لاهاي.. سوريا تطالب باستعادة حقوقها بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية    السودان يشترط تنفيذ بنود جدة قبل وقف إطلاق النار مع الدعم السريع    فلسطين تعلن تشكيل فريق وطني لمتابعة شئون المفقودين في غزة    أول تعليق من ترامب بشأن حاد إطلاق النار على عنصري الحرس الوطني    بعثة بيراميدز تصل إلى زامبيا لمواجهة باور ديناموز في دوري الأبطال    محامي رمضان صبحي: سنطعن على حكم الإيقاف أمام المحكمة الفيدرالية    تموين الدقهلية يداهم مخزن أسماك مملحة فاسدة وينقذ الأسواق من 8 أطنان خطرة على المواطنين    لقبوا أحد المتهمين ب "عمو الوحش".. تعليق صادم من محامي ضحايا "سيدز الدولية"    مائدة مستديرة لمكرّمي الدورة العاشرة بمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي    محافظ المنيا: المحافظة تحظى باهتمام القيادة السياسية لرفع كفاءة الخدمات الصحية    مصر للطيران تطلق أولى رحلاتها المباشرة بين الإسكندرية وبني غازي    مباشر أبطال أوروبا - أرسنال (0)-(0) بايرن ميونيخ.. بداية المباراة    إنفوجراف| تعرف على أنشطة مديريات الزراعة والطب البيطري خلال أسبوع    مياه الفيوم تطلق برنامجًا تدريبيًا مكثفًا لإعداد كوادر فنية شابة.. صور    بعد مصرع مسنة وحفيدتها قرية الصياد تتشح بالسواد.. ننتظر 5 جثامين من ابناءها في قنا    صاغته أذرع (الإيباك) .. أكاديميون ومحللون: قرار تصنيف ( الإخوان) صنع في تل أبيب    طالبات الدمج بمدارس الفيوم في زيارة تعليمية لكلية الآثار الأحد المقبل    تكريم الفرق المصرية المشاركة فى المنتدى الأفرواسيوى للابتكار والتكنولوجيا بماليزيا    إعلان نتائج "المعرض المحلي للعلوم والهندسة ISEF Fayoum 2026"    رسائل الرئيس الأبرز، تفاصيل حضور السيسي اختبارات كشف الهيئة للمُتقدمين للالتحاق بالأكاديمية العسكرية    أم مكة تستأنف على حكم حبسها في اتهامها ببث محتوى خادش    التيك توكر أم مكة تستأنف على حكم حبسها 6 أشهر بتهمة بث فيديوهات خادشة    انقطاع المياه عن بعض قرى مركز ومدينة المنزلة بالدقهلية.. السبت المقبل    عماد زيادة بطلاً أمام مي عز الدين في مسلسل " قبل وبعد"    عرض فيلم مرفوض في ملتقى أفلام المحاولة بقصر السينما    محمد شردي: المتحدة تواصل دعم المواهب وإبراز المبدعين ب دولة التلاوة وكاستينج    المؤتمر الدولي لكلية التمريض بجامعة المنصورة الأهلية يواصل فعالياته    سيف الحرية.. يوسى كوهين يكشف كواليس فشل خطة التهجير.. مدير الموساد السابق: مصر رفضت الفكرة والرئيس السيسي أسقطها بالكامل.. ويكشف كواليس حرب الظل بين تل أبيب وطهران لسرقة الأرشيف النووى واستهداف العلماء فى طهران    كلية الحقوق بجامعة أسيوط تنظم ورشة تدريبية بعنوان "مكافحة العنف ضد المرأة"    الكاميرات ليست حلاً «2»    الإدارية العليا تقضي بعدم قبول 14 طعنًا على نتيجة انتخابات النواب بالمرحلة الأولى    تامر حسنى يحيى حفلا غنائيا 20 ديسمبر بقصر عابدين    "الألحان الخالدة" تحتفي بروائع الشريعي وهشام نزيه بأداء أوركسترالي مبهر    فرصة وحيدة أمام رمضان صبحي لتجنب الإيقاف 4 سنوات بسبب المنشطات    حسام حسني: المستشفيات الجامعية تلعب دورًا محوريا في مواجهة الفيروسات الجديدة    وفد الصحة العالمية يشيد بريادة سوهاج في تنفيذ مبادرة المدارس المعززة للصحة    وزير الصحة يلتقي كبير الأطباء بمستشفى أنقرة بيلكنت سيتي    وكيل صحة بني سويف: إحلال وتجديد مستشفى سمسطا المركزي ب 2 مليار جنيه    وزير الثقافة ينعى الناقد الدكتور محمد عبد المطلب    جهاد حسام الدين: تجربتي في «كارثة طبيعية» صعبة.. ومستحيل أخلف 7 أطفال في الواقع | خاص    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    الزمالك يخطط لعودة رضا هيكل لتدعيم صفوف الطائرة    منتخب مصر للكرة النسائية تحت 20 عاما يفوز على تونس في بطولة شمال أفريقيا    السكة الحديد: إنشاء خطوط جديدة كممرات لوجيستية تربط مناطق الإنتاج بالاستهلاك    أخبار البورصة اليوم الأربعاء 26-11-2025    عُمان والبحرين يكملان عقد المتأهلين لكأس العرب 2025 في قطر    مصدر من منتخب مصر ل في الجول: 1 ديسمبر موعدا للمعسكر الختامي ل كأس إفريقيا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استرح فى واحة الانس !?    الجدة وحفيدتها.. انتشال جثتين من أسفل أنقاض انهيار منزل بنجع حمادي    صوتك هو سلاحك.. نداء من نواب جولة الإعادة: لا مكان لشراء الأصوات    رئيس الوزراء ونظيره الجزائرى يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    دوري أبطال إفريقيا.. قائمة بيراميدز في رحلة زامبيا لمواجهة باور ديناموز    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك "ميدوزا - 14"    انطلاق أعمال اجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب بالجامعة العربية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    بعثة الأهلي تتجه إلى المغرب استعدادًا لمواجهة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طلاسم الكنز
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 09 - 2017

بين شاى مخلوط بنشارة الخشب اعتاده الجميع حتى وقر فى ضميرهم أنه الأصل.. وشاى أصيل تاه مذاقه عنا حتى اعتقدناه مغشوشا.. ضرب لنا السيناريست الراحل محمود أبو زيد مثلا فى فيلم «الكيف» على لسان سليم «البهظ بيه» العبقرى جميل راتب.. مثلا اعتدنا به الفهلوة وتصالحنا به مع انعدام الاتقان وتوافقنا به حول غياب الضمير وتزاحمنا به على الطرق المختصرة.. متناسين أن البهظ بيه لم يكن سوى تاجر مخدرات.. وأن ما صرنا إليه من تخلف ليس سوى حصائد ضمائر مخلوطة بنشارة الاستسهال والاستخفاف والاستهانة. على ذلك المضمار مضت السينما فى صراع بين دورين.. دور بضاعة مغشوشة تعمد إلى الإلهاء والتغييب والتخدير.. وبضاعة أصلية تسعى للارتقاء والتنوير والتغيير.. صراع فاز فيه تاجر المخدر بالأموال والثراء.. وانتصر فيه صانع الفن بالمجد والبقاء.. وبينما الألسنة تلهج برثاء فن الزمن الجميل.. يخرج لنا من يخبرنا بالفعل لا بالقول - أن لكل زمن فنه الجميل.. ويطمئننا بأن الأمانى ممكنة فى زمن المهرجانات.. ويضع أيدينا على كنز من أصول الأصول.. أهالت عليه مشقات الحياة ركام الإهمال.. بفيلم من سينما الكبار.. فيلم «الكنز». يجيد كاتب الكنز عبد الرحيم كمال التنقيب الفنى فى آثارنا الخالدة.. لا مبالغة فى القول إنه الأفضل فى السنوات الماضية على هذا الصعيد.. الرجل الذى أعاد لصعيد مصر تقاليده المتآكلة ب«شيخ العرب همام» و«الرحايا حجر القلوب».. وأعاد الأضواء لكنوز الأقصر والنوبة المنسية ب«الخواجة عبد القادر».. أعاد اكتشاف موهبته الخاصة بفيلم بانورامى بديع يمزج بين التاريخ والموروث الشعبى والرمز والأسطورة والسياسة والفلسفة والتصوف. انطلق كمال فى «الكنز» برداء مؤرخ عارف يردنا إلى الله أصل الوجود ويفضح من تاجروا باسمه من أجل سلطة وجاه.. يعيدنا لأمجاد أجدادنا الذين لم نعد نعرف عنهم سوى سنوات الحضارة ال7 آلاف.. يفكك لنا تفاصيل المعادلة الحاكمة منذ قديم أزلنا بين الملك والرعية.. بين الملكة وكهنتها الحاكمين تحت شعار الدين.. بين الوالى وقبضته الأمنية الفاسدة الباطشة والثائر عليهما.. بين الضابط والناشط والمغنية الحسناء.. علاقات يتغير أطرافها ولا تتغير وتيرتها عبر الزمان. متسلحا بثقافة موسوعية يمضى بنا الكاتب بين عهود ثلاثة.. عهد الملكة حتشبسوت أول ملكة فرعونية تجلس على عرش مصر وعهد الدولة العثمانية بجبروتها وولاتها بغيهم والبطل الشعبى الثائر الموتور نصير المهمشين على الزيبق، وعهد ما قبل ثورة يوليو حيث المجد للملك وحاشيته ورجال أمنه والهوان لمن هم دونهم.. بحبكة مضفرة بعناية فريدة وتناغم لا نشاز فيه.. تترك فى نفوسنا فخرا بكنز من الرموز التى هجرناها سعيا وراء الغرب ولهاثا خلف أبطاله.. يذكرنا بمصر أصل حضارة البشر وحاضنة الشرق عبر التاريخ.. يؤمننا على كنزنا الذى بين أيدينا ولا نراه.. ويتركنا أمام الاختيار بين أن نحفظ أو أن نبيع.. أن نتمسك ونفتخر أو أن نستهين ونهجر. لم يكن لتلك الدراما العابرة للزمن أن تترك مثل هذا الأثر لولا مخرج عبقرى مثل شريف عرفة، قدم لنا صاحب الروائع فى أحدث روائعه قصة سينيمائية فنية ممتعة مبهرة مكتملة الأركان، فى فانتازيا استعراضية حملتنا لمجد سمعنا عنه ولم نر إلا فنه الخالد. فى فيلم واحد عشرات المشاهد الثرية بين المعابد والمساجد وشوارع القاهرة القديمة.. تابلوهان غنائيان ساخران قدمهما المفاجأة أحمد أمين وأغنيتان آسرتان بصوت نسمة محجوب وأداء الموهبة الرقيقة أمينة خليل و3 مواويل من السيرة المنشدة للمبتهل الشيخ إيهاب يونس.. إبداع شعرى خالص زاد الصورة السينمائية المبهرة إبهارا وتدفقا لأمير طعيمة.. أما الموسيقى فكانت حالة الفيلم المهيمنة بلا منازع.. ورابط مشاهده المترامية بين حلقات تاريخنا الزاخر.. موسيقى هشام نزيه ذات الوقع الأخاذ.. الغرائبية كموسيقى «السبع وصايا».. والجامحة كموسيقى «إبراهيم الأبيض».. والمتحفزة كموسيقى «تيتو».. مقاطع موسيقية تغمرنا بالتفاصيل المميزة فى اتصالها وانفصالها.. مواهب كبرى أجاد عرفة استغلال أفضل ما فيها.. تكشف عن كنزنا الحقيقى الذى لا ينضب.. تلك مصر العامرة أبدا بالحضارة.. عاصمة الفن والثقافة بلا منازع.. حاضرة العرب الأولى بلا منافس. لست أدرى لم أهدر الفنان محمد سعد كل تلك الموهبة الفياضة فى قالب واحد، ربما أراد، بحذق ابن السيدة زينب، أن يجمع الجميع على انتقاده قبل أن يقدم عرضا يوحدهم فى الثناء عليه والدهشة بقدراته.. أم أن الرجل أقلع عن التركيز على جمع الملايين وبدأ فى صناعة مجده الفنى الحقيقي.. الفرحة بعودة سعد إلى فنه فاقت جميع التساؤلات.. حمدا لله على السلامة. أن يجتمع أمام عينيك بين أطراف شاشة واحدة الأسطورة محمد رمضان والجميلة الصادقة هند صبرى والمصرية فى كل تفاصيلها روبى والمبدع المتجدد أحمد رزق وصاحبة الموهبة الجياشة أمينة خليل والعملاقان سوسن بدر وعبد العزيز مخيون والمخضرم محيى إسماعيل والرائعون الشحات مبروك وهيثم أحمد زكى وعباس أبو الحسن وأحمد أمين وهانى عادل وغيرهم من مئات النجوم خلف الكاميرات ووراء الأجهزة.. فأنت أمام فيلم ضخم بكل معنى الكلمة.. مباراة فنية كبرى فى الأداء.. وسيمفونية سينيمائية جماعية مبهجة تدعو للفخر.. أما العناصر الفنية واكتمالها فلها نقادها المتخصصون.. وأما الرسالة فستبقى وتمتد للجزء المقبل بمزيد من الجدل والنجاح والمتابعة.. وأما الكنز الحقيقى فستجده بداخلك قبل أن تغادر قاعة السينما.. ولن يغادرك لفترة طويلة مقبلة.
لمزيد من مقالات أحمد هوارى

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.