* الدستور مهد الطريق أمام شباب مصر وعلمائها وكفل حرية الابداع والابتكار * مصر تنتظر استثمارات المجتمع المدنى والقطاع الخاص ورجال الأعمال فى البحث العلمى والتكنولوجى * أطالب الحكومة بمضاعفة الجهود وتقديم كل العون لعلماء مصر وشبابها المبدع
الرئيس يقرر: * زيادة عدد جوائز الدولة فى جميع المجالات ومضاعفة قيمها المالية * أربع جوائز جديدة للابتكار تخصص للشباب قيمتها مليون جنيه
شهد الرئيس عبد الفتاح السيسى أمس الاحتفال بعيد العلم، بحضور رئيسى مجلس النواب و مجلس الوزراء، وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، وقداسة بابا الإسكندرية وبطريريك الكرازة المرقسية، وعدد من الوزراء وكبار المسئولين، فضلاً عن عدد من كبار العلماء ورؤساء الجامعات والمعاهد البحثية والشخصيات العامة وشباب الباحثين والمتفوقين. وقد شاهد الرئيس فيلماً تسجيلياً فى بداية الاحتفال عن البحث العلمى وبنك المعرفة، كما استمع إلى كلمة كل من الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمي، والدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، اللذين استعرضا خلالها جهود تطوير التعليم الجامعى وما قبل الجامعى ومنظومة البحث العلمي، وأشادا بحرص القيادة السياسية على إحياء الاحتفال بعيد العلم بعد توقف، وما يعكسه ذلك من إرادة لتكريس قيمة العلم والبحث العلمى فى مصر. كما تسلم السيد الرئيس «درع عيد العلم» من السيد وزير التعليم العالى والبحث العلمي. وقد قام الرئيس بتكريم علماء مصر الفائزين بجوائز النيل، وجوائز الدولة التقديرية والتشجيعية والدولة للتفوق، كما قام سيادته بتكريم أوائل الجامعات والثانوية العامة والدبلومات الفنية ومنحهم أنواط الامتياز.
وألقى الرئيس كلمة فى هذه المناسبة فيما يلى نصها: «علماء مصر الأجلاء، شباب مصر النابغ، السيدات والسادة.. أتوجه لكم «اليوم»، فى عيد العلم، باسمى وباسم الشعب المصري، برسالة تقدير وأمل.. فأمّا التقدير فلعطائكم وجهدكم وإخلاصكم فى تعلُّم وتعليم المعرفة والعلم، وأمّا الأمل ففيما تنتظره منكم بلادكم من مزيد من الجهد والعمل والإبداع، لسد الفجوة بين قصور الواقع وطموح الآمال. لقد كانت مصر، منذ فجر الحضارة الإنسانية، مهداً لفكرة العلم ذاتها، وعلى أرضها المقدسة برع أجدادنا العظام فى إهداء العالم اختراعات وأفكار وفلسفات، مازال أثرها ينبض حياً فى كل ركن من أركان العالم، فتعددت الإسهامات المصرية فى جميع مجالات العلم، مثل الكتابة على ورق البردي، والرياضيات والهندسة والعمارة، والطب والجراحة والتشريح، والفلك وحساب الزمن، وغير ذلك مما يضيق المجال عن ذكره، ولكن تتسع له حتى يومنا هذا دراسات الباحثين، التى مازالت تتوالى فى علم المصريات، لاكتشاف ودراسة الأثر الخالد الذى أهداه هذا الوطن العظيم إلى البشرية بأجمعها. واليوم، نجد أنفسنا مطالبين أكثر من أى وقت مضي، بتجديد قيمة العلم والمعرفة فى حياتنا، واستلهام عظمة ماضينا، لبناء واقع جديد، لا يقل عما شيده أجدادنا وإنما يزيد عليه.. نجد أنفسنا أمام ضرورة حتمية، تقضى بأن يتبوأ العلم مكانته فى بلادنا، ويصبح على قمة هرم أولوياتنا ومنظومتنا القِيَمِيَة، كثقافة ومنهج تفكير، وليس فقط كممارسة عملية. وفى هذا السياق، فاسمحوا لى أن أتوجه إليكم جميعاً بالرسائل الآتية: عندما توليت المسئولية حرصتُ على الفور على الالتقاء بشباب المبتكرين، ثم بأعضاء أكاديمية الشباب المصرية للعلوم، ثم عقدنا عيد العلم بعد توقف، واستمرت لقاءاتى بصفة مستمرة بالقائمين على البحث العلمى وقياداته وعلماء مصر فى الداخل والخارج، للاستماع لهم، والاهتداء بآرائهم ونتائج أبحاثهم فى كيفية تطوير هذا الوطن وتحقيق تطلعات شعبه العظيم.. وفى كل ما سبق، فإن الرسالة كانت دائماً إن الدولة تعى تماماً دور العلم والعلماء، وحريصة كل الحرص على تكريم علمائها الذين أفنوا حياتهم فى خدمة هذا الوطن، والاستفادة من علمهم وخبراتهم. ثانياً، إننا نؤمن بأن العلم والتكنولوجيا والإنتاج هى مكونات أساسية فى عملية التنمية الشاملة، فالعلم هو أساس التكنولوجيا، والتكنولوجيا هى الركيزة الأهم للإنتاج، والإنتاج هو عصب التنمية وجوهرها، ولا يمكن لأمة تطمح فى مستقبل أفضل إلا أن تضع العلم الحديث فى مكانه المُستحَّق، إيماناً بأن هذا هو الطريق الأكثر فاعلية لتحقيق ما نصبو إليه من نمو اقتصادى مستدام، وتنمية اجتماعية شاملة. ثالثاً، إن الدستور مهد الطريق أمامكم، شباب مصر وعلماءها، فجعل التعليم حقاً للجميع، وكفل حرية البحث العلمي، وألزم الدولة برعاية الباحثين والمخترعين، وضمن حقوق الملكية الفكرية.. وقد قامت السلطة التنفيذية، وتقوم، بدعم جهود وأنشطة البحث العلمى باستمرار.. ففى السنوات الثلاث الأخيرة، زاد حجم الإنفاق الحكومى على البحث والتطوير من 11.8 مليار جنيه، إلى 17.5 مليار جنيه بزيادة قدرها 47 %، وذلك بخلاف الدعم المباشر الموجه لبعض المشروعات القومية التى تدعم منظومة البحث العلمى فى مصر، مثل مشروع بنك المعرفة، ومشروع مدينة زويل، والجامعة المصرية اليابانية. رابعاً، إن المجتمع المصرى فى أمس الحاجة لمخرجات علمية وتكنولوجية جديدة ومتطورة، فى مجالات الصحة والدواء، والزراعة والغذاء، والبتروكيماويات، والفضاء والسيارات والطاقة البديلة بجميع أنواعها، ومعالجة المياه وتحليتها، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ولذلك فإن مصر تنتظر الكثير من مؤسسات المجتمع المدنى والقطاع الخاص ورجال الاستثمار والأعمال، لتوجيه مزيد من الاستثمارات فى مجالات البحث العلمى والتكنولوجي، وأن يكون للبحث العلمى نصيب معتبر من مسئوليتهم المجتمعية، وعلى الحكومة إيجاد وسائل للربط بين المؤسسات العلمية والبحثية من ناحية، والمؤسسات الإنتاجية على الناحية الأخري، بما يعزز التطور التكنولوجى فى جميع أرجاء مصر، ويحقق التكامل بين جميع قدرات الدولة. السيدات والسادة، شعب مصر العظيم، إن مصر وهى تكرم علماءها، فإنها تقدم النموذج والقدوة لشباب الباحثين والمبتكرين، وتطالبهم بأن يدركوا أن الغد أشد بأساً من الأمس، وأن شعبهم ينظر إليهم نظرة إجلال وأمل، للتفاعل مع أدوات العصر والتمكن منها، وتطويعها لصناعة مستقبل أفضل لهذا الوطن. ولذلك، فإننى أطالب الحكومة، بمضاعفة الجهود والتفانى فى تقديم كل العون لعلماء مصر الأجلاء وشبابها المبدع.. وفى هذا السياق، فقد قررت ما يلي: أولاً: قيام وزارة التعليم العالى والبحث العلمى بإنشاء صندوق لرعاية المبتكرين والنوابغ من الشباب والنشء، يشارك فيه القطاع الخاص والمجتمع المدنى بجزء من موازنتهم المخصصة للمسئولية المجتمعية، على أن يتولى هذا الصندوق أيضاً دعم إنشاء المدينة المصرية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار بالعاصمة الإدارية الجديدة. ثانياً: قيام السيد وزير التعليم العالى والبحث العلمى باتخاذ الإجراءات اللازمة لزيادة عدد الجوائز التى تمنحها الدولة فى المجالات كافة، ومضاعفة قيمها المالية. ثالثاً: إنشاء أربع جوائز جديدة للابتكار فى مجالات الزراعة والغذاء، والصحة والدواء، والطاقة والمياه والصناعة، تخصص لشباب المبتكرين، على أن تكون قيمة الجائزة 250 ألف جنيه، وأن يتم بدء العمل بذلك اعتباراً من إعلان جوائز هذا العام. وفى الختام، أتوجه بكل التحية والتقدير والاحترام لعلماء مصر وشبابها من المبدعين والمخترعين والباحثين.. أقول لكم لا تدخروا طاقة ولا جهداً فى سبيل رفعة هذا الوطن وتنميته وتطويره، واعلموا أن الدولة والشعب بأسره ينتظرا منكم ملاحقة التطور العلمى والتكنولوجي، والمساهمة الفاعلة فى بناء حضارة مصرية جديدة، تستلهم حضارة الأمس وتتفوق عليها. أشكركم، وكل عام وأنتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.