نبهتنى الحملات المتتالية، بل والمتصاعدة، ضد الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، انه ليس وحده هدف هذه الحملات، بل المقصود هو الشعب المصرى تحديدا من خلال مسيرته مع هذا القائد الذى يملأ الوجدان الشعبى، اينما وُجد التواقون الى حرية الوطن واستقلاله فى كل مكان فى العالم. وأسوق فقط مثالين لهما دلالات أكيدة.. عندما زار تشى جيفارا، أيقونة المقاومة فى امريكا اللاتينية, مصر، قال مخاطبا عبد الناصر: كان انتصاركم فى بور سعيد، أملنا ونحن نحارب فى الجبال, ونيلسون مانديلا الزعيم الافريقى واشهر سجين فى تاريخ المناضلين وصف عبد الناصر بأنه زعيم زعماء افريقيا.. وتشهد الوثائق المسجلة انه لا يوجد زعيم فى العالم لاقى استقبالا كما حدث لعبدالناصر، خاصة فى الدول العربية.. وهنا لا بد من التساؤل، هل كان يمكن أن يحظى عبد الناصر بمثل هذه الحفاوة والتقدير البالغ لو لم يكن شعب مصر قد أسكنه العقول قبل القلوب؟ وقد لخص الشاعر العربى السورى الوضع قال:تضيق قبور الميتين بمن بها وفى كل يوم ..انت فى القبر تكبر .. ان ظاهرة توحد الشعب مع القائد هى التى أضفت عليه هذه الهالة العابرة للقارات، وهو ما أيقنته القوى المعادية التى كان يطيش صوابها حيال مكانة مصر المؤثرة خاصة فى الدول النامية، كرمز للصمود والتحدى وقوة الإرادة، ومن هنا استعر الهجوم والتشويه والافتراء تحت ستار الهجوم ضد عبد الناصر وعندما لم تؤت هذه الحملات، والتى قامت بها أيضا عناصر، من الداخل، ثمارها،انصب الغضب والهجوم على الشعب صراحة.. فعلى سبيل المثال لا الحصر،انهمر سيل التشكيك فى خروج الشعب المصرى بالملايين فى ظرف دقائق معدودة فور خطاب التنحى الشهير مساء التاسع من يونيو متحملا المسؤولية كاملة، عن الهزيمة العسكرية، وادعاء ان تلك الملايين خرجت «بأوامر أو بتعليمات! «من تنظيم الاتحاد الاشتراكى!!! وفى هذا الادعاء انكار موقف بطولى وتاريخى لشعب مصر الذى هزم الهزيمة فى ذلك المساء ومزق مشروع الأعداء الذين «كانوا ينتظرون اتصالا هاتفيا من القائد يعلن فيه الاستسلام».. واستغرب ان يسعى الأعداء، الى تجريد شعب مصر باستهزاء من موقف لا يزال العالم يحاول فك شفرته، إذ أن خروج الملايين فى ذلك المساء، كان، أول خطوة فى حرب الاستنزاف ومن ثم فى طريق العبور.. ولا يشرح لنا هؤلاء الذين لا يحترمون هذا الشعب العظيم ويصورونه كشعب، من الدمى، يفرط فى وطنه وفى كرامته، لماذا لم يستطيعوا هم ان «يخرجوا!!» رُبع ملايين يونيو فى أى مناسبة أقاموها.. وهم أنفسهم، من اعتبروا أن الثلاثين من يونيو والتى لا يزال قيامها بعشرات الملايين، لغزا يحير الأعداء ويزيدهم غرقا فى شفرة شعب تستعصى على أمثالهم انقلابا.. والغريب ان من «يزدرون الشعب بانكار وتسفيه موقفه الأسطورى بهزيمة الهزيمة وتحمل كافة التضحيات خلال سنوات حرب الاستنزاف المجيدة، التى تُوجت بالعبور العظيم يصابون بالخرس عندما تسألهم عمّن «دفع بالملايين الى الشوارع» يوم رحيل الزعيم فى 28 سبتمبر عام 1970وبأكثر من ملايين يونيو فى جنازة توصف حتى يومنا هذا بأنها الأكبر فى تاريخ البشرية... وكما يقول المثل، الكذب مالوش رجلين لم يُعر شعب مصر أدنى اهتمام بهذه الافتراءات المفضوحة، فنحن جميعا نعرف اننا اندفعنا كى نهزم الهزيمة كما نزلنا نودع الزعيم وكما نزلنا فى يونيو نمزق «مشروع الشرق الأوسط الكبير» فى ثورة شارك فيها ما بين، 35 الى40 مليون مصرى ومع ذلك يصفها الأعداء بالانقلاب!!.وقد داخلنى الظن، وليس كل الظن إثم، فى الآونة الأخيرة، ان اشتعال حملة إضافية مؤخرا ضد جمال عبد الناصر والذى انتقل الى رحاب الله منذ سبعة واربعين عاما، أن المقصود بها، هو جيشنا، الذى قام بثورة يوليو عام 52 والتى خلصت مصر من الاحتلال البريطانى والحكم الفاسد. الثورة التى حققت الكثير من العدالة الاجتماعية وتم خلالها بناء السد العالى وتأميم قناة السويس، وإقامة آلاف المصانع والمفزع ان يتجاسر هؤلاء ويتباكون على حقبة الاحتلال! وعلى عدم الثقة فى قوة الاحتلال التى كانت «ستعيد لنا القناة!!»، ويهيلون التراب على كل منجزاتنا.. توقيت هذه الحملة الجديدة يستهدف الدور الوطنى العظيم لجيشنا بانحيازه الى الشعب فى ثورة يونيو وفى القائد الذى أكد «أن الإرادة المصرية لن تعلو عليها ارادة أخرى» وليس كل الظن إثما. لمزيد من مقالات فريدة الشوباشى;