ابتداءً.. أسجل إشادتى بهذا التشكيل المهيب الذى يعكس بعضويته قدرة مصر على خوض هذا المعترك وبرئاسته على الاهتمام التام والكامل بضرورة الانتصار فيه. وأسجل تحيتى لكل عضو مع إشفاقى من ثقل المهمة ومن حتمية الانتصار فيها مستأذنا فى بعض الملاحظات. وأبدأ بالتسمية فالتطرف (رغم انها تسمية ملتبسة فقد يتطرف الانسان فى تدين صحيح) يسبق الإرهاب. فالإرهاب يبدأ فكرا. ثم آتى إلى التشكيل، ولأن المسألة تبدو مفعمة بالإحراج فسوف أكتفى بإشارات مغلفة بالحذر والمحاذرة، وأقترح ودون تعليلات ضم وزير الثقافة والأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة إلى التشكيل، ثم أخوض بحر الشوك، وأقترح تعزيز الوجود المسيحي. فهل نسينا أم تناسينا أن جرح الإرهاب يأتى كثير منه إلى القلب المسيحي، وإذا كانت مهابة التكوين الذى ضم قامات دينية اسلامية مهيبة تمنع تمثيلا كنسيا متوسط القامة، فلماذا نكتفى بشاب مسيحى هو ممتاز ويستحق عن جدارة ولماذا لا نضيف اثنين أو ثلاثة من المفكرين والمثقفين المسيحيين، وهم كثيرون ويستحقون؟، ومصر تستحق أن تنصت إلى أفكارهم. ثم آتى بعد ذلك إلى مسارات العمل. وأبدأ بأن المهمة صعبة جدا وممتدة زمانًا ومكانًا، ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا فهى تمتد من بدايات التعلم لتمتد حتى ما بعد التخرج. وأضرب مثالًا بسيطًا ففى أولى خطا الطفل فى المرحلة الابتدائية يؤمر بحفظ آيات من القرآن الكريم، ويصمم مصممو المناهج على اختيار قصار السور، لكن الكثير منها صعب الفهم على العقل الصغير وحتى الكبير فى حالات عديدة مثل «الوسواس» الخناس الذى يوسوس فى صدور الناسس يؤمر الطفل بحفظ ما لا يفهم فيعتاد على الالتزام بما لا يفهم، والخضوع لرأى المدرس، فلماذا لا يخضع لرأى الأمير المتأسلم دون أن يفهم أو يتردد، ألسنا نحن الذين ربيناه على ذلك؟ ومن ثم فلابد من إعادة النظر فى تصميم المناهج الدراسية من بداياتها. والمناهج الأزهرية تحتاج إلى رؤية جديدة أتجاسر فأقول ألا تلتزم بالنص المنسوب للفقهاء الأربعة الكبار وتابعيهم وتابعى تابعيهم، ذلك أن الفقهاء العظام قد حذرونا من ذلك.. واذكركم بأقوال لهؤلاء العظام كلامنا هذا رأي، فمن كان لديه أفضل منه فليأت به أبوحنيفة ورأينا صوابا يحتمل الخطأ ورأى غيرنا خطأ يحتمل الصواب الشافعي وكل يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر الإمام أحمد، مشيرا إلى قبر الرسول الكريم. واذكركم بواقعة مدى مشروعية الطلاق الشفوى والعودة دون احتراز إلى النصوص المصمتة للعظام الاربعة، ناسين تغير الزمان والمكان، ومتناسين أن الزواج أيامهم لم يكن مكتوبا بل يقوم وفقط بالاشهار. فلماذا يفرض علينا أن يكون الطلاق الشفوى بالوقوع وليس بالإشهار؟ وأعرف أن شيوخًا عظامًا فى الأزهر الشريف سيغضبون من القول بالمساس بفتاوى العظام الأربعة ويؤكدون وأنها أبديًا زمانًا ومكانًا، رغم أن الشافعى غير فقهه إذ أتى لمصر ملتزمًا بأعراف وأوضاع المصريين. وأن الإمام القرافى قد حذر من الافتاء للغرباء إلا إذا سألوا المستفتى هل كان لهم عرف عن ذلك فى بلدهم؟ وعلينا من المحاذرة فى التعامل مع القوى والشخصيات السلفية المتأسلمة وأن نفند بقوة معرفية ناضجة «أقوالهم سواء فى موضوع «الحاكمية» أو «تحديد النسل» أو «الموقف من الوطن» والأهم موقفهم من الإخوة الأقباط وكنائسهم- وعلينا ألا نخضع إلى أى محاولات يبتدعونها للحصول على فرصة تقديم أنفسهم كدعاة صالحين للادعاء بأن تأسلمهم مقبول ولو بأقل قدر وكمثال صارخ السماح لأحدهم بخطبة الجمعة فى مسجد بالإسكندرية، فهذا معناه القول بأنه يمتلك القول بما هو صحيح فى الإسلام، بينما هو بعد ذلك يصرخ بتأسلم صارخ تجاه الاخوة المسيحيين وتجاه كنائسهم.. فكيف نقبل بذلك؟ وماذا ستكون ردود الأفعال المسيحية؟ كذلك يتطلب الأمر إعمال القانون بلا تمييز وألا نسمح للمسئولين المحليين بالسكوت إزاء أى محاولات للاعتداء على حقوق المسيحيين فى العبادة بدعوى عدم استثارة المشكلات فتكون النتيجة إشعال مشاعر يجب ألا نسمح باشتعالها، والايحاء بأن القانون عاجز عن الفعل والتفعيل، فإذا لم يكن الأمن قادرًا على حماية الحقوق التى كفلها الدستور والقانون فى حرية العبادة فى دور العبادة، فكيف تتحقق استقامة العلاقات ومكافحة الإرهاب وإيقاف أمواج التطرف؟ وكيف سيمكن أن يتمكن اليقين لكل مصرى أن الدستور هو السيد وأن القانون مطاع وواجب النفاذ.. ويتطلب هذا الأمر حزمًا وعقابًا صارمًا لأى مسئول محلى تخاذل أو حتى افتعل ما قد يوحى بأن الدولة ضعيفة أو غير قادرة أو غير رافضة لذلك؟ أرأيتم يا سادتى الأعزاء أن الأمر ليس سهلا، وأنه يتطلب منكم جهدًا وحزمًا ورؤية شاملة ومتكاملة. وآتى بعد ذلك إلى كيفية التواصل مع هذه المهمة العاجلة والضرورية. فأقول أن الأمر يتطلب البدء فورًا ولكن لا تحاولوا البحث أو توقع نتائج سريعة. وسيادة الرئيس اعتاد أن يطلب سرعة الفعل والإنجاز. سرعة الفعل نعم ولكن النتائج ستأتى وإنما ليس بسرعة. فما يتحقق تاريخيًا لا يتغير إلا تاريخيًا. خاصة إذا كانت التراكمات قد تلامست مع المكون الفكرى والنفسى لجماهير من البسطاء، الذين اعتادوا على طاعة التهويمات المتأسلمة التى تدعى أن التأسلم هو إنفاذ لرسالة السماء، بينما هذا التأسلم رسالة شيطانية بعيدة تمامًا عن صحيح الإسلام. وحذار من التآمر المعادى الآتى من الخارج، والمستند إلى المندسين فى الداخل، والذين يتمولون من العدو الخارجى فيصبحون أدوات مأجورة تسعى نحو التفريق والادعاء بضرورة التمييز والتمايز. والعدو الخارجى وعملاء الداخل يراهنون على تفتيت وحدتنا كمصريين لحماية مصر ومستقبلها وحماية تطلعاتنا نحو وطن مستقر يوظف استقراره لبناء مصر قوية، أبية، تستعصى على التفتيت وتنهض نحو مستقبل مشرق لمصر المدنية الديمقراطية الناهضة فى ظلال مصرية المذاق، مصرية التوجه.. وفقكم الله وحماكم من كيد الخصوم والخائفين فلا مجال هنا للخوف أو التردد أو المماحكة.. وسيحفظ لكم التاريخ ما ستفعلونه لإنهاض وطنكم وحماية شعبكم.. وسيؤرخ قيام لجنتكم كخطوة مفصلية فى بناء مصر. ودمتم جميعًا رئيسًا وأعضاء ومساندين لكم.. وإلى الإمام. لمزيد من مقالات د. رفعت السعيد;