حالة من الإبهار لفت جمعاً مسئولاً من خبراء يابانيين، حضروا منذ أيام لمتابعة عمليات إخراج وترميم مركب الشمس الثابتة، بتمويل ياباني.. وفاجأوا العاملين بتصريح يؤكدحرص اليابان على اتمام المشروع حتى لو تكلف عشرة ملايين دولار! ...................................... ومع الاقتراب من الانتهاء من المهمة الأسطورية لإخراج اثر عمره سبعة آلاف سنة من تحت الأرض فى سفح الهرم الأكبر، استطاعت «تحقيقات الأهرام» التسلل إلى داخل «الخيمة» العملاقة التى تم تشييدها فوق الحفرة التى تضم المركب، وان تسجل ما يحدث الآن من منظومة يصنعها فريق مشترك من الخبراء اليابانيين والمصريين، وذلك بعد أن تمكنت الروافع من رفع 41 حجراً صخرياً يزن كل منها 16 طناً، كانت تسد فوهة الحفرة العملاقة التى تضم أخشاب المركب، وعند فتح الحفرة كانت المفاجأة الأولي، وجود «خرطوش» يحمل اسم الملك خوفو على أحجار الحفرة، وهذا فى رأى خبراء الآثار يؤكد انها خاصة بالملك خوفو نفسه.. والأولى كانت بها خرطوش يحمل اسم ابن المالك خوفو، وأقيم لها متحف ملاصق للهرم الأكبر. لقاء ياباني وداخل الخيمة العملاقة كان لقائى مع د. يوشيمور رئيس فريق الجانب الياباني، الذى بادرنى شارحاً «ان مشروع استخراج وترميم مركب خوفو الثانية يعتبر واحداً من أكبر مشروعات الترميم فى العالم، وتم إحضار خيمة كبيرة من اليابان، وقد شيدت فوق حفرة المركب، وتم تزويدها بوحدات تحكم درجات الحرارة، والرطوبة، وتضم معامل للترميم ومعامل لتحليل العينات وأجهزة ميكروسكوبية وأفران، ويعد هذا أكبر معمل ترميم مؤقت داخل موقع الحفر، بتكلفة أكثر من مليون جنيه مصري، ومجهزة بوحدات للتحكم فى درجات الحرارة والرطوبة، ووحدات إضاءة من خلايا الطاقة الشمسية». ومن داخل الموقع الذى ينتشر فيه عبق ورائحة زمن عمره سبعة آلاف عام، رأيت كيف ضربت عوامل الزمن والرطوبة أخشاب سفينة الملك، وكيف أحدثت بها كل هذا العطب الذى يتحدى علماء اليابان ومصر وأجهزتهم وفنونهم العالمية فى إعادة الحياة إلى أخشاب تكاد تكون مدمرة تماماً. 1264 قطعة وداخل الخيمة العملاقة يحدثنى ممدوح طه المشرف الاثرى أن المصرى القديم قام بوضع أخشاب المركب داخل الحفرة فى 13 طبقة مفككة، ومن المرجح ان يصل عدد تلك القطع إلى 1264 قطعة، أكدت التحاليل انها تتكون من خمسة أنواع من الأخشاب، وقد تم استخراج 737 قطعة، كان آخرها قطعة خشبية كبيرة، يصل طولها إلى 12 مترا، وتقول ملفات العمل أنه قد تم ترميم 728 قطعة وتم أيضاً نقل 507 قطعة بعد ترميمها وتغليفها إلى مخازن المتحف الكبير، وان جميع القطع يتم توثيقها بالتصوير والرسم والليزر سكان، والباقى داخل الحفرة كما يضيف المهندس عيسى زيدان المشرف على ترميم المراكب، حوالى 500 قطعة جارى استخراجها بحذر شديد، وتخضع القطع المستخرجة تباعاً كما يضيف إلى التحليل فى مصر واليابان، للوقوف على مظاهر وعوامل ودرجات التلف، ولإتمام المهمة فقد اقيم داخل الخيمة معملان.. الأول للقطع الصغرة والآخر لترميم القطع الكبيرة ويصل طوله إلى 45 متر، مشيراً إلى حجم العمل الذى يبذله الخبراء للإنتهاء من هذه المهمة القومية، من خلال توثيق جميع القطع بالتصوير والرسم والليزر ؟؟؟؟؟، سوف يلى ذلك مرحلة تجميع الأخشاب لتأخذ الشكل الرسمى للمركب المدفونة بدقة متناهية على ان يتم عرضها داخل قاعة خاصة بالمتحف الكبير. رحلات الليل والنهار منذ ظهور مراكب الشمس واكتشافها عام 1954 فإنها مازالت تثير جدلاً علمياً وتاريخياً لا يهدأ، ولذلك كان لابد ان استمع فى صمت طويل إلى كلمات د. زاهى حواس عالم الآثار المصرية الذى شرح لى حكاية واسرار ما يعرف الآن بمراكب خوفو وأيضاً مراكب الشمس قائلاً: «منذ أن بزغ فجر الإنسانية والانسان فى بحث دائم عن أسرار هذا الكون، وبالذات أسرار الحياة والموت، والشمس والقمر، والليل والنهار، وأيضاً البحث عن إله يحكم هذا العالم. ولعل صناعته لمراكب الشمس كانت إحدى المحاولات، والتى تحكى تفاصيل مذهله لاستخداماتها فى رحلات ملوك الفراعنة وأيضاً رحلات الآلهة مع حركة الشمس فى السماء ورغم كل السنوات التى مرت منذ اكتشاف هذه المراكب، فإن الجدل ما زال ثائراً حول وظائفها، وما إذا كانت تختلف عن وظائف مراكب الشمس التى لها طقوس وشعائر دينية خاصة». مراكب للملوك.. والآلهة تقول مدرسة أولي: إنها مراكب خاصة بنقل الملك خوفو إلى الجهات الأربعة الأصلية. وتقول مدرسة أخري: إنها مراكب لنقل الملك للحج إلى الأماكن المقدسة والمعابد .. ثم عادت لتقول إنها مراكب جنائزية لنقل جثمان الملك عند وفاته إلى الهرم لدفنه. ثم دفنت بعد ذلك فى حفره قريبة من الهرم. ثم مدرسة أخيرة: تؤكد أن مراكب خوفو قد تختلف عما عرف تاريخياً بمراكب الشمس وهى مراكب صنعها التاريخ الفرعونى كانت مخصصه لتحركات الآلهة. فقد تصور قدماء المصريين أن الآلهة هى الأخرى تستخدم مراكب فى تنقلاتها، وعلى هذا الأساس ظهرت فكرة (القارب المقدس) الذى تتحرك به الآلهة، وكانت المعابد تحتوى فى منطقة (قدس الأقداس) على منصة من الحجر يقام عليها تمثال للقارب المقدس وبداخلة «الناموس» الذى يحفظ به تمثال الآلهة.