ردا على التقرير الأخير الصادر الأسبوع الماضى عن منظمة هيومان رايتس ووتش عن مصر، أوضحت هيئة الاستعلامات فى تقرير لها ان تقرير هيومان رايتس موقف سياسى منحاز وليس حقوق إنسان حيث استقرت التقاليد المعروفة لتقارير المنظمات المحترمة لحقوق الإنسان على أن تغطى إما مرحلة زمنية (سنوية أو نصف سنوية أو فصلية أو شهرية)، أو أن تتخصص فى موضوع بعينه على مدى زمنى منطقي، وعلى الرغم من أن التقرير المشار إليه قد حاول أن يعطى الانطباع بأنه يدور حول موضوع وهو مزاعم التعذيب فى مصر، فهو قد اختار عنوانا سياسيا بامتياز وليس مهنيا، وهو «تحت حكم السيسي». ويتأكد هذا المعنى السياسى المقصود به التشهير بحكم الرئيس السيسي، من حقيقة أن موعد صدور التقرير لا يتطابق مع أى موعد زمنى لحكم الرئيس، فنهاية فترة رئاسته لايزال أمامها تسعة أشهر، وهو لم يبدأ فترة جديدة حتى تعد المنظمة تقريرا عن فترته المنتهية. كما يتأكد هذا المعنى لتعمد التقرير التشويه والإساءة السياسية للحكم فى مصر من انحيازه للرواية الإخوانية لما جرى فى مصر فى 30 يونيو و3 يوليو 2013، بأنه إطاحة من الجيش بالرئيس الأسبق محمد مرسي، متجاهلا عن عمد ما تتبناه أغلبية المصريين وقام به ملايين منهم، من أنها كانت ثورة شعبية ضد الحكم الدينى المستبد والمنفرد للإخوان المسلمين. ولم تأت هذه الأحكام والاتهامات السياسية المنحازة المتعمدة من التقرير فى نهايته ولا حتى فى منتصفه، بل أتت فى أول فقرتين منه فى الصفحة الأولي، ففى الفقرة الأولى وصف النظام الذى يقوده بحسب زعمه الرئيس السيسى منذ يوليو 2013، بأنه «سلطوي» منذ اللحظة الأولي. وفى الفقرة الثانية وبعيدا عن أى معيار مهنى لتقارير حقوق الإنسان أو موضوعاتها، يقول: «حاول السيسى الوصول للاستقرار السياسى مهما يكن الثمن»، فى صياغة لا توجد سوى فى بيانات سياسية لقوى سياسية مناوئة للرئيس ونظامه السياسي. فإنه إذا افترضنا صدق كل ما جاء بالتقرير من حالات تعذيب مزعومة، فإن عاما وسبعة أشهر من تحريات وبحوث المنظمة الدولية الكبيرة ذات الإمكانيات والخبرة، عن التعذيب فى عهد السيسى كما يذكر عنوان التقرير، من إجمالى 3 سنوات و3 أشهر هى مدة حكمه حتى اليوم، لم تسفر سوى عن 19 حالة فقط، لا يمكن بالقطع قبول أى واحدة منها لو ثبتت صحتها. وإذا أخذنا أيضا فى الحسبان أعداد المحبوسين المزعوم من جانب المنظمة والذين تقدرهم بعشرات الآلاف، فيظهر الضعف الشديد لنسبة المزعوم تعذيبهم من هذه الأعداد سواء المبالغ فيها أو الحقيقية. وتؤكد هذه الأرقام والنسب والفترات الزمنية أن لا تعذيب ممنهج فى مصر، وأن الأمر لا يعدو حالات فردية متناثرة، وهى على قلتها يجب ألا تترك بدون حساب قانونى صارم. وأعرب تقريرالاستعلامات عن أن تقرير رايتس تحطيم للتقاليد الحقوقية، والإخوان هم المصدر الوحيد والأكثر غموضا وريبة فى منهجية التقرير، هى أن باحثه الوحيد قد استطاع بمفرده وبقدرات تبدو خارقة أن يصل إلى هؤلاء الأشخاص ال19 عبر مناطق متباعدة فى مصر وخلال فترة زمنية محدودة، دون أى إشارة لطبيعة المساعدات التى تلقاها لكى يصل لهم بهذه السهولة فى بلد سكانه يصلون لنحو 93 مليون نسمة. والواضح من معلومات التقرير عن هؤلاء الأشخاص ال19 أنهم جميعا من أعضاء جماعة الإخوان أو ضمن دوائرها، وبالتالى فلا يوجد من يمكن له مساعدة باحث التقرير الوحيد للوصول إليهم سوى الجماعة نفسها، وهو ما يفسر الانحياز السياسى الفج له ضد الحكم فى مصر.