«واحة الفرافرة» مدينة قديمة تقع بنطاق محافظة الوادى الجديد شمال غرب الخارجة على الحدود الجنوبية للواحات البحرية ومن الغرب تلتحم مع الشقيقة ليبيا ومن الجنوب بحر الرمال الأعظم ومن الشرق محافظاتالمنيا وأسيوط .. هذه المقدمة الجغرافية تكشف أهمية الفرافرة السياسية والتاريخية خاصة فى ظل تدهور الاوضاع بليبيا ..أيضا تلعب الفرافرة دورا مهما فى التنمية بعد اعتماد الدولة لجزء كبير بها من مشروع المليون وخمسمائة ألف فدان الزراعى وتبدو الكتابة عن هذه المنطقة أكثر اهمية بعد وقوع أكثر من حادث ارهابى وهو الأمر الذى يطرح سؤالا مهما حول طبيعة الحياة فى هذه الواحة وكيفية تأمين الطرق اليها باعتبارها واحدة من مدن الحدود ؟ بداية نشير إلى ان الحياة بدأت بالفرافرة منذ عهد الرومان عندما احتضنت أرضها أشقاء من ليبيا و شبه الجزيرة العربية من عائلات وقبائل العكارسة، والقدادرة، والعيادية، والركابية، والحنانوة وكما حكى الاستاذ محمد عبود ابن الفرافرة قائلا :كانت الفرافرة تتبع محافظة مطروح ثم المنيا ثم محافظة بنى سويف ثم عادت مرة اخرى الى مرسى مطروح الى ان انضمت الى الواحات واستقلت واحة حتى اعلان محافظة الوادى الجديد واصبحت احدى القرى التابعة لمركز الداخلة بالوادى الجديد عام 1972 وكان لها 6 قرى صغيرة من التوابع واستمر الحال هكذا حتى عام 1979 م وكانت الفرافرة تعانى بسبب موقعها النائى ، فكانت المواد التموينية تأتى من الواحات البحرية كل 30 يوما ، ثم أصبحت تأتى من الخارجة بالوادى الجديد بسيارات المجهود الحربى مرتين فى الشهر يوم 5 ويوم 25 من كل شهر وعاش سكانها اصعب اللحظات وهم يواجهون الجوع والعطش والمرض والخوف من الغرباء القادمين من هنا وهناك ، وأكد عبود أنه رغم كل المشاكل التى كان يواجهها سكان الفرافرة لكنهم لم يتخلوا لحظة عن وطنهم الغالى مصر ولم يكونوا مخربين بل كانوا رغم المعاناة اشد قوة ودائما كان مسعاهم هو الحياة الكريمة البعيدة عن العصبية والمشاكل وكانوا محبين لتعليم ابنائهم وحفظهم للقرآن والحياة الكريمة. وروى عبود ... رحلات المعاناة التى كانت تقابل اهل الفرافرة عندما كانوا يعلمون اولادهم بسبب مشاكل بعد المكان والسفر وعدم توافرالمبالغ المالية التى يحتاجها الفرد لكى يكمل تعليمه، كما كانت هناك مشكلة فى تسويق الحاصلات الزراعية . فيما اكد عبود فى كلامه ل (الأهرام) ان الفرافرة اخذت تدب بها الحياة عندما زارها الرئيس السادات عام 1978 م لتشهد مرحلة جديدة من الحياة واعلن خلالها عن البدء فى تعمير الفرافرة وبعدها تقريبا بعام بدأت قوافل التعمير والتوطين لشباب المحافظات بالفرافرة ، و دخول جمعيات استصلاح اراض وقدوم الاسر من محافظات الصعيد والدلتا للفرافرة حتى اصبح الوضع أفضل بالنسبة للتعمير والرواج التجارى ووسائل المواصلات ويقول أبناء الفرافرة نحن مجتمع آمن كل ما يهمه الحصول على لقمة عيشه بالحلال ، وما يحكى عن الفرافرة من هجمات وارهاب ومسلحين فإن سكانها بعيدون كل البعد عنها ، ومن المستحيل أن تجد مواطنا يحتضن أحداً من أهل الشر ، ولكنها الظروف المحيطة فى مختلف دول الجوار هى السبب الرئيسى فيما يحدث سألت اللواء عبد الرحمن شحاتة مدير أمن الوادى الجديد حول كيفية تأمين هذه المساحات الشاسعة والمترامية الاطراف فأجاب: أن هناك مسافات كبيرة بين المدن وبعضها ومع ذلك الامن موجود وهناك تكثيف أمنى للاماكن النائية ، وقمنا بتعيين مساعد للمدير لقطاع غلاب بالفرافرة وهو اللواء امجد رسلان المشهود له بالكفاءة فى التعامل مع أي احداث ايضا هناك جهد كبير لرجال المباحث بقيادة العميد عصام مهنى مدير البحث الجنائى بالمديرية لجهودهم فى حفظ الامن بالمحافظة خاصة فى التعامل الاخير مع المسلحين بطريق «الفرافرة- ديروط «
واعرب عدد كبير من سكان الفرافرة ، عن املهم فى وعد الرئيس السيسى بأن تكون الفرافرة من أمهات الاقتصاد المصرى والمتنفس الحقيقى للشباب المصرى فى العمل والانتاج والتوطين فى مجتمع يحظى بحياة كريمة ، مؤكدين ان الفرافرة عاصمة السياحة المصرية الفريدة، فبها اكبر محمية طبيعية فى العالم العربي، وكهف الجارة وبها معالم للعهد المصرى القديم ناهيك عن تراث الفرافرة ومياهها الكبريتية. ويقول منصور عوض من سكان الفرافرة الذين توطنوا ضمن مشروع مبارك لتشغيل الخريجين عام 1990 م : الفرافرة آمنة ولا تعرف الجريمة ولا حتى السرقة، فكنا ننام وبيوتنا مفتوحة ويقول محمد ابو رحاب من سكان الفرافرة الواحة عريقة ومليئة بالخيرات الوفيرة سواء فى الزراعة او السياحة ، وعلى الجميع أن يقف خلف هذا المكان الذى سيدر الخير الوفير لكل المصريين ، ووجه التحية للرئيس عبد الفتاح السيسى الذى فجر آفاق التنمية بالفرافرة بعد ان اعتبرها بداية المشروع القومى لمشروع المليون ونصف المليون فدان يقول عبد الله على من سكان الفرافرة التاريخ يعيد نفسه بالنسبة للفرافرة خاصة فيما تعرضت اليه الواحة قديما من معاناة الغزاة من الهجمات الغربية والجنوبية ، وما تتعرض له اليوم من ارهاب قادم من الغرب والجنوب يجعلها فى اعين الناس بلده غير آمنه لكنها بعيدة كل البعد عن ذلك واهلها طيبون ، وفى العصر البيزنطى أطلقوا على الواحات «الفرافرة والداخلة والخارجة والبحرية» اسم طيبة العليا وظل ذلك حتى الحكم العربى ثم عادت الواحة الى عهدها الاول لسوء الاحوال الاقتصادية والامنية بعدما سحبت القوات الرومانية والبيزنطية حاميتها العسكرية من الواحة ، وعادت الهجمات من الجنوب والغرب على الواحة فى الوقت الذى كان اهل الواحة فيه اهل زراعة وليسوا اهل حرب ولم يكن لهم طاقة فى التصدى للغزاة الذين نهبوا وسلبوا وتفشت الامراض بين اهل الواحة لسوء أحوال المعيشة مما دفع الكثير من سكانها الى العودة لوادى النيل او الهجرة لاماكن اخرى ولم يتبق سوى عدد قليل من سكانها وكانوا عرضة للغزاة بين الحين والاخر حتى تركوا الواحة ، وقبل حكم محمد على كان لكل قبيلة شيخ يحكمها وكان لها شيخ يدير اعمال جميع القبائل وكان يسمى شيخ المشايخ وفى عهد محمد على باشا ، تغير اللقب من شيخ المشايخ الى العمدة واستمر الحال حتى عام 1860 م ثم تغير عمدة القبيلة الى عمدة الناحية ، وكان العمدة من قبيلة القدادوة كونهم اقدم قبيلة بالواحة ثم تحولت العمودية الى قبيلة العيادية وهم ابناء الشيخ مرزوق الكنانى ، ثم الى قبيلة الحنانوة وهم ابناء جميل الحناوى حتى عام 1992 م وبعدها الغيت العمودية بعد ان اصبحت الفرافرة مدينة ومركزا اداريا فى الخامس من سبتمبر عام 1992 م. وفى العصر الفارسى اهتم الفرس بالواحات خصوصا فى الزراعة فهم اول من ادخلوا نظام الرى من خلال شق القنوات تحت سطح الارض وهو ما يعرف ( بالجب ) بهدف زيادة المساحة المزروعة وحسبما يقول المهندس عادل ربوح نقيب المهندسين بالوادى : الفرافرة بها ثروات طبيعية كبيرة ، والايام القليلة القادمة ستدخل الفرافرة فى شكل اقتصادى كبير خاصة مع المرحلة الاولى لمشروع المليون ونصف المليون فدان، من جانبه وافق اللواء محمد الزملوط محافظ الوادى الجديد على اعتمادات مالية تتعدى 30 مليون جنيه لمشروعات واستثمارات بالفرافرة ضمن خطة العام المالى الحالي..ويبقى السؤال الاهم هل تتغلب التنمية على التشتت وبعد المسافات وتعيد الى الفرافرة مكانتها التاريخية؟ .