أسعار العملات اليوم الجمعة 19-4-2024 مقابل الجنيه.. مستقرة    وزير الإسكان: تنفيذ أكثر من 900 حملة ضمن الضبطية القضائية بالمدن الجديدة    إنطلاق موسم حصاد القمح في الشرقية وسط فرحة المزارعين    عضو ب«الشيوخ»: النظام الدولي فقد مصداقيته بعدم منح فلسطين عضوية الأمم المتحدة    مصر تعرب عن قلقها تجاه التصعيد الإيراني الإسرائيلي: نتواصل مع كل الأطراف    مراسلة «القاهرة الإخبارية» بالقدس: الضربة الإسرائيلية لإيران حملت رسائل سياسية    رقم سلبي يطارد كلوب بعد خروج ليفربول من الدوري الأوروبي    باير ليفركوزن ينفرد برقم أوروبي تاريخي    ارتفاع درجات الحرارة الأسبوع المقبل.. التقلبات الجوية مستمرة    أمين المجلس الأعلى للجامعات التكنولوجية: تعميم الساعات المعتمدة بجميع البرامج التعليمية    فتاة تتخلص من حياتها لمرورها بأزمة نفسية في أوسيم    هشام ماجد ينافس على المركز الثاني بفيلم فاصل من اللحظات اللذيذة    جدول مباريات اليوم.. ظهور مرموش.. افتتاح دوري "BAL" السلة.. ولقاء في الدوري المصري    «التوعوية بأهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي لذوي الهمم».. أبرز توصيات مؤتمر "تربية قناة السويس"    «النواب» يبدأ أولى جلساته العامة بالعاصمة الإدارية الأحد بمناقشة «التأمين الموحد»    الدولة ستفي بوعدها.. متحدث الحكومة يكشف موعد الانتهاء من تخفيف أحمال الكهرباء    وزير المالية يعرض بيان الموازنة العامة الجديدة لعام 2024 /2025 أمام «النواب» الإثنين المقبل    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 19 أبريل 2024.. «الدلو» يشعر بصحة جيدة وخسائر مادية تنتظر «السرطان»    9 مليارات دولار صادرات مستهدفة لصناعة التعهيد فى مصر حتى عام 2026    بسبب ال«VAR»| الأهلي يخاطب «كاف» قبل مواجهة مازيمبي    ارتفاع أسعار الأسماك اليوم الجمعة في كفر الشيخ.. البلطي ب 95 جنيهًا    طائرات الاحتلال تشن غارتين على شمال قطاع غزة    أمريكا تعرب مجددا عن قلقها إزاء هجوم إسرائيلي محتمل على رفح    مطارات دبى تطالب المسافرين بعدم الحضور إلا حال تأكيد رحلاتهم    الدولار على موعد مع التراجع    «العشرية الإصلاحية» وثوابت الدولة المصرية    موضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد الأوقاف.. تعرف عليه    أخبار الأهلي : موقف مفاجئ من كولر مع موديست قبل مباراة الأهلي ومازيمبي    أحمد شوبير يوجه رسالة غامضة عبر فيسبوك.. ما هي    طلب عاجل من ريال مدريد لرابطة الليجا    أحمد كريمة: مفيش حاجة اسمها دار إسلام وكفر.. البشرية جمعاء تأمن بأمن الله    مخرج «العتاولة»: الجزء الثاني من المسلسل سيكون أقوى بكتير    شريحة منع الحمل: الوسيلة الفعالة للتنظيم الأسري وصحة المرأة    فاروق جويدة يحذر من «فوضى الفتاوى» وينتقد توزيع الجنة والنار: ليست اختصاص البشر    سوزان نجم الدين تتصدر تريند إكس بعد ظهورها مع «مساء dmc»    هدي الإتربي: أحمد السقا وشه حلو على كل اللى بيشتغل معاه    مسؤول أمريكي: إسرائيل شنت ضربات جوية داخل إيران | فيديو    منهم شم النسيم وعيد العمال.. 13 يوم إجازة مدفوعة الأجر في مايو 2024 للموظفين (تفاصيل)    انهيار منزل من طابقين بالطوب اللبن بقنا    تعديل ترتيب الأب.. محامية بالنقض تكشف مقترحات تعديلات قانون الرؤية الجديد    محمود عاشور يفتح النار على رئيس لجنة الحكام.. ويكشف كواليس إيقافه    والد شاب يعاني من ضمور عضلات يناشد وزير الصحة علاج نجله (فيديو)    الجامعة العربية توصي مجلس الأمن بالاعتراف بمجلس الأمن وضمها لعضوية المنظمة الدولية    الإفتاء تحسم الجدل بشأن الاحتفال ب شم النسيم    وزير الخارجية الأسبق يكشف عن نقاط مهمة لحل القضية الفلسطينية    أحمد الطاهري يروي كواليس لقاءه مع عبد الله كمال في مؤسسة روز اليوسف    سكرتير المنيا يشارك في مراسم تجليس الأنبا توماس أسقفا لدير البهنسا ببني مزار    بسبب معاكسة شقيقته.. المشدد 10 سنوات لمتهم شرع في قتل آخر بالمرج    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء للمريض في ساعة استجابة يوم الجمعة.. من أفضل الأوقات    جريمة ثاني أيام العيد.. حكاية مقتل بائع كبدة بسبب 10 جنيهات في السلام    إصابة 4 أشخاص فى انقلاب سيارة على الطريق الإقليمى بالمنوفية    طريقة عمل الدجاج سويت اند ساور    نبيل فهمي يكشف كيف تتعامل مصر مع دول الجوار    شعبة الخضر والفاكهة: إتاحة المنتجات بالأسواق ساهمت في تخفيض الأسعار    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    أخبار 24 ساعة.. مساعد وزير التموين: الفترة القادمة ستشهد استقرارا فى الأسعار    فحص 1332 مواطنا في قافلة طبية بقرية أبو سعادة الكبرى بدمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فريدة فهمى تشرق بعد طول غياب.. الفنانة الكبيرة فى حوار ل«الأهرام العربى»: والدى علمنى كيف أكون فنانة محترمة
نشر في الأهرام العربي يوم 26 - 12 - 2015


أستمتع بتنسيق الزهور وتربية الكلاب

- «على رضا » كان مثال الزوج والرجولة والعزة والكرامة سبب تطورى كراقصة دارسة

- اعتزال الرقص أصعب قرار فى حياتى

- «محمود رضا » سبب شهرتى.. ومحظوظة لأنى نشأت فى بيئة فنية متكاملة

- الفنون الحالية عشوائية.. ولدى أمل بعودة الفن الجميل

- «غرام فى الكرنك » تجسيد لعشق آثار مصر

- الرقص عشقى الأول والأخير.. والعمل بالسينما لم يستهونى

منذ عام تقريبا أحاول تحديد موعد للقائها، ما بين تأجيل لسفرها أو ظروف طارئة خارجة عن إرادتها أو إرادتي. وأخيرًا حددت لى ملكة الرقص الشعبى الراقى "فريدة فهمي" الموعد المرتقب للتحدث ل"لأهرام العربي" حول مشوارها الفنى وذكرياتها.

استقبلتنى بترحاب ومودة كعادتها، وجلست فى المكان المفضل لها فى استقبال ضيوفها فى "الريسبشن" بجوار الشباك على واجهة العمارة، والابتسامة لا تفارق وجهها الذى خطته "رتوش" من الشجن، ربما لتقدم العمر أو الظروف المتعاقبة التى مرت بها مصر، ومع كل هذا لم تغب روحها الجميلة التى عهدتها بها منذ أول لقاء بيننا مر عليه أكثر من 15 عاما، طرأت عليها تغيرات الزمن، وخفتت روح المرح والحيوية والحماسة عليها، وطوال اللقاء تصاحبها مسحة شجن تجلت فى إحساسها بالوحدة بعد غياب كثير من الأحباب، والأسى على مرض رفيق دربها وزوج شقيقتها "محمود رضا" شافاه الله.


وبرغم ابتعادها عن العمل بالفن والأضواء، فإنها محتفظة برشاقتها وبساطتها، وذوقها الجم. متمسكة بالحفاظ على صورتها، رفضت التصوير، لكنها اختصتنا ببعض الصور المحببة إليها من ألبوم ذكرياتها، حتى تظل صورتها التى يعرفها عنها جمهورها على مدى تاريخها الذى يسجل قصة كفاح أعرق فرقة فنية عرفها العالم العربى، "فرقة رضا" التى من خلالها استطاع الفن الشعبى أن يخرج من الشكل النظرى إلى واقع خشبة المسرح، فلا يُذكر اسم "فريدة فهمى" إلا مقترنًا بفرقة "رضا" والعكس، فقد كانت بدايتها الفنية مع تأسيس تلك الفرقة عام 1959 على يد كل من زوجها المخرج "على رضا" وشقيقه الفنان الاستعراضى "محمود رضا"، حيث خطا ثلاثتهم مشوارهم معا، حتى رسخت قواعد فن جديد على مصر فى تلك الحقبة من الزمن الجميل، والتى تحول معها فن الرقص إلى عمل فنى راقِ، وكشفت استعراضاتهم عن كنوز التراث العربى، وما يحمله من رؤى إبداعية جسدتها رقصاتهم البديعة.


وعندما تتحدث "فريدة فهمي" عن ذكرياتها تستشف مدى وفائها لعائلتها، وهى تروى بطلاقة ذكريات مشوارها و"فرقة رضا"، وتنبض كلماتها بفرحة وحبِ شديدين لتلك الفترة التى تعتز بها، حيث عملت بها طوال ربع قرن من الزمان، فها هى صورة والدتها الإنجليزية التى عشقت حضارة مصر وارتوت من ماء نيلها، وأحبت أرضها ومواطنيها من خلال زوجها وابنتيهما – نديدة وفريدة - وزوجيهما محمود وعلى رضا، وتتذكر "فريدة" كل اللحظات السعيدة التى جمعت بينها وبين والدها الدكتور حسن فهمى "أبو المهندسين المصريين" كما تطلق عليه هى، وما كان يبثه بداخلها من فنون وثقافات ومعرفة وعلوم متنوعة.

"عظماء فى حياتها"

ولأنها نشأت على الوفاء فلا تنسى قَطْ أن هناك ثلاثة رجال عظماء لهم الفضل فيما حققته من نجاح ومجد فنى على مدى رحلتها فى فرقة رضا عبر 25 عاما مع الرقص الشعبي. فتقول: إن والدى الدكتور حسن فهمى أستاذ الهندسة الإنتاجية وهو من العظماء الذين تأثرت بهم وكان له الفضل فى تكوين شخصيتى وتفكيري، وشجعنى عندما وجد لدى موهبة الرقص، لدرجة أنه اشترى إحدى بدل الرقص وأنا لم أتعد العاشرة من عمري، وكان له دور كبير فى دعم فرقة رضا منذ بدايتها، وشجع أعضاءها على خوض التجربة بلا تردد، ووقف بجانبهم أمام العقبات التى صادفتهم وذللها لهم، وساندهم بكل جهد ومعرفة حتى وضعوا أسسًا سليمة لكيان الفرقة، واستطاعوا أن يُغيّروا نظرة المجتمع لفن الرقص والمنتمين إليه، وتروى "فريدة" كيف شجعها والدها على استكمال دراستها الجامعية، فى الوقت الذى كانت ترقص فيه مع فرقة "رضا"، وبعد فترة من انضمامى للفرقة تزوجت من "على رضا" عام 1967، وأيضًا كنت أدرس اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة القاهرة، وكان والدى الدكتور حسن فهمى يحتضن "على و"محمود رضا" ويرعاهما ويساندهما بروح الأبوة باستمرار، فهما ليسا بالنسبة إليه زوجين لى ولشقيقتى "نديدة"، وإنما اعتبرهما ابنيه أيضًا، لما لمس فيهما من إخلاص وحب للأسرة وللعمل.
وتؤكد "فريدة" أنها تعلمت على يد والدها كيف تكون فنانة جديرة بالاحترام.


وتفخر قائلة: أعتبر نفسى محظوظة لأنى نشأت فى بيئة فنية متكاملة، فوالدى ذو التركيبة الخاصة التى تجمع بين صفات العالم، والمهندس، الفنان، والشاعر والأديب، علمنى احترام والاعتزاز بآثار بلدنا مصر، وكيف نتذوق تاريخها، ونعشقها بكل ما تحمل من حضارات فرعونية وإسلامية وقبطية، وكان يحرص على اصطحابنا مع والدتى وشقيقتى لمشاهدة آثار مصر باستمرار ويشرح لنا كل تفاصيلها العلمية والتاريخية بدقة وبساطة أيضا، وربما انتقل هذا العشق لآثار مصر إلى والدتى فأصبحت مصرية أكثر من المصريين، وأيضًا تجسد هذا العشق لآثار أجدادنا على زوجى "علي" وشقيقه "محمود رضا" فجسدا فيلم "غرام فى الكرنك".
وتتحدث "فريدة فهمي" عن الرجل الثانى فى حياتها وتأثرت به كثيرًا، بعد والدها، معتزة بهذا الرجل المبدع أنه كان زوجها المخرج الراحل على رضا وتقول عنه: إنه كان رجلاً رقيقًا حنونًا، عشت معه حياة جميلة وهادئة وسعيدة جدًا، وكنا مرتبطين ببعضنا لأقصى درجة، وتصفه بحرارة وصدق وفخر بأنه رجل بمعنى الكلمة، كان مثالا للرجولة والعزة والكرامة، يحبه كل من يعرفه ويقترب منه، يقف إلى جانب كل من يحتاج المساعدة، لذا كان أصحابه كثيرين، أثر فى حياة كل من حوله، وكان يشجع المواهب ويقف وراءها حتى تأخذ فرصتها كاملة، وكان راقصا قبل أن يكون مخرجًا، وتؤكد "فريدة" أنها عندما تزوجته أكمل دائرة اهتمامها، وشكل جانبًا مهما فى وجدانها وتاريخها الفني، وتعترف بأنه أسهم فى تطورها كراقصة دارسة.

وتقول: الرجل الثالث فى حياتى وأدين له بشهرتى الفنية هو "محمود رضا" شقيق زوجى وزوج شقيقتى "نديدة ووالد الفنانة "شيرين رضا"، فلولاه لظللت أرقص لأسرتى فقط، فأنا أعتبره أستاذى وأخى وصديق لي، وهو فنان لن يتكرر كثيرًا، فهو الذى أعاد اكتشاف تراث الفنون الشعبية، وأحياها وطورها بعد جولات عديدة وطويلة لدراسة الأغانى والموسيقى الفلكلورية والأزياء، ووضع المنهج الأكاديمى الصحيح، مما شجعني، وكذلك دفع زوجى على رحمه الله أن أعد رسالة ماجستير حول هذا المجال الإبداعى فى مجال الفنون الشعبية.

وتقول: الحمد لله أن هؤلاء العمالقة كانوا بجانبى منذ بداياتي، وأسهموا فى تشكيلى ذهنيا وفنيا وعمليا، كلٍ فى مجاله، فوالدى لم يكن أبا لى وحدي، بل كان أبا لكل المهندسين فى مصر، وكان محمود أخًا عزيزًا وليس شقيق زوجها فقط أو زوج أختها، لذا كنا أسرة واحدة لا تفترق أبدًا سواء داخل المنزل أم خارجه.
وتستطرد فريدة فهمى قائلة: لا أخفى عليك مدى سعادتى لمعايشتى هؤلاء العظماء: والدى وزوجى "على"، ثم "محمود"، بالإضافة إلى صديقنا - رحمة الله عليه - الملحن الراحل "على إسماعيل" الذى كان مشاركًا أساسيًا فى فرقة رضا بموسيقاه وألحانه التى ألفها لكل استعراضاتها، وخصص للفرقة أوركسترا موسيقيا يصاحبنا فى كل العروض أيًا كان مكانها.

وتعتبر فريدة فهمى أن اجتماع مثل هؤلاء العظماء مصادفة نادرة لن تتكرر، فمن الصعب أن تجدى أشخاص لديهم كم من الموهبة والفن والإخلاص والمعرفة بالتراث المصري، والإحساس بالقومية والعظمة، وأن تكون لديهم ثقافة واسعة، فيقرروا أن يُحْدثِوا طفرة كبيرة فى فن الرقص الشعبي.


ومثل الأشياء الجميلة التى لا تدوم جاء اليوم الذى قررت فيه فريدة التوقف عن ممارسة فن الرقص وهى فى عز مجدها، وروت لى ما كان يقوله لها والدها الدكتور حسن فهمي: "إن الإنسان شبابه لا يدوم، لكن فكره وذهنه دائمين، وسيأتى يوم لابد أن تتوقفى فيه عن الرقص"، وكنت لا أتخيل أن يحدث ذلك أبدًا، وكان قرارًا صعبًا للغاية، شديد الألم على نفسي، ولكنى تخطت الموقف بعد أن كنت قد تعودت حياة المسرح لفترة طويلة، وركزت كل اهتمامى وتفكيرى له تمامًا.
وتصف فريدة فهمى فترة عملها بفرقة رضا قائلة: كانت أجمل وأهم حاجة فى حياتي، اكتفيت فيها بعشقى للرقص فى الفرقة، كما أن الوقت الذى عملت به الفرقة كان جيدًا، يتميز بصحوة فنية على صعيد شتى أنواعها. ولا تزال تتذكر بأسى كل الأعمال التى قدمتها الفرقة طوال 25 عامًا، وصورها التليفزيون المصري، وتقول: للأسف ضاعت تلك التسجيلات، ففقدنا تراثًا فنيًا عظيمًا.

"وطنية خديجة"

وتقول "فريدة فهمي" إن والدتها الإنجليزية الأصل، المصرية الهوى والقلب والإقامة، التى أسلمت وحملت اسم "خديجة" بعد الزواج من الدكتور حسن فهمي، كان لها دور مهم فى حياتي، والتى كانت تعشق مصر أكثر من أهلها، وكان لها دور كبير فى فرقة رضا، إذ كانت مسئولة عن تنفيذ كل ملابس الفرقة بدءًا من اختيار أنواع الأقمشة وألوانها، وما يناسب كل عرض.

وربما أخذت فريدة عنها تلك الهواية وقامت بعد وفاة والدتها بتصميم ملابس الفرقة عقب دراستها لهذا الفن بألمانيا، ولا تزال بين الحين والآخر تسافر إلى هناك لتصميم بعض الملابس بحكم الخبرة الطويلة التى اكتسبتها على مر السنين.

وتتذكر فريدة شقيقتها نديدة التى توفيت مبكرًا، وتقول عنها بأسى: كانت ملهمة لنا جميعًا، كأسرة وكفرقة.
وما إن جاء ذكر حال فرقة رضا فانتفضت بحزن وأسى قائلة:"المفروض إغلاقها، لأنها أصبحت تثير الشفقة والخجل، بعد أن تدهورت بشكل خطير"، وتصف المسئولين عنها بأنهم ليس لديهم إدراك أو معرفة بتاريخ الفرقة، ولا يمتلكون ثقافة ولا حتى يحاولوا أن يسألوا أو يفهموا أصول الفن الاستعراضى الجيد، وتتألم فريدة فهمي، مما وصلت إليه حال "فرقة رضا" من تدهور فنى وإداري، واصفة ما تعانيه، قائلة: إن حال الفرقة تخطت مرحلة ما بعد "الغيبوبة"، ولا أمل من عودتها إلى الحياة مرة أخرى.

وبعد تمرسها فى مجالها الفني، سافرت إلى أمريكا عام 1983 والتحقت بجامعة "كاليفورنيا" بولاية لوس أنجلوس، وحصلت على درجة الماجستير فى "أنثروبولوجيا الشعوب" قسم فلكلور الشعوب الإنسانية، بعد ثلاث سنوات، وكانت الدراسة العملية أكثر من النظرية، أعقبها عامان دراسة تمهيدية للدكتوراة، وهنا تقول "فريدة" كنت أنوى تحضير رسالة الدكتواره فى التاريخ، لأن القسم الذى حصلت منه على درجة الماجستير لا توجد به دراسة أعلى، والحصول على الدكتوراه، لكن للأسف لم تتحقق رغبتى لظروف مادية، فقد كنت أدرس على نفقتى الخاصة، فقررت العودة إلى مصر.
وكان من الممكن أن أقوم بالتدريس فى أكاديمية الفنون أو فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، لكنى لم أرغب ذلك، لأن شخصيتى تميل إلى إشباع الهواية، وأنأى بنفسى عن العمل بالفن من أجل الكسب المادي.

وعندما سألتها عن رأيها فى حال الموسيقى والغناء بالوقت الحالي، فاندفعت قائلة: "فاقع" يتسم بالعشوائية والفوضى، وفاقد الشيء لا يعطيه، حتى التمثيل أصبح فاقعًا وأيضًا الكوميديا. وتساءلت لماذا لا يقتدون بعبقرى الكوميديا "نجيب الريحاني".

وحول متابعاتها للأعمال السينمائية والتليفزيونية الأخيرة أبدت إعجابها ببعض الأعمال التى عُرِضت فى شهر رمضان الماضي، دون تحديد لعمل بذاته، فقالت: إن هناك بعض الممثلين والمخرجين الشباب يؤدون عملهم برقى ومتعة، وألمس فيهم الأمل لعودة الفن الجميل مرة أخرى، لأن العمل الجيد بالتأكيد سيطرد الرديء، ومع مرور الزمن سيختفى كل ما هو سيئ، ولديَّ أمل أن يعود الفن لإتزانه وجماله من جديد.

"السينما"

وعن مشاركتها بالتمثيل فى بعض الأفلام السينمائية، فتقول فريدة فهمى لم يستهونى الاستمرار فى العمل بالسينما، وأن تجربتى فى السينما لم تكن كبيرة، فقد اقترح عليَّ زوجى "على رضا" - رحمه الله - كمخرج سينمائى فى أولى سنوات خطوبتنا خوض العمل بالسينما، وكان أول عمل سينمائى اشتراكى برقصة قصيرة فى فيلم "جميلة بو حريد"، ثم جاء الفيلمان الآخران:"إجازة نصف السنة" و"غرام فى الكرنك"، اللذان كانا نقطة تحول فى مفهوم الفيلم الاستعراضى فى مصر، فضلاً عن أنهما يعدان بمثابة وثيقة تسجيلية لرقصات فرقة رضا، أسهمت فى تعريف أجيال عديدة بفنونها الاستعراضية، فى الوقت الذى كانت عروضها تقدم فى فترة الستينيات، وكان نادرًا ما يصورها التليفزيون المصري، الذى كان أبيض وأسود، وغالبًا ما تكون تلك الأفلام رديئة وربما ضاعت كلها.
وعن سبب عدم استمرارها فى فن التمثيل السينمائى تقول بكبريائها وحيائها المعهود:"لم يأت أحد ليطلب منِّى الاستمرار فى العمل بالتمثيل، ولأنى لم ولن أفرض نفسى على أحد فلم تتكرر التجربة". ولأن عشقى الأول والأخير هو الرقص الشعبي، فلم يشغلنى العائد المادى على قدر إشباع رغبتى وهوايتى الفنية التى لم أمارسها بحق إلا من خلال فرقة رضا.

"هوايات"

أما الهواية التى تحرص عليها حتى الآن هى "القراءة" وتقول: لقد بذر والدى بداخلى –رحمة الله عليه - حب القراءة، وخاصة أننى أصبحت فى حالة شبه اعتكاف ولا أعمل شيئًا (بعد الاعتزال) سواها، فهى تأنس وحدتي، وأيضًا تربية الكلاب ورعايتهم، وأحرص على شراء احتياجاتى الشخصية بنفسى دون الاعتماد على أحد، وأسعد جدًا بابتكار كل شيء، ولا سيما الأكلات، وأشغل نفسى أيضًا بالإشراف على البيت وتنسيقه ورى النباتات والزهور فى تراس شقتي، وبرغم عدم إنجابى أبناء فإن هذا لا يمثل لى مشكلة بالنسبة على الإطلاق، لأنى أؤمن بأن هناك حكمة إلهية لا يعلمها إلا الله، وأن المرء لا يدرك كل ما يتمناه. ومع ذلك أمارس أمومتى مع أولاد أقاربى وأصدقائي، وربما عوضنى عن افتقاد الإنجاب هذا الحب الكبير، الذى أجده من الجماهير فى كل مكان أينما ذهبت، كما أجد متعتى الكبرى فى مداعبة كلبى الصغير الحجم والعجوز الذى يتمسح بى كالطفل الذى يشعر بحنان وحب صاحبه، فيداعبنى ويرتمى بين يديَّ".

"جوائز"

حصلت على العديد من الجوائز لعل أهمها لديها هو "وسام الفنون" الذى تسلمته من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر عام 1965 بعد سنوات قليلة من عملها بفرقة رضا، كما تحمل ميدليات ذهبية كثيرة من عدة دول عالمية، وتؤكد "فريدة فهمي" أن الوسام الحقيقى الذى حصلت عليه بالفعل لمسته من خلال حب الجماهير لى ولفني، وأعتبر نفسى إنسانة محظوظة لأنى استطعت من خلال أعمالى وتاريخى الفني، أن أقدم للناس الفن الرفيع الصادق الذى يتشوق لرؤيته، وأشعر بسعادة غامرة، لأنى تركت الرقص الشعبي، وهو مقترن بتراث هائل من الرقصات الشعبية التى قدمتها على مدى 25 عامًا دون إسفاف أو ابتذال.
وكعادتى الاتصال بها من حين لآخر فجاء اتصالى الأول بعد لقائنا فى اليوم التالى لافتتاح قناة السويس الجديدة، فأحسست بأن صوتها "يرقص" فرحًا وقالت لي:"شوفتى أمس كان يومًا جميلاً استمتعنا كثيرًا، وإن شاء الله ستكون فاتحة خير لمصر ولشعبها".
وبعد انتهاء المكالمة بيننا شعرت بعودة البهجة والفرح والسعادة والأمل إلى روحها الجميلة المحبة لوطنها وللخير والإنسانية، فالحمد لله عادت فرحة فريدة فهمى تشرق من جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.