراه علي الساحة الداخلية يعد انفلاتا وتجاوزا للقانون, يتطلب وقفة جادة للتفرقة بين المسموح وغيره؟! وهل أدت الحكومة دورها بالكامل أم تقع عليها مسئوليات من سوء إدارة ملفات الأزمات والاحتجاجات؟! ولماذا طالب الحزب الوطني الحكومة بالشفافية والرد علي ما يثار في وسائل الإعلام من قضايا, لكي يعرف الرأي العام ماذا يحدث وأين تكمن الحقيقة؟! تلك التساؤلات تطرح من الجميع ولا تجد إجابات واضحة في ظل ما نراه من حالة غريبة علي الساحة الداخلية, فلكل مواطن الحق في التعبير عن رأيه وموقفه وحتي الاعتصام والاحتجاج, فالقانون يتيح للمواطنين هذه الحقوق, لكن ليس من حق أحد مهما كان سواء جماعة أو تنظيم أو حركة, وحتي لو كان هؤلاء من شباب الحزب الوطني, أن يعطل مصالح الناس, فالتظاهرات والاعتصامات التي نراها تؤثر علي تعطيل سيارة إطفاء تذهب لاطفاء حريق أو سيارة اسعاف تطلق بوقها لانقاذ حياة مريض أو حتي سيدة تريد اللحاق لتضع مولودها, أو مواطنين وسائحين وغيرهم يريدون الذهاب الي المطار ليستقلوا طائراتهم, هكذا نري التأثيرات السلبية لمثل هذا النوع من الاحتجاجات, والتي يجب أن تتخذ مكانا لا يؤثر علي حياة الناس وأرزاقهم ومصالحهم, وهذا لا يعني منع التعبير عن الرأي من جانب هذه الفئة أو تلك الجماعة, لكن علينا التفرقة بين حق من يتظاهر والحق الطبيعي لكل إنسان, في ظل ما نراه من تجارب للدول المختلفة من تخصيص أماكن لهذا النوع من التظاهر, ويحدد فيها الموعد والشعارات التي يتم رفعها أو ترديدها, ومكان السير والعدد المتوقع, ولا يسمح بالخروج عن الأماكن المصرح بها, وهذا ما نراه في دول كثيرة من بريطانيا وفرنسا والدنمارك وسويسرا والولايات المتحدة, في حين تحظر دول عربية كثيرة التظاهرات نهائيا ولا تسمح بهذه التجمعات السياسية وباعتبارها مخالفة للقانون. ما نراه ويتابعه الجميع يشير الي حالة انفلات وتجاوز للقانون والقفز عليه, وهناك من يريد تكريس هذه الفكرة لدي بعض الشباب المخدوع في رموز سياسية ومعارضة, فهؤلاء في النهاية لديهم مصالحهم في الظهور الإعلامي والاختفاء مجرد انصراف مصوري الصحف ووسائل الإعلام المختلفة, ومثل هذه النوعية من الأسماء نراها علي الساحة وليس لديها هدف أو فكرة تقدمها للبسطاء والفقراء والمحتاجين, وتساءلت كثيرا أين الحكومة وهل غابت عن مواجهة ما يحدث سواء بحل مشكلات المحتجين أو المضربين والمعتصمين والمتظاهرين وتوقفت طويلا أمام البيان الصادر عن هيئة مكتب الحزب الوطني برئاسة السيد صفوت الشريف, والذي حمل عبارة غير واضحة تطالب بضرورة القيام بردود واضحة علي ما يثار في وسائل الإعلام من قضايا, ولم تقل لنا هيئة مكتب الحزب الوطني المقصود ب تطالب من علي وجه اليقين, فمن الذي يمتلك الردود, فهل لا يعرفون مثلنا من الواجب عليه أن يرد علي الرأي العام في قضايا خطيرة ومتداولة دوليا ومحليا مثل رشوة المرسيدس, وارتفاع أسعار اللحوم وأزمات عديدة, وأصبح الشكل العام للحكومة سيئا ولا يحتمل الرأي العام هذا النوع من التجاهل والانصات والصمت الغريب من جانب حكومتنا الرشيدة, والذي لا يخفي علي أحد أن أناسا يتركون في الشارع أسبوعين وثلاثة يحتلون مساحة كبيرة من الشارع هنا وهناك ولا نجد تصريحا من مسئول عن حل لهذه المشكلة أو تلك, ولم نر مسئولا أو وزيرا يذهب لهؤلاء المواطنين المصريين ليسألهم عن أسباب الاحتجاج أو الاعتصام, ولم يكلف واحدا من هؤلاء خاطره بطلب ذهاب ممثلين عن هؤلاء المحتجين ليقابلوا الوزير المسئول والتحاور معه, ولأن كل ذلك لم يحدث في معظم أو كل الحالات, فهو ما يدعونا للقول بأن هناك حالة عجز حكومي عن الحل أو التحرك. كانت لدي قيادات الحزب الوطني رؤية أكثر عمقا ووعيا وادراكا بالخطر والمخاوف من هذا العجز الحكومي عن التحرك والمواجهة لحل المشكلات, وحسب القراءة المتأنية لهذا البيان, فإن الحكومة مقصرة ولا يوجد تنسيق بينها كما أن هناك حالة انفلات إعلامي واضحة دفعت رئيس مجلس الشوري ليصف هذه الحالة بأن هناك سباقا محموما بين القنوات الحكومية والخاصة علي الإثارة, والمشهد الذي نراه بوضوح هو قصور حكومي في التعامل مع المشكلات اليومية للمواطنين في حل قضاياها من الأسعار والأجور وغيرها, واسأل بدوري: أين هي الحكومة؟! وألف سؤال عن دورها وواجبها, وبالتأكيد انكشفت الحكومة في ظل حالة مرض الرئيس مبارك خلال رحلته الي ألمانيا وأثبتت الأيام ومازالت أن الرئيس هو الذي يعمل ويحمل أعباء وهموم هذا الوطن, وأحد الأمثلة المهمة علي غياب الحكومة وعدم التنسيق بينها, تلك السقطة المفزعة من الدكتور نصر علام وزير الموارد المائية والري في ليلة المؤتمر مع دول حوض النيل, ليتحدث لوسائل الإعلام عن أمور لا يصح أن تصدر عن وزير يخاطب الرأي العام بأننا أرسلنا كذا وكذا لهذه الدولة وتلك, فكيف يعلن الوزير ذلك للإعلام, ويتم ترجمته وتظهر في صورة غريبة علي حقيقة مصر, وأيضا نري في احدي اللجان غير المعلنة في مجلس الشعب أحد النواب يتخذ موقفا مؤيدا لوجهة نظر دول المنبع في تحديد حصة المياه لمصر وتنشر صحف خاصة هذه الرؤية بطريقة غريبة وملفتة للانتباه, وهذا يظهر أننا في دولة ليس الجميع فيها علي قلب رجل واحد, وللأسف نجد هذه النوعية من الأصوات الشاذة والتي لا تراعي مصالح قومية لهذا الوطن, فموضوع المياه خط أحمر وأمن قومي يتطلب تكاتف كل المصريين حوله, فالمياه لا تخص الحزب الوطني ولا الحكومة, بل لنا جميعا من الاخوان وحتي البرادعي وكفاية و6 ابريل. صورة أخري من المشهد, وهي التركيز بشكل مبالغ فيه من بعض الصحف علي د. محمد البرادعي, وإعطاء صورة غير صحيحة بالمرة عن الحقيقة, فمثلا عندما يذهب5 فنانين الي منزله أو15 عاملا فهؤلاء لا يمثلون جموع الفنانين ولا ملايين العمال, وربما المرء يتساءل كانت الحملة تهدف لجمع ثلاثة ملايين توقيع, فكم عدد من وقعوا حتي الآن, نريد الكشف عن الرقم الحقيقي؟!, والبعض الذين يهاجمون من يقترب من مجرد التساؤل أو الحديث عن د. البرادعي وكأنه نبي أو جاء من السماء لا يجوز نقده فهو أمر غريب وهؤلاء ينتقدون ويهاجمون رأس الدولة, فحلال لهم وحرام علي غيرهم, وأنقل لكم ما قاله زميلنا سليمان جودة في عموده بالمصري اليوم الأربعاء الماضي, هذه العبارات: أخشي أن يتحول د. البرادعي مع مرور الوقت الي إله لا يخطيء في نظر بعض المؤمنين به والداعين الي أفكاره أو يتحول الي نبي معصوم من الخطأ, ويضيف: دكتور برادعي.. لقد تكلمت أنت كثيرا منذ ظهرت في الحياة السياسية المصرية, عما تريده لتقبل ترشيح نفسك في أي انتخابات رئاسية مقبلة, ومن طول تكرارك لما تريده, أصبحنا نحن نحفظ ما تريده, ونؤيدك فيه, ولكنك لم تقل شيئا في المقابل عما يريده منك الناس, الذي هو في الأول والآخر برنامجك, فأين هو؟!, انتهي الاقتباس, وبدوري أقول: هل المطلوب توقيع شيك علي بياض تحت عنوان التغيير, ما هي الأفكار حول العلاقة بالاخوان وحل المشكلات اليومية والعلاج والتعليم والعلاقات بالآخرين, وحقيقة ما قاله بأنه سيساند المقاومة لأن المحتل لا يفهم سوي لغة القوة ثم عاد شقيقه وأحد المقربين من جبهته لينفي هذا التصريح من أساسه فهل لهذا النفي أو التراجع أسباب, نحن نريد معرفتها وهذا حق للرأي العام؟! الذي يفاجيء بأن الذين كانوا يهاجمون أمريكا هم أكثر المدافعين عنها الآن, فلماذا كل ذلك؟! قد يكون المشهد الأخير علي الساحة, تحرك جماعة الاخوان المحظورة وقيامها بزيارات للأحزاب الشرعية, وهناك من انتقد حزب التجمع لاستقبالهم لكنني لا استطيع رفض زيارة الاخوان لمقر التجمع أو غيرها, لأنني أري هذا ضعفا من الجماعة والتي كان يذهب إليها الجميع في مكتب الارشاد ورفضت التنازل عن ذلك, أما الآن فهي تحس بمدي حالة الوهن التي تصيبها فتنازلت عن تعاليها علي الأحزاب وقررت الذهاب حتي للأعداء منهم, خلاصة القول, فما نراه علي الساحة السياسية يتطلب الشفافية والمصداقية والتجاوب مع القضايا المطروحة من الحكومة الصامتة دائما..!