السلام هو حق المسلم علي المسلم, وأول أسباب التآلف ومفتاح استجلاب المودة وفي إفشائه تحقيق الألفة بين المسلمين بعضهم البعض. وإظهار شعارهم المميز لهم عن غيرهم من أهل الملل, فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم( والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتي تؤمنوا ولا تؤمنوا حتي تحابوا, ألا أدلكم علي شيء إذا فعلتموه تحاببتم, أفشوا السلام بينكم). يقول الدكتور محمود رفعت مدرس مساعد بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر فرع أسوان, إن للسلام أداب وضوابط علي المسلم الإلتزام بها ترسيخا للفضيلة وتأكيدا علي حسن أدائها, فله أداب في الإلقاء وأداب للرد, فمن أداب الإلقاء: أن تبدأ من لقيته بالسلام فتكون السابق إلي الأخر, فهذا خلق النبي صلي الله عليه وسلم حض عليه لكونه بذلك أقرب إلي الله فقال( إن أولي الناس بالله من بدأهم بالسلام), وأن يسلم الراكب علي الماشي والماشي علي القاعد والقليل علي الكثير والصغير علي الكبير, لما في ذلك من ترسيخ حق كل فئة علي الأخري, وأن تكرر إلقاء السلام علي أخيك كلما غبت أو غبت عنه أو فصل بينكما فاصل طويل أو قصير في المجلس الواحد, لأن السلام عبادة وأجر كلما ازددنا منه ازددنا عبادة لله وازداد أجرنا وثوابنا عند الله وتلك غاية المسلم, فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال( إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه), ويلزم أن تلقي السلام عند قدومك للمجلس وتكرره عن القيام منه وهذا من كمال الشريعة أنها جعلت المبتدي والمنتهي علي حد سواء ولما فيه من زيادة الثواب وتعميق المحبة, فعن أبي هريرة عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم( إذا انتهي أحدكم إلي المجلس فليسلم فإذا أراد أن يقوم فليسلم فليست الأولي بأحق من الأخرة), وأوضح الدكتور محمود رفعت أن من أداب رد السلام: أن يكون الرد بصيغة أحسن من صيغة الإلقاء, قال تعالي( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان علي كل شيء حسيبا) النساء86, ويجب عدم الرد حال قضاء الحاجة, فعن المهاجر بن قنفذ رضي الله أنه أتي النبي صلي الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه حتي توضأ ثم اعتذر إليه فقال( إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا علي طهر), ويستحب الرد علي طهارة فعن أبي الجهم بن الحارث الأنصاري رضي الله عنه قال( أقبل رسول الله صلي الله عليه وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد النبي صلي الله عليه وسلم حتي أقبل علي الجدار فمسح وجهه ويديه ثم رد عليه السلام), فتلك هي آداب الإسلام في إلقاء السلام ورده, متي تحققت فينا قد حققنا الرسالة المحمدية قولا وفعلا وصرنا دعاة خير وسلام حتي نلقي السلام وندخل دار السلام بسلام.