«اللياقة الصحية» تستبعد مرشحة من انتخابات النواب بحكم من القضاء الإداري (تفاصيل)    المشاط: التعداد الاقتصادي يسهم في قياس معدلات النمو والإنتاجية وتوجيه الاستثمارات للقطاعات ذات الأولوية    محافظ المنيا: إزالة 1709 حالة تعدٍ على أراضي الدولة والزراعية خلال الموجة ال27    الأمم المتحدة تدعو إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في الفاشر    استمرار دخول شاحنات المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر رفح    السيسي يتسلم أوراق اعتماد 23 سفيرا جديدا لدى مصر ويؤكد تقديم كافة سبل الدعم والمساندة اللازمة    ماذا دار بين حكام غرفة ال «VAR» في الكلاسيكو؟ تقارير تكشف    جاهزية نجم اتحاد جدة لمواجهة النصر    مدرب برشلونة: أجواء برنابيو أربكت يامال وغياب ليفاندوفسكي أثّر على الفريق    «ده تهريج».. تعليق ناري من شوبير على أزمة دونجا قبل السوبر    «الداخلية»: ضبط سيدة تعدّت بالضرب على طفلين بالغربية ووثقت الواقعة بالفيديو    «الداخلية» تضبط شخصًا بتهمة ارتكاب أعمالًا منافية للآداب أمام سيدة بالإسكندرية    «أكثر 100 ألف قطعة أثرية».. موعد افتتاح المتحف المصري الكبير 2025 وأسعار التذاكر    مسلسل محمد سلام الجديد.. قصة وأبطال «كارثة طبيعية»    4 أساسيات للانش بوكس المثالي للمدرسة.. لفطار رايق وصحي    طريقة عمل شاي اللاتيه بمذاق ناعم    3 مصابين في انهيار داخلي لعقار بمنطقة العصافرة في الإسكندرية.. والمحافظ يتابع الحادث    وزيرا الزراعة والشؤون النيابية يواصلان الحوار المجتمعى حول التعديل التشريعى    ترامب: نقترب من اتفاق مع كوريا الجنوبية وأتوقع تحسنا فى العلاقات مع الصين    عاجل بالصور الصحة: إنقاذ ناجح لسائحة إسبانية أصيبت داخل هرم سنفرو المنحني بدهشور    علاج 1674 مواطنا بقافلة طبية بالشرقية    أرمينيا: انطلاق فعاليات منتدى التواصل السياحي العالمي «ربط الشعوب والأماكن والرؤى»    كيف يمكن الحصول على لقاح الأنفلونزا؟ وزارة الصحة تجيب    ترامب يصل طوكيو في مستهل زيارته لليابان    بكم طن عز الآن؟ سعر الحديد اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025 محليا و أرض المصنع    حالة الطقس.. الأرصاد تكشف حقيقه تعرض القاهرة الكبرى لأمطار خلال ساعات    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 3817 قضية سرقة كهرباء ومخالفة لشروط التعاقد خلال 24 ساعة    تأجيل محاكمة 24 متهما بالإنضمام لجماعة الأخوان الإرهابية لمرافعة النيابة العامة    شيخ الأزهر في القمة العالمية للسلام بروما: لا سلام بالشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية    وزيرة التضامن تلتقي المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب    أسعار الفراخ اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    تخصيص جزء من طابور الصباح لتعريف طلاب القاهرة بالمتحف المصري الكبير    الشاطر يتذيل شباك تذاكر إيرادات السينما الأحد.. كم حقق في 24 ساعة؟    السياحة الأردنية: المتحف المصرى الكبير صرح حضارى يعزز السياحة ويجذب العالم لمصر    شيخ الأزهر: الحروب العبثية كشفت انهيار النظام الأخلاقي في العالم    عضو اتحاد الكرة السابق ينشر خطاب العقوبات على لاعبي الزمالك في أزمة السوبر المصري    رضا عبد العال: السوبر سيكون الاختبار الحقيقي لتوروب مع الأهلي    التعداد الاقتصادي السادس.. الإحصاء: 3.858 مليون منشأة تعمل في مصر بزيادة 3.1% خلال عام 2022-2023    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    دعاء الحج والعمرة.. أدعية قصيرة ومستحبة للحجاج والمعتمرين هذا العام    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" ب5 مدن    متحدث الأوقاف: «مسابقة الأئمة النجباء» نقلة نوعية في تطوير الخطاب الديني    ضبط 6 أشخاص أثناء التنقيب عن الآثار داخل عقار في المرج    ترامب يحذر الحوامل مجددًا| لا تستخدمن دواء "تايلينول" إلا للضرورة القصوى    وزارة العمل تنشر نتائج حملات تفتيش على 721 منشآة    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    وزير الخارجية يبحث مع نظرائه في فرنسا واليونان والسعودية والأردن تطورات الأوضاع    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في بورسعيد    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 27اكتوبر 2025 فى المنيا    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    فريدة سيف النصر تعلن تفاصيل عزاء شقيقها اليوم    أول أيام الصيام فلكيًا.. متى يبدأ شهر رمضان 2026؟    الأمم المتحدة تطالب بممر آمن للمدنيين المرعوبين فى مدينة الفاشر السودانية    إسرائيل تنسحب من منطقة البحث عن جثث المحتجزين في غزة    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    «عائلات تحت القبة».. مقاعد برلمانية ب«الوراثة»    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراما وثائقية بريطانية عن التنظيم ومقاتليه الأوروبيين
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 08 - 2017

منذ ظهر تنظيم «داعش» والتساؤلات حوله لا تتوقف. فخلال فترة وجيزة انضم إلى التنظيم آلاف من الأوروبيين، للعيش والقتال فى «دولة الخلافة» التى أعلنها كوسيلة لجذب الباحثين عن «فردوس مفقود» على الأرض. لم تنته ظاهرة «داعش» بعد، وتراجعها الحالى فى سوريا والعراق لم يمنع المخرج الدرامى- الوثائقى بيتر كوزمينسكى من محاولة فهم ظاهرة التنظيم الإرهابى والمنضمين إليه، عبر تتبع حكايات بريطانيين توجهوا للقتال فى صفوفه فى سوريا.
السؤال المحورى هو: لماذا ينضم هؤلاء الفتية والفتيات، الذين يعيشون فى الديمقراطيات الأوروبية، فى شروط اقتصادية واجتماعية وأمنية تعد من بين الأفضل على مستوى العالم، إلى تنظيم دينى-سياسى ينتمى للعصور الوسطى فى مقترباته وأفكاره وممارساته؟ ما هو عنصر الجذب الذى لم يضع الغرب يده عليه بعد لفهم ظاهرة «داعش»؟.
يحاول كوزمينسكي، وحوله فريق كبير من الباحثين المتخصصين فى الإسلام السياسى ومنطقة الشرق الأوسط، الرد على ذلك السؤال الصعب، وأسئلة أخرى، عبر عمل درامي وثائقى عن «داعش» تحت اسم «الدولة» لا يهدف إلى تمجيد «داعش» من ناحية أو إثارة الإسلاموفوبيا من ناحية أخرى كما يقول كوزمينسكى. وفى عرض تمهيدى للصحفيين حضرته «الأهرام»، تبدأ الدراما فى ليل أحد أيام عام 2015، و»داعش» ما زال فى مرحلة التمدد، بأربعة بريطانيين يتسللون من منازلهم فى منتصف الليل للتوجه فى رحلة صعبة وسرية إلى سوريا التى تمزقها الحرب. تنتهى الرحلة بهم فى تركيا، ومنها يعبرون الحدود إلى شمال سوريا.
الشخصيات الأربع الرئيسية هما شابان، جلال وزياد، وإمرأتان، اوشنا وشاكيرا. هذه الشخصيات تستند إلى حياة أشخاص حقيقيين توجهوا بالفعل إلى سوريا للعيش فى «دولة الخلافة» المتوهمة. وتتابع القصة الشخصيات الأساسية وهى تحاول التأقلم مع الحياة فى «دولة الخلافة». لكن الفكرة غير الواقع. فوحشية التنظيم سرعان ما تتضح للكثيرين، لكن لا مهرب الأن. فالخروج من «داعش» يعنى الموت. هذا العمل الدرامى لا يقوم على المزج بين الخيالى والحقيقى. ف «الدولة» هو عمل توثيقى بالأساس لظاهرة تطرف الأوروبيين. وهناك فريق كبير من المساعدين إلى جانب المخرج قاموا ببحث طويل ومعمق حول هؤلاء الذين انضموا إلى «داعش» وعادوا إلى أوروبا، أو من ظلوا فى سوريا وتحدث فريق العمل معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعى. بعبارة أخرى، «الدولة» عمل درامى وثائقى يريد أن ينقل بصدق، بقدر الإمكان، حقيقة هذه الشخصيات التى تركت أوروبا إلى الشرق الأوسط كى تعيش «فكرة خيالية» فى أذهانها.
ويقول كوزمينسكى إن العمل قائم على التمحيص والبحث الذى أجراه فريقه فى ظاهرة التطرف. وهو بهذا المعنى، أشبه ب«سيرة ذاتية» لهؤلاء الذين هربوا من أوروبا للقتال فى صفوف «داعش»، وإعترافاتهم قبل وبعد «داعش». فما الذى كشفته هذه الحوارات عن شخصيات هؤلاء الأوروبيين الذين يغادرون أوطانهم للقتال فى صفوف تنظيم دموى، وحشى لم يتورع عن أفدح الجرائم.
هناك عاملان متضادان يلعبان دوراً فى تجنيد وإغراء البعض وهما «الشعور بالاستبعاد» فى الغرب من ناحية، و«الإنتماء» لدائرة أوسع من ناحية أخرى وهى «الأمة الإسلامية». وبين هذين التضادين، وجد البعض من هؤلاء الشباب الأوروبى نفسه منجذباً لدعاية «داعش» عن «جنة عدن» وسط القتل والدماء. لكن ذلك الشعور بالانتماء يُكشف الغطاء عنه سريعاً مع بدء الضربات الصاروخية عليهم، والعنف ضد النساء، وتجنيد الأطفال، وقتل المخالفين. ويقول كوزمينسكى إن أصعب شئ كان تصوير حالة الغبطة والتلهف لهؤلاء الشباب المتجهين إلى مدينة الرقة السورية، عاصمة الخلافة المفترضة للتنظيم، موضحاً أن تصوير الجزء الأول على وجه الخصوص كان حساساً لأنه يمكن أن يفهم على أنه «دعاية» لأديولوجية «داعش». وما زاد الأمور صعوبة أنه خلال العمل، وقعت هجمات لندن الإرهابية الأخيرة. ووسط حالة الغضب والحزن الشعبى العام فى بريطانيا، أصبحت محاولة فهم ظاهرة «داعش» بعيون الذين انضموا للتنظيم، مصدر قلق لكوزمينسكى وفريقه. فمحاولة الفهم قد تبدو «تعاطفاً» مع الظاهرة. ويوضح كوزمينسكى «بعد هجمات لندن الأخيرة. أول ما خطر ببالي: يا إلهى لماذا حدث هذا».
ويوضح كوزمينسكى لعدد من الصحفيين الذين دعوا لمشاهدة العمل قبل بثه، إن أحد مخاوفه أن يؤدى «الدولة» إلى زيادة الإسلاموفوبيا المنتشرة فى الغرب أصلاً بسبب الهجمات الإرهابية على مدار السنوات الثلاث الماضية التى تورطت فيها عناصر من التنظيم، أو أعلن التنظيم مسئوليته عنها لاحقاً. ويتابع: «خلال العمل، كان أكثر تساؤلا حاضرا فى ذهنى هو: هل سيزيد ذلك العمل الدرامى العداء للإسلام. فهذا أخر شئ أريده». لكن هذا العمل ليس عن الإسلام. وما ترفضه بعض الشخصيات فى نهايته عندما تتكشف لها حقيقة «دولة الخلافة» ليس «الدين»، لكن «داعش» وممارساته الوحشية. فالإسلام كدين، لم يُناقش فى ذلك العمل. فما تقوم به «داعش» ليس إسلامياً فى شئ. وقد دمر التنظيم مجتمعين إسلاميين فى العراق وسوريا. أما هؤلاء الذين إنضموا ل»داعش» فهم أيضا ليسوا مجرد مجانين. فالجنون وحده لا يفسر تلك الظاهرة المعقدة. والعمل كله محاولة لإزالة التبسيط عن الظاهرة، وفهم التركيبة النفسية والعقائدية والشخصية والاجتماعية لهؤلاء الذين ينضمون إلى «داعش».
ويلاحظ كوزمينسكى عبر البحث الطويل والمضنى الذى أجراه هو وفريقه على عناصر «داعش»، الذين عادوا للغرب ومسجونين حالياً والذين ما زالوا فى سوريا والعراق، أن إجابتهم على سؤال: لماذا توجهوا للعيش فى «دولة الخلافة»، تتضمن «الرغبة فى الحياة»، وليس الموت، على عكس ربما ما هو سائد. فالذين توجهوا إلى الرقة فى سوريا أو الموصل فى العراق، لم يذهبوا هناك لأسباب دينية. بل لأسباب اقتصادية واجتماعية بالأساس. وهذه النتيجة تنسجم مع دراسة جديدة قام بها مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب عن ظاهرة داعش. ووفقاً لنتائج الدراسة، فإن هؤلاء الذين يتوجهون للعيش والقتال إلى جانب التنظيم «لا يفهمون شيئاً عن الإسلام... إنهم يفتقرون إلى الفهم الأساسى والحقيقى للجهاد فى العقيدة الإسلامية».
وتوضح الدراسة، التى أجريت بعد مقابلات مع 43 شخصاً، من بينهم 12 شخصاً عادوا إلى بلدانهم الأصلية فى أوروبا، أن غالبية العناصر الذين التحقوا ب «داعش» لديهم معرفة دينية سطحية، و«بعضهم لا يعرف حتى كيفية الصلاة على نحو صحيح». وخلال المقابلات، قال عناصر «داعش» إنهم لم يذهبوا إلى سوريا كى «يكونوا إرهابيين»، بل لتحقيق نوع من الحياة لم يستطيعوا أن يحققوه فى أوطانهم الأصلية. ووفقاً لمعلومات دراسة الأمم المتحدة، فإن هؤلاء يعانون حرماناً اقتصادياً وتعليمياً. وبعضهم عاطل عن العمل ومهمش اجتماعياً وسياسياً. وتخلص الدراسة إلى أن «الاعتقاد الدينى يؤدى دوراً ضئيلاً» فى تحفيز هؤلاء الشباب على الانضمام للمنظمات الإرهابية، فيما يلعب العامل الاقتصادى دوراً أكبر، بسبب وعود «داعش» الواضحة والصريحة لهؤلاء الشباب بالرواتب الكبيرة والمنازل والزوجات. ومن المؤكد أن «الدولة» سوف تثير ردود فعل متباينة فى بريطانيا عند عرضه العالمى على قناة «ناشونال جيوجرافيك» فى سبتمبر المقبل.
فى النهاية ليس لدى كوزمينسكى رد مباشر على سؤال: لماذا انضممت إلى داعش؟. فالسؤال معقد جداً. أعقد كثيراً مما يبدو للوهلة الأولى. والعمل الدرامى- الوثائقى يهدف إلى إيصال الصورة عبر شهادات هؤلاء الذين اعتقدوا أن «الخلافة» المتوهمة هى حل لكل مشاكلهم العديدة فى الغرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.