تبدأ بسعر 1،015،000 جنيه...أسعار السيارات اليابانية في مصر 2025    عاجل| الاحتلال يقتحم بلدة عرابة غرب جنين بالضفة الغربية    محمد فاروق: كوناتي يوافق على تخفيض راتبه للانتقال للأهلي    عاجل.. أحمد دياب يكشف موعد انطلاق الموسم الجديد للدوري المصري    موعد تطبيقه..ملامح نظام الثانوية العامة الجديد    آسر ياسين يروج ل فيلم "ولاد رزق 3 - القاضية"    شاهد.. ياسمين صبري تخطف الأنظار بالأسود في أحدث ظهور لها    محمود فوزي: الحوار الوطني ساهم في الإعفاءات عن المحبوسين.. والجهات المعنية لا تتأخر    التعادل السلبى يحسم الشوط الأول بين منتخب فرنسا ضد كندا وديا    داليا عبدالرحيم: مصر صاحبة أهم تجربة في مواجهة الإرهاب.. خبير: الوصول إلى الذئاب المنفردة يكاد يكون مستحيلاً.. والخلايا النائمة سلاح رخيص الثمن يُستخدم لإنهاك المجتمعات    الأول على الإعدادية الأزهرية بالإسماعيلية: مثلي الأعلى عمي وأتمنى أن أصبح طبيبا للقلب (فيديو)    الأونروا: وصلنا إلى طريق مسدود بسبب إغلاق إسرائيل المعابر أمام المساعدات    دعاء وفضل العشر الأوائل من ذي الحجة    دعاء العشر من ذي الحجة مستجاب.. «اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لي دِينِي الذي هو عِصْمَةُ أَمْرِي»    الكشف على 1346 مواطنا بقافلة طبية مجانية بقراقص في دمنهور    في ذكراها العاشرة.. الأمن العراقي ينجح في اصطياد متورطين جدد بمذبحة سبايكر    بالخطوات.. طرق دفع فاتورة كهرباء شهر يونيو 2024 (رابط مباشر)    مدير عام الجوازات السعودية: نحو ربع مليون حاج استفادوا من مبادرة "طريق مكة"    وزير المالية الإسرائيلي: انسحاب جانتس من الحكومة خطوة غير مسؤولة    مصطفى عسل: الفوز أمام علي فرج لا يصدق.. وسعيد بالتتويج ببطولة بريطانيا المفتوحة «فيديو»    26 ميدالية رصيد منتخب مصر للسلاح ببطولة أفريقيا بالمغرب    الإفتاء توضح أعمال الحجّ: اليوم التاسع من ذي الحجة "الوقوف بعرفة"    الطالبات يتصدرن.. «أزهر المنيا» تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية 2024    زيادة أكثر من 200 جنيه، ارتفاع سعر دواء شهير لعلاج مرضى الصرع    البابا تواضرس الثاني يؤدي صلاة عشية بكنيسة أبو سيفين بدير العزب    كم عدد أيام التشريق وحكم صيامها؟.. تبدأ من مبيت الحجاج بمنى    لمواليد «الأسد».. توقعات الأبراج في الأسبوع الثاني من يونيو 2024    ليلى عبد اللطيف تتوقع انفصال هذا الثنائي من الفنانين    الأونروا: وصلنا لطريق مسدود في غزة.. والوضع غير مسبوق    أحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة وموعد الإعلان الرسمي    علاء الزهيري رئيسا للجنة التدقيق الداخلي للاتحاد العام العربي للتأمين    «مكافحة المنشطات» تنفى الضغط على رمضان    تقارير: مانشستر سيتي يستعد لتعديل عقد نجم الفريق عقب اليورو    يورو 2024| سلوفينيا تعود بعد غياب 24 عاما.. انفوجراف    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية بمنطقة أسيوط الأزهرية بعد اعتمادها رسميًا    قرار قضائي بشأن المتهمين بواقعة "خلية التجمع"    4 محاور.. «الصحة» تعلن تفاصيل خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد الأضحى    منها مباشرة الزوجة وتسريح الشعر.. 10 محظورات في الحج يوضحها علي جمعة    وزيرة البيئة: زيارة الأطفال والشباب للمحميات الطبيعية مهمة    هيثم رجائي: الملتقى الدولي لرواد صناعة الدواجن سيكون بمشاركة عربية ودولية    بشرى سارة بشأن توافر نواقص الأدوية بعد عيد الأضحى.. فيديو    وكيل «رياضة القليوبية» ورئيس شركة المياه يبحثان سبل التعاون المشترك    «اقتصادية الشيوخ»: الرقابة المسبقة سيؤثر إيجابيا على الاستثمار في مصر    مياه القناة: استمرار أعمال التطهير لشبكات الصرف الصحى بالإسماعيلية    جامعة سوهاج: 1000 طالب وطالبة يؤدون امتحانات نهاية العام بالجامعة الأهلية للتعلم الإلكتروني    مدحت صالح يستعد لإحياء حفل غنائي 29 يونيو بالأوبرا    المرور: ضبط 28776 مخالفة خلال 24 ساعة    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها والأكاديمية العسكرية للدراسات العليا    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق    ضبط مالك مطبعة متهم بطباعة المطبوعات التجارية دون تفويض من أصحابها بالقليوبية    فى انتظار القصاص.. إحاله قضية سفاح التجمع الخامس إلى جنايات القطامية    اعتدال بسيط في درجات الحرارة بمحافظة بورسعيد ونشاط للرياح.. فيديو وصور    ريان عربي جديد.. إنقاذ طفل سوري وقع داخل بئر بإدلب    بسمة داود تنشر صورا من كواليس "الوصفة السحرية"    مدرسة غبور للسيارات 2024.. اعرف مجموع القبول والتخصصات المتاحة    وزير الزراعة يوجه بتكثيف حملات التفتيش على منافذ بيع اللحوم والدواجن والاسماك والمجازر استعدادا لاستقبال عيد الأضحى    يحدد العوامل المسببة للأمراض، كل ما تريد معرفته عن علم الجينوم المصري    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طلاسم الكنز
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 09 - 2017

بين شاى مخلوط بنشارة الخشب اعتاده الجميع حتى وقر فى ضميرهم أنه الأصل.. وشاى أصيل تاه مذاقه عنا حتى اعتقدناه مغشوشا.. ضرب لنا السيناريست الراحل محمود أبو زيد مثلا فى فيلم «الكيف» على لسان سليم «البهظ بيه» العبقرى جميل راتب.. مثلا اعتدنا به الفهلوة وتصالحنا به مع انعدام الاتقان وتوافقنا به حول غياب الضمير وتزاحمنا به على الطرق المختصرة.. متناسين أن البهظ بيه لم يكن سوى تاجر مخدرات.. وأن ما صرنا إليه من تخلف ليس سوى حصائد ضمائر مخلوطة بنشارة الاستسهال والاستخفاف والاستهانة. على ذلك المضمار مضت السينما فى صراع بين دورين.. دور بضاعة مغشوشة تعمد إلى الإلهاء والتغييب والتخدير.. وبضاعة أصلية تسعى للارتقاء والتنوير والتغيير.. صراع فاز فيه تاجر المخدر بالأموال والثراء.. وانتصر فيه صانع الفن بالمجد والبقاء.. وبينما الألسنة تلهج برثاء فن الزمن الجميل.. يخرج لنا من يخبرنا بالفعل لا بالقول - أن لكل زمن فنه الجميل.. ويطمئننا بأن الأمانى ممكنة فى زمن المهرجانات.. ويضع أيدينا على كنز من أصول الأصول.. أهالت عليه مشقات الحياة ركام الإهمال.. بفيلم من سينما الكبار.. فيلم «الكنز». يجيد كاتب الكنز عبد الرحيم كمال التنقيب الفنى فى آثارنا الخالدة.. لا مبالغة فى القول إنه الأفضل فى السنوات الماضية على هذا الصعيد.. الرجل الذى أعاد لصعيد مصر تقاليده المتآكلة ب«شيخ العرب همام» و«الرحايا حجر القلوب».. وأعاد الأضواء لكنوز الأقصر والنوبة المنسية ب«الخواجة عبد القادر».. أعاد اكتشاف موهبته الخاصة بفيلم بانورامى بديع يمزج بين التاريخ والموروث الشعبى والرمز والأسطورة والسياسة والفلسفة والتصوف. انطلق كمال فى «الكنز» برداء مؤرخ عارف يردنا إلى الله أصل الوجود ويفضح من تاجروا باسمه من أجل سلطة وجاه.. يعيدنا لأمجاد أجدادنا الذين لم نعد نعرف عنهم سوى سنوات الحضارة ال7 آلاف.. يفكك لنا تفاصيل المعادلة الحاكمة منذ قديم أزلنا بين الملك والرعية.. بين الملكة وكهنتها الحاكمين تحت شعار الدين.. بين الوالى وقبضته الأمنية الفاسدة الباطشة والثائر عليهما.. بين الضابط والناشط والمغنية الحسناء.. علاقات يتغير أطرافها ولا تتغير وتيرتها عبر الزمان. متسلحا بثقافة موسوعية يمضى بنا الكاتب بين عهود ثلاثة.. عهد الملكة حتشبسوت أول ملكة فرعونية تجلس على عرش مصر وعهد الدولة العثمانية بجبروتها وولاتها بغيهم والبطل الشعبى الثائر الموتور نصير المهمشين على الزيبق، وعهد ما قبل ثورة يوليو حيث المجد للملك وحاشيته ورجال أمنه والهوان لمن هم دونهم.. بحبكة مضفرة بعناية فريدة وتناغم لا نشاز فيه.. تترك فى نفوسنا فخرا بكنز من الرموز التى هجرناها سعيا وراء الغرب ولهاثا خلف أبطاله.. يذكرنا بمصر أصل حضارة البشر وحاضنة الشرق عبر التاريخ.. يؤمننا على كنزنا الذى بين أيدينا ولا نراه.. ويتركنا أمام الاختيار بين أن نحفظ أو أن نبيع.. أن نتمسك ونفتخر أو أن نستهين ونهجر. لم يكن لتلك الدراما العابرة للزمن أن تترك مثل هذا الأثر لولا مخرج عبقرى مثل شريف عرفة، قدم لنا صاحب الروائع فى أحدث روائعه قصة سينيمائية فنية ممتعة مبهرة مكتملة الأركان، فى فانتازيا استعراضية حملتنا لمجد سمعنا عنه ولم نر إلا فنه الخالد. فى فيلم واحد عشرات المشاهد الثرية بين المعابد والمساجد وشوارع القاهرة القديمة.. تابلوهان غنائيان ساخران قدمهما المفاجأة أحمد أمين وأغنيتان آسرتان بصوت نسمة محجوب وأداء الموهبة الرقيقة أمينة خليل و3 مواويل من السيرة المنشدة للمبتهل الشيخ إيهاب يونس.. إبداع شعرى خالص زاد الصورة السينمائية المبهرة إبهارا وتدفقا لأمير طعيمة.. أما الموسيقى فكانت حالة الفيلم المهيمنة بلا منازع.. ورابط مشاهده المترامية بين حلقات تاريخنا الزاخر.. موسيقى هشام نزيه ذات الوقع الأخاذ.. الغرائبية كموسيقى «السبع وصايا».. والجامحة كموسيقى «إبراهيم الأبيض».. والمتحفزة كموسيقى «تيتو».. مقاطع موسيقية تغمرنا بالتفاصيل المميزة فى اتصالها وانفصالها.. مواهب كبرى أجاد عرفة استغلال أفضل ما فيها.. تكشف عن كنزنا الحقيقى الذى لا ينضب.. تلك مصر العامرة أبدا بالحضارة.. عاصمة الفن والثقافة بلا منازع.. حاضرة العرب الأولى بلا منافس. لست أدرى لم أهدر الفنان محمد سعد كل تلك الموهبة الفياضة فى قالب واحد، ربما أراد، بحذق ابن السيدة زينب، أن يجمع الجميع على انتقاده قبل أن يقدم عرضا يوحدهم فى الثناء عليه والدهشة بقدراته.. أم أن الرجل أقلع عن التركيز على جمع الملايين وبدأ فى صناعة مجده الفنى الحقيقي.. الفرحة بعودة سعد إلى فنه فاقت جميع التساؤلات.. حمدا لله على السلامة. أن يجتمع أمام عينيك بين أطراف شاشة واحدة الأسطورة محمد رمضان والجميلة الصادقة هند صبرى والمصرية فى كل تفاصيلها روبى والمبدع المتجدد أحمد رزق وصاحبة الموهبة الجياشة أمينة خليل والعملاقان سوسن بدر وعبد العزيز مخيون والمخضرم محيى إسماعيل والرائعون الشحات مبروك وهيثم أحمد زكى وعباس أبو الحسن وأحمد أمين وهانى عادل وغيرهم من مئات النجوم خلف الكاميرات ووراء الأجهزة.. فأنت أمام فيلم ضخم بكل معنى الكلمة.. مباراة فنية كبرى فى الأداء.. وسيمفونية سينيمائية جماعية مبهجة تدعو للفخر.. أما العناصر الفنية واكتمالها فلها نقادها المتخصصون.. وأما الرسالة فستبقى وتمتد للجزء المقبل بمزيد من الجدل والنجاح والمتابعة.. وأما الكنز الحقيقى فستجده بداخلك قبل أن تغادر قاعة السينما.. ولن يغادرك لفترة طويلة مقبلة.
لمزيد من مقالات أحمد هوارى

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.