إذا افترضنا أنه قد صدر بالفعل القانون المأمول بتجريم إخفاء الهوية، عن طريق النقاب أو اللثام أو غيرهما، حماية للأمن العام، فمن المؤكد أن هناك صعوبات كثيرة ومقاومة عنيدة سوف تحول دون تنفيذه فورا، بالذات فيما يتعلق بنقاب النساء، خاصة بعد سنوات طويلة من تقاعس الدولة وتواطؤ الكثيرين، حتى من المثقفين اليساريين والليبراليين، على التهاون مع المغالطات الدينية التى تجيز، بل تحث على ارتداء النساء النقاب، والتى وصلت إلى وجوب فرضه، حتى توارت تفسيرات الأزهر الشريف بأن النقاب عادة وليس عبادة! ومما يساعد على تعقيد القضية أن آخرين، بعضهم أيضاً من شيوخ الأزهر، لايزالون يُصرّون على فرض النقاب، ويُجاز لهم أن ينادوا بهذا من فوق منابر المساجد الخاضعة لوزارة الأوقاف، ومن على شاشات تليفزيون الدولة، ناهيك عن الفضائيات التى لا تعرف أصلها من فصلها ولا من يموّلها ولا أغراضه! وهم من الكثرة التى تعطى انطباعاً بأنهم الأغلبية الساحقة! فإذا كانت حرية التعبير فى إطار القانون مكفولة، فلماذا لا يُتاح نفس القدر من الحرية لمن يعارضون؟! وهل يدخل فى إطار القانون أن يُوصِم دعاةُ النقاب رافضيه بالكفر؟ لقد تجاوزت القضية حدود ترف المناقشات إلى مخاطر جمة تتعلق بالأمن العام وأمن المواطنين، مع تعاظم ظاهرة الجرائم المتعددة، التى تصل إلى القتل، وإلى الاعتداء على قوات الدولة من جيش وشرطة، تحت ستار إخفاء الهوية بالنقاب أو باللثام، ولم يعد هنالك فكاك من إصدار قانون يفرض الإفصاح عن الهوية عند مغادرة المنزل. ولتكن البداية فى دواوين الحكومة والجامعات والمدارس والمستشفيات وما فى حكمها. ولا يجوز التمحك فى مبدأ الحرية الشخصية، فقد أصابت جامعة القاهرة بمنع موضة ارتداء البنطلون المُمزَّق لأنه يجافى الذوق العام، ولم تعتبرها حرية شخصية، كما أن المجتمعات المتحضرة، من غير الأغلبية المسلمة، التى تُجرِّم النقاب أو تسعى إلى تجريمه لأسباب أمنية، هى فى نفس الوقت التى تُجرِّم التعرى فى الطريق العام وتفرض غرامات على ارتداء المايوه بعيداً عن الشواطئ. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب