ثورة يناير نقلت شعب بورسعيد من اليأس إلي الأمل. وما إن بدأ الأمل في تحسن الأوضاع يراود البورسعيدين, حتي سادت حالة الرعب, الفزع بعد حادثة السطو المسلح غير المسبوقة- والتي شهدها حي الزهراء قبل أيام قليلة! وقبل الثورة ومن بعدها, عاش تجار بورسعيد وشعبها- الذي يعتمد علي التجارة كمصدر رئيسي للرزق- أياما عصيبة, حين خيم الركود علي الأسواق بعد تخفيض الحصص الاستيرادية, وقد استبشر البورسعيديون خيرا بالقرار الجمهوري, الذي أصدره الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية بشأن المنطقة الحرة ببورسعيد, بزيادة حصة استيرادية إضافية معفاة من الضرائب الجمركية تقدر بمبلغ10 ملايين جنيه, ليصل إجمالي القيمة المعفاة إلي30 مليون جنيه. ويتزامن قرار رئيس الجمهورية مع حالة من الرعب التي اجتاحت المجتمع البورسعيدي بعد حادث السطو المسلح علي محلين من محال الموبايلات الشهيرة بحي الزهور ببورسعيد, والذي قام به تشكيل عصابي يضم6 أفراد مسلحين ببنادق آلية, تم القبض علي3 منهم حتي وقت كتابة هذه السطور- وهو الحادث الذي يعد, حسب قول اللواء سامح رضوان مدير أمن بورسعيد, الأول من نوعه في المدينة الباسلة, ليضيف إلي هموم التجار الذين اكتووا بنار الركود والتهميش لسنوات طويلة, هما جديدا بسبب الانفلات الأمني, و البلطجة, والسطو المسلح! محاور متعددة للتنمية وبالرغم من حادث السطو المسلح الذي شهدته المدينة أخيرا, والذي يعد حادثا فرديا وغير مسبوق, فإن المدينة الباسلة كما يقول اللواء أحمد عبد الله محافظ بورسعيد- سوف تعود إلي حالتها الطبيعية, وسيؤدي القانون المقترح إلي انتعاش الحركة التجارية, وتحسين دخول المواطنين, وإيجاد فرص عمل جديدة, مشيرا إلي أن خطة تنمية المحافظة لا تقتصر علي الحركة التجارية فقط, وإنما تنطلق من خطط واعدة لتطوير النشاط الصناعي والسياحي, والاستفادة من الإمكانات الاستثمارية الهائلة, والخدمات المتطورة في منطقة شرق التفريعة لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية, إلي جانب منطقة بورسعيد الصناعية والتي حققت إنجازات كبيرة في مجال صناعة الملابس الجاهزة, والصناعات الغذائية والكيماوية, والمعدنية, والهندسية, والورقية, والجلدية, والخشبية, ومواد البناء, إلي جانب الصناعات الدقيقة, حيث يقدر عدد المشروعات فيها بنحو168 مشروعا, منها48 مشروعا منتجا, و26 مشروعا تحت التأسيس, ويجري حاليا بناء94 مشروعا, بينما يقدر عدد العاملين بنحو19057, منهم18976 عاملا مصريا, و81 عاملا أجنبيا, وتقدر قيمة الاستثمارات بنحو2040198 ألف جنيه, بالإضافة إلي وجود400 طلب لتخصيص أراض علي قائمة الانتظار. انكماش اقتصادي يعود عاطف العطوي, رئيس الجهاز التنفيذي للمنطقة الحرة ببورسعيد بذاكرته إلي الوراء حينما تم تحويل بورسعيد إلي منطقة تجارية حرة بموجب القانون رقم12 لسنة1977, ومن ثم بدأت السلع المعفاة من الجمارك تتدفق إلي المنطقة الحرة, مما أتاح العديد من فرص العمل, وأسهم في تحسن دخول المواطنين والتجار, فضلا عن انتعاش الحركة التجارية بالمحافظة, وظلت الأوضاع هكذا حتي عام2002 عندما انخفضت الحصص الاستيرادية إلي160 مليون جنيه, وظل التراجع حتي بلغت تلك الحصص45 مليون جنيه خلال العام الماضي, ومن ثم تراجعت الحركة الاستيرادية والتجارية, وانكمشت المدينة اقتصاديا, لكن بورسعيد سوف تعود إلي سابق عهدها, وسوف تنتعش الحركة التجارية بموجب مشروع القانون الجديد, مشيرا إلي الجهود الكبيرة التي يتم بذلها لاستثمار الطاقات المتاحة لبورسعيد كميناء عالمي, إلي جانب النهوض بالنشاط الصناعي والسياحي لخدمة أبناء المحافظة, التي تتمتع بموقع فريد يجعلها مركز جذب عالميا للتجارة الترانزيت والخدمات بحكم وجود الممر المائي العالمي.. وتسهم المنطقة الحرة ببورسعيد- والكلام مازال لرئيس الجهاز التنفيذي في تنمية المجتمع والاقتصاد البورسعيدي من خلال تنفيذ العديد من المشروعات الخدمية والاقتصادية بالمحافظة من خلال الحصول علي5% من رسم الوارد, لاستخدامها في الخدامات العامة, واستثمار بعضها في المشروعات المصيفية مثل قرية الكروان, وجنة النورس, والكناري, والفيروز, وفضلا عن مشروعات الإسكان, كإسكان الفرما والمحروسة, وقرية الياقوت, وفندق الباتروس, بحيث لا يقتصر النشاط الاقتصادي للمحافظة علي الحركة التجارية فقط, ولكنها تمتد إلي النشاط الصناعي والسياحي, بحيث تسير التنمية في محاورها المختلفة. تنويع مصادر الدخل وبشكل عام, فإن محمد المصري رئيس الغرفة التجارية الصناعية ببورسعيد يؤكد أن الشعب البورسعيدي عاني طوال سنوات قرار إلغاء المنطقة الحرة, كما أصيبت الأسواق التجارية بحالة غير مسبوقة من الركود, كما انخفضت معدلات الدخل للمواطنين, وارتفعت معدلات البطالة, خاصة أن التجارة- كانت ولا تزال- هي المحور الرئيسي لأبناء المحافظة, موضحا إن إلغاء العمل بنظام المنطقة الحرة في بورسعيد تم في عام2002, وكان الهدف تغيير النشاط التجاري للمدينة خلال5 سنوات أي بحلول عام2007, ومن ثم تم تخفيض الحصة الاستيرادية للمدينة إلي45 مليون جنيه, ثم تم منح مهلة عامين لتنفيذ القرار, ثم مهلة أخري حتي عام2012, ثم حصلنا علي موافقة المجلس العسكري- بجهود من المحافظ- لزيادة الحصة الاستيرادية بنحو37 مليون جنيه, حتي صدرت موافقة اللجنة التشريعية في مجلس الشعب لتعود المحافظة إلي العمل بنظام المناطق الحرة, وهو القرار الذي جاء في الوقت المناسب, وفي المقابل يجب تنويع مصادر الدخل والتنمية لأبناء بورسعيد من خلال التوسع في إنشاء المشروعات السياحية والزراعية, فضلا عن التوسع في النشاط المينائي ببورسعيد, والاستفادة من الموقع الفريد لبورسعيد, والذي يؤهلها لأن تكون مركز ترانزيت عالميا للتجارة والخدمات, إلي جانب أهمية الاستفادة من شرق بورسعيد والتي إذا أحسن استخدامها سوف تصبح أهم من هونج كونج, وكذلك تحويل مطار الجميل إلي مطار دولي والاستفادة منه في تجارة الترانزيت. عودة المنطقة الحرة ويبدو أن القدر قد استجاب لأهالي بورسعيد وتجارتها, الذين غمرتهم السعادة فور الإعلان عن موافقة لجنة الاقتراحات والشكاوي بمجلس الشعب المنحل- علي مشروع قانون إعادة المنطقة الحرة, لتتخلص المدينة الباسلة من سنوات الحرمان, والفقر, والركود الذي فرضها عليهم النظام السابق حين أصدر القانون رقم5 لسنة2002, والذي أجهز علي المنطقة الحرة, وقلص حصصها الاستيرادية إلي45 مليونا بحسب إحصاءات العام الماضي, ومن جديد, سوف تعود بورسعيد إلي سابق عهدها كمنطقة تجارية حرة, وسوف تنتعش حركة التجارة, وسوف يتخلص البورسعيديون من شبح البطالة الذي ظل يلاحقهم لسنوات مضت, نتيجة تقليص معدلات الاستيراد, وتراجع الحركة التجارية. وبشكل عام, فإن مشروع القانون الذي قدمه النائب الدكتور رشيد عوض, بإعادة المنطقة الحرة ببورسعيد, متضمنا إلغاء العمل بالقانون رقم5 لسنة2002 وتعديلاته بالقانون رقم1 لسنة2006 والقانون رقم5 لسنة2009 والمرسوم بقانون رقم119 لسنة2011 الخاص بإلغاء العمل بقانون ونظام تحويل مدينة بورسعيد إلي منطقة حرة, وقد استندت لجنة الاقتراحات والشكاوي في موافقتها علي مشروع القانون, إلي ما طرحه النائب بشأن ضرورة إعادة الوضع في بورسعيد إلي طبيعته بعودة المنطقة الحرة, وخاصة أن قرار إلغاء المنطقة الحرة لم يكن قرارا اقتصاديا ولا استراتيجيا, إنما كان عقابا لأهل بورسعيد ردا علي حادث الهجوم الذي تعرض له الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك بالمدينة, وأعقب ذلك محاولات أخري لتجفيف منابع الدخل التجاري للمدينة, مؤكدا أن عودة المنطقة الحرة بموجب القانون هو إسهام كبير من البرلمان لرفع الظلم عن أبناء بورسعيد. وقد تضمن مشروع القانون الجديد لعودة المنطقة الحرة8 بنود أساسية تشمل إلغاء العمل بالقانون رقم5 لسنة2002 وتعديلاته بالقانون رقم1 لسنة2006 والقانون رقم5 لسنة2009 والمرسوم بقانون رقم119 لسنة2011 بشأن إلغاء العمل بقانون ونظام تحويل مدينة بورسعيد إلي منطقة حرة, و مضاعفة الحصص الاستيرادية المقررة لمدينة بورسعيد حاليا لكل السلع والبضائع خلال العام المالي2012-2013, وتحدد قيمة الزيادة السنوية بعد ذلك عن طريق مجلس الوزراء, علي أن تصل إلي ما كانت عليه يوم صدور القانون رقم5 لسنة2002 في موعد غايته630-2015, وإعفاء جميع السلع والبضائع المشار إليها في مشروع القانون من الضرائب الجمركية, وغيرها من الضرائب والرسوم, إلي جانب منح الزائر الواحد لمدينة بورسعيد إعفاء جمركيا لبضائع وسلع في حدود100 جنيه مرة واحدة سنويا, فضلا عن إنشاء منطقة حرة صناعية في شرق التفريعة تتولي المحافظة ووزارة المالية متمثلة في الجمارك تحديد حدودها الجمركية, وأن يتم تداول ما لا يقل عن20% من إنتاج المنطقة الحرة داخل مدينة بورسعيد, وتصدير الباقي للخارج بنظام المناطق الحرة, علي ألا تقل نسبة المنتج المحلي المصنع في هذه البضائع في مصر عن40%., وإلغاء رسم الوارد علي البضائع والمنتجات. فرحة كبيرة والواقع إن قرار الرئيس محمد مرسي, ومن قبله مشروع قانون عودة المنطقة الحرة كما يراه محمود فؤاد أمين عام ائتلاف التجار بالمحافظة- قد أدي إلي فرحة كبيرة في أوساط الشارع البورسعيدي بشكل عام, والتجار بشكل خاص, لاسيما أن المدينة تعيش علي التجارة بشكل رئيسي, وهي ليست بلدا صناعيا ولا زراعيا, كما أنه يحذف30 سنة من التهميش الذي عاناه شعب بورسعيد في ظل النظام السابق, حيث شهدت المحافظة في السنوات العشر الأخيرة حالة من الفقر, والبطالة بعد صدور القانون رقم5 لسنة2002 والذي تم بموجبه إلغاء المنطقة الحرة-, فانخفضت معه الحصة الاستيرادية للمحافظة من322 مليون جنيه علي45 مليون جنيه, مما كان له أثر سيئ علي المواطن والتاجر البورسعيدي, كما أن فتح باب الاستيراد برسم الوارد قد أسهم في تدمير المدينة تجاريا, وإصابتها بالشلل الاقتصادي, وأضاع علي الخزانة العامة للدولة مليارات الجنيهات, مشيرا إلي أن80% من أبناء المحافظة يعتمدون في أرزاقهم علي التجارة. تكثيف الرقابة والحال هذه, فإن أحد تجار بورسعيد- رفض ذكر اسمه- أن الحركة التجارية قد انخفضت إلي نحو20% خلال الفترة الماضية, بسبب المذبحة التي شهدها استاد بورسعيد, إلي جانب الامتحانات, والانتخابات الرئاسية, مشيرا إلي أن مد العمل بنظام المنطقة الحرة يزيد الأغنياء غني, والفقراء فقرا, وأن الحصص الاستيرادية يستفيد منها البعض, عن طريق بيعها للتجار في مقابل مبالغ مالية سنوية, مشيرا إلي أن البطاقات الاستيرادية تحولت إلي تجارة مربحة للبعض, ممن يقومون بإصدار سجل تجاري وبطاقة ضريبية والاشتراك في التأمينات, ثم يبيعونها للتجار, ومن ثم فقد حان الوقت لتجريم بيع البطاقات الاستيرادية, وإحكام الرقابة علي المنافذ لمنع تهريب السلع الواردة من الخارج دون سداد الرسوم المستحقة عليها.